| لَمْ يَعُدْ حبّيَ يا غَلْواءُ حُباً جَسَدِيّاً |
| صارَ عَفّا كابتسامِ الفَجْرِ شَفّافاً نقياً |
| غُسِلَتْ أوزارُهُ |
| وانجلَتْ أكدارُهُ |
| * * * |
| لَمْ أعُدْ أسعَى إلى أحْلَى خَطيئَهْ |
| صِرْتُ أخشّى نَظْرة العَيْن البَريئهْ |
| صارَ للْعَقْل على قَلبي مَشيئهْ |
| لَمْ يَعُدْ يَسْحرُني وَرْدُ الخدودْ |
| ومناقيزُ النُّهودْ |
| وأماليدُ القدودْ |
| تابَ قَلْبي عَنْ ضلالاتِ الهَوَى |
| أنا ماضٍ وانْطَوى… |
| لَمْ أعُدْ أمشي على حّدَّ الحُسامْ |
| فخُذوا الحَرْبَ وأعطوني السَّلامْ |
| * * * |
| كَيْفَ ألْقى وَجْهَ ربَّي |
| وأنَا في الوَحْلِ غارِقْ؟ |
| كَيْفَ لا أخْشَى عقاباً |
| وأنا لِصُّ ومارِقْ |
| وَيْحَ واهٍ في ضُلوعي |
| عاشَ في وَجْدٍ وَجُوعِ |
| كلَّما في دَرْبه لاحَتْ مَليحهْ |
| عُدْتُ أدراجِيَ خَوْْفاً مِنَ فَضيحه! |
| * * * |
| نحنُ يا غَلواءُ في الحبَّ "جَميلٌ وبُثَيْنْ" |
| أيْن منّا شُهداءُ الوَجْد والأشواق، أيْن؟ |
| إننا شِبْنا ولكِنْ لَمْ نََزَلْ |
| نَنْتشي بالشَّعْر وَصْفاً أو غَزَلْ |
| لَمْ تَزَلْ فَيْروزُ في أسماعنا أحْلى نَغَمْ |
| ووديعُ الأرْزِ شُحرورُ الرَّوابي والأكَمْ |
| فَلأَحَدَّثْكَ عن الماضي البَعيدْ |
| علَّ فيه ما يُفيدْ… |
| سأفُضّ الخَتْمَ عَنْ مَكْتومِ سِرّي |
| لِتَرَيْ ما فِيّ مِنْ خَيْرٍ وَشرَّ |
| * * * |
| قَبْلَ أنْ ألْقاك يا غَلْواء أحْبَبتُ أميرهْ |
| في ائْتِلاَفِ العُمْر في بَدْءِ الظَّهيرهْ |
| لَمْ تَكُنْ ذَاتَ جمالٍ قاهِرِ |
| أوْ ذَكاءٍ نادِرِ |
| إنَّما كانَتْ كَلُغْزٍْ مُبْهَمِ |
| لَمْ يُلامِسْ فَمَها إلاّ فَمي |
| هكذا قالَتْ، ولَمْ أستَفْهِم… |
| لَسْتُ شُرطيًّا فأسْتَقْصي الخَبَرْ |
| أنا لِصٌّ أتملّى بالثَّمْر |
| ما اسْمُها؟… لا لَنْ أسَمَّيها، فما لي واسْمها؟ |
| لم أعدْ أذْكُر إلا جِسْمَها |
| فَلْتكُنْ عِنْدَكِ هِنْداً أو حُنَيْنَهْ؟ |
| أيُّ فَرْقٍ بين هِنْدٍ وحُنَينَهْ؟ |
| ولنَقُلْ إنّا التَقَيْنا في جُنَينهْ |
| وقَطَفنا الحُبَّ مِنْ أولِ فيْنهْ |
| كُنْتُ أهْْواها وتَهْواني وَنَهوَى بَعْضَنا |
| وَنَظُنُّ الأرْضَ بالطُّولِ وبالعَرْضِ لنا |
| كَمْ تقاتَلْنا بنَظْره |
| وتصالَحْنا بنَظْره |
| وتعاتَبْنا بنَظْره |
| وتكاتَبْنا بنَظْره |
