سألتك، فاحذر أن تخيب سائلا |
متى يجد المحروم فـي النـاس واصـلا |
قضينا الصبا في محنةٍ إثر محنةٍ |
فيا قلب هل ترجو من الشيب طائـلا؟ |
سعينا وراء المال ضناً بعرضنا |
لندرأ عنه والغاً فيه واغلا |
فلم نجـن إلا الشـوك يدمـي بناننـا |
ولم نلق إلا العسر يوقر كاهلا |
ولو نحن أملناه للبذخ سلماً |
لما خذل الحظ المشاكس آملا |
عجبت لمـن يغـرى بمـا هـو زائـلٌ |
وليس ليستهويـه مـا ليـس زائـلا |
إذا مر بالدينار طارت عيونه |
وإما دعاه المجد أعرض غافلا |
متى ينقضي ليلٌ رماني بجنه |
جحافل تتلو في الظلام جحافلا |
غرقت به خمسين حولاً ولم أزل |
أصارعه إلا من الصبر عاطلا |
ولدت، ورجلـي في الحديـد حبيسـةٌ |
فكيف – على ضعفي – أقد السلاسلا؟ |
تهاجمني الأقـدار مـن كـل جانـبٍ |
وتقذفني الأنوار بحراً وساحلا |
تناءت عن العـين الديـار، ولم تـزل |
منازلها بين الضلوع نوازلا |
أحن إليهـا مـلء روحـي نواضـراً |
وأحنو عليهـا مـلء قلـبي ذوابـلا |
لكم غرني برقٌ، فلما رعيته |
ندمت على أني رعيت مخاتلا |
بلادي، مهما أنكرتني عزيزةٌ |
ويكذب من يرجو مـن الحـب نائـلا |
يقول عذولي، وهـو يشهـد حرقـتي |
ويعلم أني لسـت في الوجـد هـازلا |
ضللت طريق الرشد يا صاح… إنـني |
عجبت لمقتولٍ يبارك قاتلا |
هي الأرض للإنسان، أنى توجهت |
مطاياه… لا تجعـل عليهـا فواصـلا |
فقلت، وقد ثـارت كوامـن ثورتـي |
قطعت لساني أن تجدني مجاملا |
ثقيلٌ علـى نفسـي حديـث مكابـرٍ |
فكيف إذا كان المكابر باقلا؟ |
إذا كان حب الـدار جهـلاً وغفلـةً |
فيا واسع الآفاق دعني جاهلا |
أحب جميـع النـاس، أمـا عشيرتـي |
فأولى… وإلا كان حبي باطلا |
* * * |
ويا شاعـراً صـاغ النجـوم قوافيـاً |
وطوقني بالزهر ريان خاضلا |
أثرت غـروري… والغـرور رذيلـةٌ |
فكيف أجازي مـن يثـير الرذائـلا؟ |
أقول لـه لا فض فـوك، ولا سعـت |
إليك صروف الدهر إلا زوائلا |
أشدت بذكري فارتفعت مكانةً |
ولولاك لم أبرح مكاني خاملا |
سأسعى لكي أحتـل حيـث وضعتـني |
وأسقي العطاشى مـن جميـلك وابـلا |
فإن طاش سهمـي، لا تلمـني، فإنـني |
أعيش غريب القلب في بـرج بابـلا |