شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
المـلاذُ الأمـين
إلى صاحب مجلة "الضَّاد" في عامها الستين
بَعْدَ يَوْمَين تَبْلُغُ الستينا
يا لَعُمْرٍ مَضَى جِهاداً أمينا
لَمْ تُضِعْ منـهُ فـي السَفاسِـف يَوْمـاً
كَمْ أديبٍ أضاعَ عُمْراً ثَمينا
خَصَّكَ اللهُ بالنَباهة والذَّوْق
وأعْطَى الحُطامَ للجاهِلينا
لَسْتُ أعْـزو لكَ الكَمـالَ، ولكـنْ
أيُّ شأنٍ لَعَثْرةِ الرِجْل حينا
أسْكَرَتْ راحُك الزَّكِيَةُ روحي
فتَرَكْتُ الرَّحيقَ للخامِلينا
يا صَديقـي بَنَيْـتَ للضـادِ حِصْنـاً
سَوْفَ يَبْقـى علـى الزَّمـانِ حَصَينـا
وجَدَتْ فيكَ لَوْذَعياً أريباً
في الدَّواهي، وألْمَعياً رَزينا
لَمْ تُهادِنْ خُصومَها أو تُمالئْ
في هَواها الخَنافسَ العابِثينا
يا صَديقي أثرْتَ نارَ حَنيني
فَجَرى الدَمْـعُ مِـنْ عُيونـي سَخينـا
لَيْسَ مِنْ طَبْعيَ البُكاءُ ولكِنْ
كَيْفَ أبقَى سجـينَ جَفْنِـي سَجينـا؟
صِلةُ الفِكْر بَيْنَنا والقَوافي
أيُّ قُرْبى أبْقَى وأنْقَى جَبينا؟
لو تَجَنَّى على أديبٍ شَقيقي
لم يَجِدْ منَّيَ الشَقيقَ المُعينا
السياساتُ لِلزّوالِ، وَيبْقى
الحُبُّ والشِّعْرُ والعُروبةُ فينا
كَمْ جَنيْنا مِنَ المتاعب شَهْداً
رُبَّ شَوْكٍ يُجاورُ الياسَمينا
جَمَعتْنا عَقيدةٌ وافْتَرقْنا
طُرُقاً في الحياة لا يَلْتقينا
أنتَ بالأهلِ في الديار مُحاطٌ
وأنا في النَّوَى أقاسي الحَنينا
كلَّما زِدْتُ غُرْبةً زادَ شَوْقي
كَيْفَ أُرضي في الصَدْر شَوْقـاً دَفينـا؟
لا جُذوري ولا فُروعي اسْتَقَرَّتْ
في مكانٍ.. فعِشْـتُ دهـري حَزينـا
ولدي في بلادهِ.. وأبوهُ
في بلادٍ يُعَدُّ فيها هَجينا
لم تُخالطْ بالمَنَّ زادي، ولكِنْ
نَظْرَةٌ تَجْرحُ الكرامةَ حينا
لا رَعَى اللهُ مَنْ يَعُقُّ تراباً
عاشَ في خَيْرهِ سِنينَ سنينا
غَيْرَ أني أبوسُهُ، وأُصلّي
لإلهي، ولو بَلَغْتُ المئينا
لُغَتي في مَسامعِ القَوْم لَغْوٌ
كَيْفَ يَغْـدو الجُمـانُ رَمْـلاً مُهينـا؟
لغةُ الفِكْر والحَضارةِ كانتْ
يَوْمَ كان التاريخُ بَعْدُ جَنينا
وستَبْقَى حديقةً تَملأُ العَيْنَ
وَحقْلاً يَبُشُّ للطارقينا
أخَذَتْ حَفْنَةً وأَعْطَتْ كَثيراً
بُوركَ الغيثُ يشمَلُّ العالمينا
قد تموتُ اللُّغـاتُ إنْ هـي أَعْطَـتْ
بِيَسارٍ ولَمْ تَمُدَّ اليَمينا
جَهلَتْ نِعْمَةَ التَواصلِ "عادٌ"
فطَواها الزَّمانُ دُنيا ودِينا
كُنْتُ بَيْنَ الطيور نَسْراً ولكنْ
قَدَري أنْ أصيرَ في الزاحفينا
لَمْ تَهُنْ كبرياءُ نَفْسي ولكنْ
قَطَعَ الجِسْمُ رِحْلةَ السَبْعينا
أكلَتْ بَعْضيَ الليالي وَبعْضٌ
بَعْثَرَتْهُ غَلْواءُ في العِشْرينا
* * *
يا صديقـي رسالـةُ الشِعْـر تَقْضـي
أن نُنيرَ الطَريقَ للضَّائِعينا
قُلْ لصُهْيونَ قَدْ صَبَرْنا ولكِنْ
سَنُصَفَّي الحسابَ في تِشْرينا
لا نريدُ السلامَ لا عَدلَ فيه
وسَلاماً نُريدُهُ لا كَمينا
أسَدُ الشام ساهرٌ في شَراهُ
فاحْذَروهُ، ولا تَمسُّوا العَرينا
حَلَبَ المَجْد لَسْـتُ أنْسـى صِحابـاً
فَتحوا لي قُلوبَهمْ مُحْتَفينا
ضَفَروا مِنْ بَيانهم ليَ تاجاً
خالداً هاجَ غَيْرةَ الخالدينا
لَسْتُ مَنْ يُنْكرُ الجميلَ فقَلْبي
يَلْتَقي عنده الخَدينُ الخَدينا
لَمْ يَخُنْ ذِمةً ولَمْ يَكُ إلاَّ
بالصَدَاقاتِ والصَّديقِ ضَنينا
سَوْفَ أبْقـى علـى الـوَلاءِ وتَبْقَـى
حَلَبٌ عِنْدي المَلاذَ الأمينا
 
طباعة

تعليق

 القراءات :448  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 611 من 665
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة الدكتورة عزيزة بنت عبد العزيز المانع

الأكاديمية والكاتبة والصحافية والأديبة المعروفة.