| في ناظِرَيه طَلاسمٌ وأحاجي |
| كَمنَتْ مِـنْ الألغـاز خَلـفَ رَتـاجِ |
| عَيْنان، بـل كهْفـانِ عشَّـشَ فيهمـا |
| زَوْجانِ مِنْ جِنٍّ بغَيْرِ زَواجِ |
| وعلى مُحَيّاه الهَزيل عُبوسَةٌ |
| رَبْداءُ قـد سَخـرَتْ بكـل عِـلاجِ |
| تُضْفي عليه هَالةً مِنْ رَوْعَةٍ |
| وتُحيطُه منْ هَيْبةٍ بسياجِ |
| عَبَثَتْ يَدُ الجُدْريّ فيه فَوَجْهُهُ |
| مَرْعَى دَجاجٍ أوْ مَراحُ نِعاجِ |
| وأطلَّ منْ يُمْنَى يَدَيْه فارسٌ |
| وَشَمَتْهُ إبرةُ كاعبٍ مِغْناجِ |
| فيه مَلامحُ عَنْترٍ، لكنَّها |
| ظَهَرَتْ- كما عُرفتْ – بـلا مِكْيـاجِ |
| أبداً يُتَمْتِمُ، أو يُناجي نَفْسه |
| نَجْوَى تَغُصّ بصَوْتِهِ الرَّجْراجِ |
| في حُضْنِه هِرٌّ يَنوءُ بِسِنَّهِ |
| ويَموءُ في ذُلَّ الشَّريدِ اللاجي |
| واهي القوَى، لَوْ راودتْهُ فَأرةٌ |
| فمِن الغنيمةِ أنْ يكونَ النّضاجي |
| راضٍ كصاحِبِهِ،غريبٌ مِثْلُه |
| في مَوْكِب المَدنيّةِ الضَّجّاج |
| يَغْفو تَؤجُّ النارُ في أوْداجه |
| ويَفيق لكنْ هادئَ الأوْداجِ |
| أرأيتَه في السوقِ يَفْرشُ رَمْلَه |
| والناسُ بين مَصدَّّقٍ ومُداجِ |
| أغْراهمُ بذُهوله، فتقاطَروا |
| مِنْ كلَّ دَسْكرةٍ وكلَِّ مَعاجِ |
| جاؤوه مِـنْ شَتّـى الدَّيـار يَقودُهـم |
| أملٌ تلألأ في الظلام الدَّاجي |
| يتزاحمون عليه أفواجاً، كما |
| حامَ الحمَامُ على غَديرٍ ساجِ |
| ناطُوا به آمالَهم وهُمومَهم |
| يا للضَّعيفِ يَسودُ في الأعلاجِ |
| ما همُّهُ إنَّ الصراحةَ آفَةٌ |
| الرَّمْلُ فَوْقَ لَجاجةِ اللَجّاج |
| لا غَمْزةُ الزاري تثير شُعورَه |
| غَيْظاً، ولا تَزْهوه لَهْفَةُ راجِ |
| يَرْنُو إلى الأفُقِ البَعيد كأنَّه |
| يَحيَا مِنَ الأحلام في أبْراجِ |
| أتراهُ يَبْحث في السَّمـا عَـنْ ضائـعٍٍ |
| أمْ ذاك تَمْويهٌ على السّذّاجِ |
| قُلْ ما تشـاءُ، فلَـنْ يهـونَ مَقامُـه |
| عِنْدي، ولَـنْ يَلْقَـى دخيلـةَ هـاجِ |
| إني لتَأخُذُني المهابةُ كُلَّما |
| شاهدتهُ في رَهْبةِ الحُجّاج |
| عُرْيان إلاّ مِنْ بقايا عِمّةٍ |
| شَمْطاءَ تبدو في جَلالِ التاجِ |
| وعباءةٍ أكَلَ الزمانُ خيوطَها |
| هِيَ عِنْدَه أزْهى مِنَ الدَّيباج |
| ورُفاتِ نَعْـلٍ لَيْـسَ يُعـرف لَوْنُهـا |
| يَرْقى بها نَسَبٌ إلى الحَجّاج |
| صَفَرَتْ يداه مِنَ الصَّحابِ، وأقْفَـرَتْ |
| دُنْياه مِنْ هَدَفٍ ومِنْ مِنْهاج |
| لكأنه أسْطورةٌ مِنْ عَبْقَرٍ |
| رَكِبَتْ إلى الدنيا جَناحَ عُجاجِ |
| مَرّتْ علـى فَـم ساحـرٍ فتحوَّلَـتْ |
| شَبَحاً هَزيـلاً في الشـوارع ساجـي |
| * * * |
| يا مَفْزَعَ الضُّعفاء في بُحْرانِهم |
| ومَلاذَهم في العاصِف الرَّجّاج |
| رِفْقاً بأفئدةٍ تَطاوَلَ خَطْبُها |
| في مَلْعَبِ الأنواءِ والأمْواجِ |
| الكِذْبُ فـي بعض الظـروفِ فضيلـةٌ |
| فاجْعَلْ مِنَ الكَـذِبِ الـبريء مَناجـي |
| حَدَبُ الطبيبِ ولُطْفُه بمَريضه |
| أجْدَى عليه مِنْ جَزيل عِلاجِ |
| فاطْلَعْ علـى ليـل الحَيـارَى كوْكبـاً |
| وإذا عَجَزْتَ فكُـنْ بَصيـصَ سِـراجِ |