| ثمَّ ولّتْ ذاتَ يومٍ… لَسْتُ أدْري كَيْفَ ولّتْ |
| كلُّ ما أدريه أنيَّ… لَسْتُ أدْري كَيْفَ ولّتْ |
| * * * |
| غَيْرَ أنَّي بَعْدَ أيامٍ تناسَيْتُ هَواها |
| وَصَرفْتُ القَلْبَ عنها وتَعَشَّقتُ سِواها |
| فكأني لَمْ أعاشرْها ولا قَبّلتُ فاها |
| كَيْفَ كانَتْ قُرْةُ العَيْن الجَديدة؟ |
| لَمْ تَكُنْ شَقْراءَ أوْ سَمْراءَ، بَلْ ذاتَ دَلالِ |
| تَحْفَظُ الشَّعْرَ سَواءٌ مِنْ كِتابٍ أو جَريدة |
| وتراني شاعِرَ الدُّنيا وعُنْوانَ الكمالِ |
| * * * |
| كُنْتُ أدْعوها بوَجْدٍ يا ابنةَ الشَّمسِ البهيّةْ |
| وتُناديني بغُنجٍ يا عُيوني |
| كَيْفَ يَنْجو مِنْ خبالٍ أو جُنونِ |
| مَنْ يُحِبُّ العامِريّة؟ |
| كَمْ وَكَمْ مِنْ لَيْلةٍ قِمْراءَ ضيّفنا القَمَرْ |
| فَتَعشّى مَعَنا ثمَّ سَمَرْ |
| كان يُصْغي بانتباهٍ لِلْكلامْ |
| ويحيّي حينَ يَمْضي باحْتِشامْ |
| كانَ يُهدينا ضياءَ |
| كلَّما راحَ وجاءَ! |
| * * * |
| وأفَقْنا ذاتَ يَوْمٍ فإذا دُنْياي أُخْرَى |
| لَمْلَمْتُ عُصْفورتي أشياءَها ثُمَّ اخْتَفَتْ |
| لَمْ تُودّعْني بقُبْلة |
| أو تُوَجَّهْ ليَ جُملَة |
| أبهذا القدَرِ النَّزْرِ مِن الحُبَّ اكْتَفَتْ؟ |
| أتُراها تَعِبَتْ مِنَّي وراحَتْ |
| ومِنَ الشاعر والشَّعْر اسْتراحَتْ؟ |
| أمْ مَضَتْ تَكْتُبُ في الريحِ وتَقْرا؟ |
| * * * |
| ثُمَّ جاءَتْ ثالثَهْ |
| ثم جاءَتْ رابِعَهْ |
| وتتالَيْن فصار الحُبُّ في نَفْسي هِوايهْ |
| كسِباق الخَيْل، كالصَّيْد، كإتْقان الرَّمايهْ |
| كنتُ أهْوى … صِرْتُ أسْتَجْدي |
| كان لي عَرْشٌ ولي تاجٌ ورايَهْ |
| وأتى الدَّهْرُ عليها فهْيَ شيءٌ ليس يُجدي |
| * * * |
| لا تَظُنَّي أنَّني أحْكي سَفاسِفْ |
| إنّه عَهْدُ الطُّفولَهْ |
| وشبابي والكُهولهُ |
| إنَّه عُمْري، وما في العُمْر مِنْ صدْقٍ وزائفْ |
| كُنْتُ في الأوزارِ راسِفْ |
| أنْتِ حَطَّمتِ قيودي |
| أنْتِ جَدَّّدتِ وُجودي |
| فاشْهَدي يا حُلْوة العَيْنَيْنِ أني |
| بِبُطولاتي، بإيماني، بفَنَّي |
| قَدْ قَهَرْتُ الغادر العاتي فإنَّي |
| إنني بالحبَّ يا غَلْواءُ لا أهوى السُّكوتْ |
| وكما غارَتْ جُذوري في التُّرابْ |
| سَوْفَ تَمتدّ فُروعي في السَّحابْ |
| أنا حَيٌّ مُنْذُ آدمْ |
| أنا دَهْرٌ قَدْ تَقادَمْ |
| أنا يا غَلْواءُ حَيٌّ لَنْ أموتْ!… |