وَضَعتُ رجْلي علـى بـابِ الثَّمانينـا |
فيا صبَايـا الحِمـى لا تَشْمَـتي فينَـا |
هذا البيـاضُ الـذي يحتـَلُ ناصِيـتي |
نورٌ مِـنَ اللهِ باسْـم الشَّيـْبِ يأتينـا |
غداً تشِبْن، وهلْ في الشَّيب مِنْ حَرجٍ؟ |
بيضُ الزنابقِ أزكـى العِطـْر يَحْوينـا |
أغْمَضْت عنكُن أجفَانـي علـى مضضٍ |
يا ليْتَ أنسـى كمـَا أنْـتُن تنْسينـا |
إنَّ العيونَ التي أذْكَت حَرَائِقنا |
كُنَّا عبِيداً لها، لا شَرْعَ يَحْمينا |
ويحُ الشَّقِي بصَـدْري كيـف أُقْنِعـه |
إنَّ الثَّلاثِين ولَّتْ منْذُ خَمْسينا |
أكُلْما اهتَّز خصرٌ طَـار مِـنْ طَـرَبٍ |
وكلمَّا افتَّر ثُغرٌ قَال زِيدِينا |
إنَّي لأزْجُره حيناً وأعْذُره |
حيناً، وأضْحَكُ مِـنْ أحْلامِـه حينـاً |
كم جَانَف الورْدَ واسْتَهْوتـهُ عوْسَجَـةٌ |
وكمْ تَرَاءى لَهُ إِلحَادُه دِينا |
ورُبَّما عَافَ عِشْرَ بنيّةً جَمَعَت |
زَهْـوَ الرَّبيـعِ، وناغَـى بِنتَ سِتِينـا |
مهما تَمَادَيتُ في تَهْجينِ صَبْوته |
يزْدَادُ في طلبِي للزُّهدِ تَهْجِينا |
لم يبقَ في العُمْـرِ يـا مَغْـرُورُ مُتَّسَـعٌ |
للحبِ، فارْشُدْ لعل اللهَ يَجْزِينا |
ماذا نَقُولُ لهُ سَعْياً لرَحْمَتِه |
إنْ كان حاضرُنا جِسْراً لماضِينا |
لا ينفعُ الصَّومُ عن خـبزٍ وعـن لـبنٍ |
إنْ لم نُصَوَّمْ عن الآثامِ أيدِينا |
ولا الشَّفاعَةُ عند اللهِ وَاردةٌ |
إنْ لم نُسَيْطِر على الأفعَـى الـتي فِينـا |
يا قَلْبُ رِحلتنا في الأرضِ قَـدْ نَفِـدَتْ |
وصارَ مشرَبُنا من مائِها طيناً |
فلا تَكُـنْ كوميـض الـبَرْقِ تَوبَتُنـا |
أوْ مِثْلِ قَوْلِكَ لا رُحنَا ولا جِينا |
صِغَارُنا يمْلأونَ البَيْتَ زَقْزَقةً |
ونحنُ نَمْلَؤُه نَوْحاً وتَأُبِينَا |
إنْ يَعْجَزِ النِّيلُ عن إرْوَاءِ غُلَّتنا |
هلْ يستطيعُ سَرابٌ أنْ يَرْوينا؟ |
رجوتُ عَفْوكَ يا ربِّـي فَخُـذْ بيـدِي |
ما خابَ عَبْـدٌ رَجَـا مَـوْلاهُ آمينـا |
كمْ كُنْتَ تَعْصيه أيامَ الشَّبـابِ، وكَـمْ |
طَمِعْتَ في حِلْمِـهِ، لا شـيءَ يَحْمينـا |
ولّتْ ليالي الهَوَى يا قلـبُ وانْطَفَـأَت |
تلكَ الشُّمُـوعُ الـتي زَانَـتْ ليَالِينـا |
فانفُض يديْـكَ منَ الدُّنْيـا وزُخْرُفهـا |
لا خيرَ فيها لمنْ دانَى الثمَانِينا!.. |