| القَرُّ يَجْلِدُه صَباحَ مَساءَ |
| والشَمْسُ تُمْطِرُه لَظًى وعَناءَ |
| وعلى ملاَمِحه تَرِفُّ عُبوسةٌ |
| كَتبَ النُعاسُ خطوطَها الصَفْراءَ |
| يَرْنو إلى الدُنيا بمُقْلَة قَشْعَمٍ |
| ويَضمُّ بَيْن ضَلُوعِه وَرْقاءَ |
| قَضَتِ الوَظيفةُ أنْ يَنامَ ضَميرُه |
| فقَسَا ولكنْ قَسْوةً زَيْفاءَ |
| مَسَخَتْه في الثوبِ المُشَرّط آلةً |
| صَمّاءَ، لكنْ لَمْ تَكُنْ صمّاءَ |
| أوَ ما ترى في مُقْلَتيْه – كلَّما |
| لَمَعَتْ عَصاه – دَمْعةً خَرْساءَ؟ |
| إنَّي لأخْجَلُ كلَّما أبْصَرْتُه |
| يُغْضي حَياءً أوْ يَدبُّ عَياءَ |
| وَتُغيم عَيْني كلَّما شاهَدْتُه |
| ذاوي الجُفونِ يُغالب الرَمْضاءَ |
| كَمْ سامَه ما لا يطيقُ رئيسُه |
| فانصاعَ، لكِن مُكْرَهاً مستاءَ |
| يُبدي الرُّضوخَ وفـي حنايـا صَـدْره |
| نارٌ تأجّجُ ثَوْرَةً حَمْراءَ |
| ولَكَمْ تحدّاه المُديرُ بأمْرِه |
| وبنَهْيِهِ فتَصنَّعَ الإغْضاءَ |
| يَمْشي إليه مُطْرِقاً مُتَهَيّباً |
| ويَغُورُ فيه دَمُ الحياةِ إباءَ |
| وَلَكَمْ تناوَله الرَّعاعُ بهُزْئِهم |
| فأشاحَ عَنْهم عِفَةً وسَخاءَ |
| حتَّى إذا فَرَغَتْ كِنانةُ كَيْدِهِم |
| نسيَ الأذى وَتنفَّس الصُعَداءَ |
| غَمَطَتْ قوانينُ البلاد جهادَه |
| وهْوَ الذي مَلأ البِلاد صَفاءَ |
| يَطْوي على نارِ الغَضَا أجْفانَه |
| لِيَرُدَّ عَنْ أجْفانها الأقْذاء |
| وَيزُجّ في شِِدْق المَهالِك نَفْسَه |
| لِيَصُدَّ عنها الفِتْنَة الرَعْناءَ |
| ويَشقّ تيّارَ الرَّصاصِ بِصَدْره |
| لِيَقي ضَعيفاً أوْ يجيبَ نِداءَ |
| مِنَنٌ يقومُ بها ولا يَرْجو على |
| أعمالِه أجْراً ولا إطراءَ |
| يا مُسْتهيناً بالحياة، مُجازِفاً |
| بالرُّوح يَبْذُلُها يَداً بَيْضاءَ |
| إرْفِقْ بنَفْسِك، فالحياةُ قصيرةٌ |
| وارحَمْ شَبابك، لا تُضِعْهُ هَباءَ |
| لا يَسْتَحقُ الناسُ أنْ تَفْنَى على |
| حَرَم الجهاد مُروءةً وعَطاءَ |
| في عشَّك الساجـي فِـراخٌ عَضَّهـم |
| نابُ الزَّمان ومَضّهمْ بَلْواءَ |
| يَتَرقَّبون أباهُمُ، وقُلوبُهم |
| وجْفَى، وأعْيُنُهم تَفيض رَجاءَ |
| إن يَرْقُدوا فعَلَى القَتـاد، وإن صَحَـوا |
| فعَلى أشدَّ مِنَ القَتاد بَلاءَ |
| يتراكَضون إلى لِقائك كلَّما |
| سَمِعوا خطًى وَتَوَهَّموا أصْداءَ |
| فحذَارِ ثمّ حَذَارِ أنْ تَقْضِي على |
| آمالِهم زُغْبَ الجَناحِ وِضاءَ |
| حَقُّ البنوّةِ في الشّرائِعِ ثابِتٌ |
| والعَدْلُ ألاّ تَرْكبَ الأهْواءَ |
| فاعصِ الرئيسَ إذا أرادك سُلَّماً |
| لِلْعَسْفِ، أو لِضَغينةٍ عَمْياءَ |
| وبِعِ الوَظيفة غَيْرَ آسٍ إنْ تَكُنْ |
| عُقْبَى الجهادِ شَهادةً جَوْفاءَ! |