مالَتْ عليّ تَلومُني غَلْوا |
يـا ثَغْرَهـا ما المَـنُّ مـا السَلْـوى؟ |
قالَتْ أراكَ سَلَوْتَ عِشْرَتنا |
فأجَبْتُها لا عاشَتِ السَلْوى |
ماذا عليَّ إذا التَفَتُّ إلى |
سَلْوى… أليْست جارتـي سَلْـوى؟ |
أنا لا أميل مَعَ الرياح فلا |
نُعْمَى تُغَيّرُني ولا بَلْوى |
ما زِلْتُ في عِلْمِ الهَوَى وَلَداً |
لَمْ أكْتَسِبْ صَرْفاً ولا نَحْوا |
فتَضَاحَكَتْ لكنْ على مَضَضٍ |
وَتَملْمَلَتْ تَستَأنِفُ الشَكْوى |
قالَتْ وقَدْ غَصّتْ بزَفْرَتِها |
مَنْ هذه السَمْرا التي تَهْوَى؟ |
صَوّرْتَ نَظْرَتَها وَخطْرَتَها |
وَبَلغْتَ فيها الغايَةَ القُصْوى |
طرَّزْتَ ما شاءَ الخَيالُ لها |
ثَوْبَينِ مِنْ حُسْنٍ ومِنْ تَقْوى |
أتبيعُ ماضينا بخَرْدَلة |
وَتعُدُّ سيرةَ حُبِّنا لَهْوا؟ |
فِرْدَوْسُنا ماتَتَ بَشاشتُهُ |
بالروحِ أفْدي أفدي الحُلْوا |
حاسِبْ ضَميرَك… رُبَّمـا انْتَفَضَـتْ |
للخَيْر في أعْماقِه بِقُوى |
حاسِبْ ضَمـيرَك… رُبَّمـا اتَقَـدَتْ |
نارٌ تُطَهّرُه مِنَ الطَغْوى |
حاسِبْ ضَمـيرَك… رُبَّمـا طَلَعَـتْ |
شَمْسٌ تَقيه مَزالِقَ المَهْوَى |
حُبِّي دَمٌ يَنْساب في عَصَبي |
إنْ كُنْتَ قَدْ أحْبَبْتَني عَدْوَى |
كابَرْتُ فيكَ الناصحين ولَمْ |
أسْمَعُ لهو رَجْواً ولا هَجْوا |
دُنْيايَ أنْتَ، فكيفَ تَنْبذُني |
لا سائِلاً… ألأنَّك الأقْوى؟ |
قَلْبي يَحومُ عَلَيْكَ في وَلهٍ |
لا تَحْرِمِ الوَلْهانَ مِنْ مَأْوى |
كَمْ قُلْتَ لَـنْ تَهْـوى سَـواي وَلـنْ |
تُغَرْى بغَيْر فمي ولَنْ تُغْوى |
يا مُطْفِئاً في نَفْخَةٍ أمَلي |
لا تَنْتَفِخْ، لا تَنْتَفِخْ زَهْوا |
عينايَ ما رنَتَا إلى صَنَمٍ |
إلاّكَ، لا عَمْداً ولا سَهْوا |
ما زال طَعْمُكَ في فَمي ودَمي |
أتلوكُني وتَمُجّني شِلْوا؟ |
لا تَرْجُ عَفْويَ بَعْدَ غَدْرِك بي |
يا قاتلي لا عَفْوَ لا عَفْوا! |
هَيْهات بَعْدَ اليوم تَخْدَعُني |
آليْتُ لَنْ أهْوى وَلنْ أجوى |
يا رُبَّ عاصِفَةٍ مُدَمّرةٍ |
كانَتْ نَسيماً ليّناً رَخْوا |
سأسيرُ بَعْدك دونما هَدَفٍ |
وأعيش لكنْ دونَما جَدْوى… |
* * * |
سَكَتَتْ وَلمْ تَسْكُتْ لواعِجُها |
فَدَنوْتُ أحمَدُ ثَوْرةً شَعْوا |
يا حُلْوتي رِفْقاً بذي دَنَفٍ |
حَوْلْتِ فَرْحَة شَدْوِه شَجْوا |
تَتَناهبُ الأكْدار مُهْجَتَه |
هَلْ كُنْتُ أرْجو فـي الهَـوَى صَفْـوا |
كَذَبَ الوُشاةُ وخابَ سَعْيُهُم |
أتُصَدّقين لحاسدٍ دَعْوى؟ |
لا طَيْفَ إلاّ أنْتِ في خَلَدي |
لا هِنْدَ تَعْنيني ولا فَدْوى |
شَفَتاكِ يَنْبوعان مِنْ عَسَلٍ |
مَهْما استقيتُهما فلَنْ أرْوى |
تَتَعَدَّدُ الأسماءُ في غَزَلي |
ويَظلُّ لاسمكِ نكْهَةُ الحَلْوى |
خَلّدْتُه شِعْراً وخَلَّدني |
أنا واسمك الذَهبيُّ لَنْ نُطْوَى |
كلُّ العُيونِ لمُقْلَتَيْكِ فِدى |
يا حُلْوةَ الحُلْوات يا غَلْوا... |
* * * |
وَوَقَفْتُ أمْسَحُ دَمْعَةً قَطَعَتْ |
حَبْلَ الحَديث وَلَهْفَةَ النَجْوَى |
فرأيْتُها تَفْتَرُّ راضِيةً |
فانْزاحَ عَنْ مَجْنونِها رَضْوَى
(1)
|
وَغَزَوْتُ مَسْرَحَ شَعْرِها بيَدي |
فتناوَمَتْ تَسْتَدْرج الغَزْوا |
غَسَل العِتابُ قلُوبَنا وجَلا |
غيْماتِنا… ما أجْمل الصَحْوا |
لَمْ يَبْقَ مِنْ وَجْدي وثَورتِها |
إلاّ فَمٌ أهْوى على نَشْوا |