| غابَ عنَّـا، ولَـمْ يَعُـدْ مُنْـذُ عَشْـرِ |
| أهكَذا تَنْقَضي بَقيّةُ عُمْري؟ |
| قَدْ خَبَا كَوْكَبي بمَوْتِ شَقيقي |
| وانْطَوى مِنْ مَواسِـم الشَّعْـرِ ذِكْـري |
| لَمْ يَعُدْ للشَّتاء والصَّيْفِ مَعْنىً |
| مِنْ مَعانـي الحيـاةِ يَشْـرَحُ صَـدْري |
| أنا ظامٍ، فمَنْ يَبُلّ غَليلي |
| حُرْقَتي لا يَبُلُّها ماءُ نَهْرِ |
| يا أخي ما عَرَفْتُ قَدْرَكَ إلاّ |
| حينَ قارَنْتُ بَيْنَ رَمْلٍ وتِبْرِ |
| إنَّ آثارَكَ الغَنيّةَ مِنْ شعْرٍ- |
| ونَثْرٍ آياتُ شِعْرٍ ونَثْرِ |
| يَتَمايَــلْنَ زَهْوةً ودَلالاً |
| هَلْ يَعيْـبُ الـدَّلالُ بُرْعـم زَهْـرِ؟ |
| ليسَ فيهنّ مَزْلَقٌ تَتَأذّى - |
| النَّفْسُ مِنْه، وَلاَ رَكاكةُ فِكْرِ |
| قالَ قَوْمٌ كتَبْتَهنَّ بحِبْرٍ |
| قُلْتُ كلاّ بَلْ خَطَّهنَّ بعِطْرِ |
| وجَلاهُنَّ في قِوالبَ غِرًّ |
| يانِعاتٍ، وفي مَواكبَ زُهْرِ |
| كلُّ فنًّ إلى كَسادٍ إذا لَمْ |
| يَكُ حَرْباً على فسادٍ وشَرَّ |
| قَدْ تأثّرتَ في البيانِ بشَوْقي |
| وَتَرسّمْتَ في الحياة المَعَرَّي |
| مَنْ يَكُنْ عاشَ بابْنِهِ فكثيراً |
| ما تَخَطّى القرونَ ديوانُ شِعْرِ |
| خَيْرُ أولادِكَ الذي يَتَلَقّاكَ - |
| إذا كشّرَ الزَّمانُ – ببِشْرِ |
| لا يزينُ الفَتى لِباسٌ ولكنْ |
| رُبَّ ثَوْبٍ بقيمةِ المَرْءِ يُزْرِي |
| لَمْ تَعِثْ بالتُّراثِ، أوْ تتَنَكّرْ |
| للجديدِ الذي يُغذَّي ويُغْري |
| يَتَجَلّى الجَمالُ في كلَّ زيًّ |
| فهْو في رَوْضةٍ ووادٍ وقَفْرِ |
| قَدْ تبتّلْتَ لليَراع، وأكْرِمْ |
| برفيقٍ حُلْوِ الطويّة حُرَّ |
| يَكْتُمُ السرَّ إنْ أرَدْتَ ويُغْشي |
| حينَ يُغشيهِ في قَلائِدَ خُضْرِ |
| لَمْ تَسُمْـهُ ما لا يُطيـقُ ولَـمْ يَـرْزخْ |
| بعِبءٍ، ولم يُطالبْ بأجْرِ |
| قد نَشأنا مَعـاً علـى أدَبِ الفُصْحَـى |
| وكانتْ لنا مَثابةَ فَخْرِ |
| نَدْفَع الضَّيْمَ والغَوائلَ عنها |
| ونَقيها عُدْوانَ نابٍ وظُفْرِ |
| هانَ كُرْمى عُيونِها ما رَكِبْنا |
| مِنْ حُروبٍ ومِنْ مَواقعَ حُمْرِ |
| لُغَة المَرْءِ عِرْضُهُ، فإذا لَمْ |
| يَحْمها عاشَ في هَوانٍ وخُسْرِ |
| كلُّ تاجٍ على جَبين أديبٍ |
| حَجَرٌ في بنائها المُشْمَخرَّ |
| * * * |
| هاضَتِ الريـحُ يا شقيقـي جَناحـي |
| كَيْفَ أقْوَى علـى نَوائـبِ دَهْـري؟ |
| ما اخْتَلَفْنا في الرأي إلا اتّفقْنا |
| فخِلافاتُنا كما واوُ عَمْروِ |
| سِرُّنا واحدٌ، فإنْ يَتكَشّفْ |
| لَكَ سِرٌّ فَقْد تَكَشّفَ سِري |
| فرّقَتْ بينَنا المواقيتُ لكِنْ |
| أيُّ فَرْقٍ ما بَيْن ظُهْرٍ وعَصْرِ |
| يَجْمَعُ الموتُ شَمْلَنا بَعْدَ حينٍ |
| فلْيَكُنْ في جِوارِ قَبْركَ قَبْري |