| أسْكَرْتَني ببَيانِك العَذْبِ |
| فلْيَسْعَ غَيْري لابْنَة العِنَبِ |
| يا شاعـرَ العاصـي اغْتَفِـرْ كَسلـي |
| ليسَ ارتيادُ النَّجْم مِنْ دَأبي |
| هاضَتْ جَناحي السافِياتُ فلا |
| تُرْهِقُ جَناح الشاعِر الوَصِبِ |
| أدْرِكْ أخاك، فقَدْ وَهَى جَلَدَاً |
| مِنْ يَعْتَصِمْ بالحُرَّ لَمْ يَخِبِ |
| أنا مِنْ يخَاف خَريرَ ساقيةٍ |
| أنّى أغوصُ ببَحْرك اللَّجِبِ؟ |
| جارَت على قَلَمـي النَّـوى، وَجَنَـتْ |
| مِنْ حَيْث لا تَدْري، على أدبي |
| أغْفُو وفي سَمْعي رَطَانَتُها |
| وتَشيع في حَزَني وفي طَرَبي |
| لولا هَوَى غَلْواء يَدْفَعُني |
| للشِعْر، لَمْ أرْبط به نسَبي |
| هذي المجاني مِنْ حَديقتها |
| لَوْ لَـمْ تَطِـبْ غَلْـواءُ لَـمْ تَطِـبِ |
| أصْبو إلى وَطَني، وأحْمِلُه |
| في القَلْب، في العَيْنَيْن، في العَصَبِ |
| هَيْهاتَ يَعْرفِ قَدْرَ مَوْطِنِه |
| مَنْ لَمْ يُفَارِقْهُ، ويَغْتَربِ |
| إيوانُ كِسْرى في مَهابَتِه |
| لا أشْتريه بكوخِه الخَربِ |
| لي فيه ألفُ أخٍ أصُدُّ بِهِمْ |
| ما اشْتَـدّ أو مـا ارْبَـدّ مِـنْ نُـوَبِ |
| يتنافسون حَمِيّةً ونَدَىً |
| إنَّ الكواكبَ إخوْةُ الشُهُبِ |
| لَمْ أنْسَ بالميماس سَهْرَتَنا |
| في نُخْبةٍ مِنْ فِتْية العَرَب |
| تَزْهو نِهاد الشِعْر بَيْنَهُم |
| قَمَراً يجرُّ مطارِفَ القَصَب |
| إنْ أنْشَدَتْ هزّتْ جوارِحَنا |
| أو حَدَّثَتْ بذّتْ فَمَ الذَّهَبِ |
| نَثَروا عليّ زُهورَهم كَرَماً |
| وحَفَرْتُ صورَتهم على هُدُبي |
| يا وَيْحَ قَلْبي كم يَحِنّ بلا |
| أمَلٍ، وكمْ يَبْكي بلا سَبَبِ |
| النَظْرَة الشَزْراءُ تَجْرَحُه |
| يا لَيْتَه قَدْ صيغَ مِنْ خَشَبِ |
| * * * |
| رُوحي على مَغْناك حائمةٌ |
| يا شاعري، فأَصِخْ إلى طَلَبي |
| حَيِّ الرئيسَ إذا اجْتَمعْتَ به |
| وانْقُلْ إليه ولاءَ مُغْتَربِ |
| إنّا لنَشْكُره ونَذْكُرُه |
| بالحُبِّ، بالإِكْبار، بالعَجَب |
| فلْيَرْتَجلْ تشرينَ ثانيةً |
| النارُ جائعةٌ إلى الحَطَبِ |
| تَلاّتُ جَولانٍ تَهيبُ بِهِ |
| أنْ يَستَعِدَّ لوقعة "النَّقَبِ" |
| يا حافظَ الفَيْحاء مِنْ خَطَرٍ |
| سَلِمَـتْ يَـدٌ صَفَعَـتْ "أبا لَهَـبِ" |
| إني أرَى صُهْيُونَ في هَلَعٍ |
| فاقْرأ عليها آيةَ العَطَبِ |
| مَنْ لَيْسَ يَفْهَمُ بالكلام، فلا |
| تَكْتُبْ له إلاَّ على القُضُب |
| لَوْ لَمْ يَهُنْ في مِصْرَ سيدها |
| لَمْ يَنْدَمِل جُرْحٌ على وَصَبِ |
| واحَسْرتَاه… هَوَتْ وكان لها |
| ما شِئْتَ مَنْ صيـتٍ ومِـنْ حَسَـبِ |
| لَمْ يَبْقَ مِنْ زاهي حضارَتها |
| في خاطِرِ الدُّنْيا سِوى حَبَبِ |
| * * * |
| يا شاعرَ العاصي غَلَلْتَ يَدي |
| بسلاسلٍ أغْلَى مِنَ الذَّهَبِ |
| أسْرَفْتَ في مَدْحِي وَتَكْرمتي |
| مَنْ لي بِمِثْل لِسانك الذَّرِبِ؟ |
| هذا السَّخاء الثرُّ أوْهَمَني |
| أنِّي بَلَغْتُ مدارج السُّحُبِ |
| يا شاعري رِفْقاً بحالِ أخٍ |
| يَشْكو ويَشْكُر جودَك العَربي! |