| على وَجْهه عُرْسٌ، وفي القَلْـبِ مَأْتَـمٌ |
| لَهُ اللهُ كَمْ يَشْقَى وكم يتألَّمُ! |
| طَوَى في ثنايا ضِحْكه غُصّـةَ الأسـى |
| وأخفَى وراءَ الهَزْلِ ما الله يَعْلَم؟ |
| يَحُفُّ بـه الإزْراءُ مـنِْ كـلَّ جانِـبٍ |
| ويَتْبَعُه – أيان سارَ – التَهَكُّمُ |
| وما هُوَ أهْلٌ لِلْهَوانِ، وإنَّما |
| تَدَهْوَرَتِ الأخلاق وانْقَطَع الدَّمُ |
| لَحَى اللهُ عَهْداً فيـه يُرْجَـمُ مُحْسِـنٌ |
| ويَسْحَبُ أذيالَ الحَفاوةِ مُجْرمُ |
| يعيشُ ويَنْمو الشَّوْكُ في جَنَباتِه |
| ولاَ يتَثَنّى في حواشيه بُرْعُمُ |
| حضارَتُه زَيْفاءُ مهما تَبَرَّجَتْ |
| ومَظْهَرُه – مَهْما تَأنَّقَ – أسْحَم |
| يقولون بُهْلول فقُلْتُ وإنه |
| لأرْفَع مِــنْ بعضِ الملـوك وأكْـرَمُ |
| وهَلْ تَسْتَوي كَفَّـان: بيضـاءُ لِلَّنَـدى |
| وسَوْدَاء لِلْكُرباج تَطْغَى وتُلْثَمُ |
| أجل، هـو بهلـولٌ ولكـنَّ عِرْضَـه |
| عزيزٌ على الأهوال لا يَتَثَلَّمُ |
| * * * |
| لقَدْ غَمَرَ المَلْهَى بِوارفِ ظِلِّه |
| ونَمْنَمَهُ رَوْضاً يَبُشّ ويَبْسُمُ |
| يُداوي هُمـومَ النـاس وهْـوَ مُلَـوّعٌ |
| ويأسُو جِراحَ النـاس وهْـوَ مُهَشَّـمُ |
| ويَفْتَحُ أبوابُ الرَّجاءِ لِيائس |
| وفي نَفْسه لَيْـل مِـنَ اليـأسِ مُظْلِـمُ |
| قَضَى الحظُّ أنْ يَحْيا طَريـداً مُشَـرَّداً |
| يَعيثُ به نابٌ ويَعْبَثُ مَنْسَمُ |
| إذا انسَلَّ مِنْ بِئْر تَرَدّى بهُوّة |
| وإنْ فَرّ مِنْ ذِئْبٍ تلقَّاه أرْقَمُ |
| فراضَ على الضَّـرَّاءِ والضَّيْـمِ نَفْسَـه |
| وأغْطَى فلا يَشْكو ولا يَتَبرَّمُ |
| وقابَلَ بالتَّرْحابِ جَيْشاً عَرَمْرَماً |
| مِنَ البُـؤس يَتْلـوه خَميـسٌ عَرَمْـرَم |
| وهًلْ نَحْنُ إلا في يـدِ الغَيْب كالدُّمـى |
| تُفَرّقنا حيناً وحيناً تُلَمْلِمُ |
| نُردَّدُ ما تُمليه، لا ما نُريدُه |
| ونَمشي على الدَّرْب الذي هي تَرْسُـم |
| تساوَى أميرُ القـومِ والعَبْـدُ عِنْدَهـا |
| ولَمْ يَخْتَلِف "قُـسٌّ" لَدَيْهـا وأبْكَـم |
| إذا أقْبَلَت فَلَّ الصوارمَ أعْزَلٌ |
| وإنْ أدْبَرَتْ لم يَقْطعِ العودَ لَهْذَمُ |
| فلا يَبْطَرِ الشَّبْعانَ جاهٌ ونِعْمَةٌ |
| فقد يَتَدَجَّى فَجْرُهُ المُتَبَسَّمُ |
| ولا يَخَفِ المَحْرومُ فَقْراً وشِدّةٌ |
| فقد يَتَوَلَّى لَيْلُهُ المتَجَهَّمُ |
| * * * |
| عَزاءُك يا بُهْلُـولُ أنْ أجْـرَم الـوَرَى |
| إليك، فلولا الجَهْلُ لم يَتَهَجّموا |
| تواضَعْت فاسْتَشْروا، وَلوْ كُنْتَ مِثْلَهـم |
| لما جَلْجَلـوا بالمُنكـرَاتِ وجَمْجَمـوا |
| رأوا ثَوْبَك البالي، فَهَلاَّ تَلمَّسوا |
| على الوَجْه ما أخْفَيْتَ في الثوب عَْنهُـمُ |
| حَمَلْتَ بلاياهم قَريراً لِيَهْنأوا |
| وطُفْتَ عليهم بالرَّجاءِ ليَنْعَموا |
| لأنْتَ الذي ضَحَّيْتَ نَفْسَـك دونهـم |
| وأنْتَ الذي أنْكَـرْتَ حقَّـك لا هُـمُ |
| عزاؤك يا بُهْلولُ، فالعُمْرُ لَيْلَةٌ |
| إذا ذَهَبَت لَـمْ يَنْفَـعِ المَـرْءَ دِرْهَـمُ |
| سَيَجْزيكَ مَنْ لا يُغمَطُ الفَضْـلُ عِنْـدُه |
| ويَمْنَع عنك الظُّلْمَ مَـنْ لَيْـسَ يَظْلِـمُ |