شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
عـروس البحـر
من وحي زيارته لطرطوس، عام 1986
خَلَّفْتُ فيـكِ القَلْـبَ يـا طَرْطُـوسُ
هَيْهات يَعْروهُ بظَّلكِ بوسُ
حَوْلانِ قـد فَرَطَـا وطَيْفُـكِ لم يَـزَلْ
بين الجَوانح والعُيونِ يَجوس
اللُه يشْهدُ ما سَلَوْتُك لَحْظةً
حُبيَّ على صَـرْفِ الزَّمـانِ شَمـوسُ
لكأنَّني - والشـوقُ يَرْبُـطُ بيننـا -
أبداً إليكِ مُسافرٌ مَحْبوسُ
بيني وبينَ مَطامِحي ومطامِعي
حَرْبٌ على كـلَّ الجهـاتِ ضَـروسُ
عفَّرْتُ خَدّي في تُرابِك... إنِّني
لأدوسُه مُتَهيّباً وأبوسُ
تأوي النُّفوسُ إليـك مُثْقَلـة الخُطَـى
وتًعودُ في مَرَحِ الظِّبَاءِ نَفوسُ
لكأنَّك الفِرْدَوسُ ليس يشوبُه
كَدَرٌ –يُساورُ غَيْرَه- وعُبوسُ
أرْسَتْ معالِمَـكِ العُقـولُ، ونضَّـرتْ
هذي الحُقولَ مَعاولٌ وفُؤوسُ
لم أْلْقَ في طَرْطوسَ وَجهاً عابساً
ما في بهاليلِ الرجالِ عُبوسُ
كَمْ عابِسٍ في الحُلْـم تُبْصـرُ وَجهَـهُ
عَرَضاً فَتَشعرَ أنَّه كابوسُ
بادَلْتُ فِتْيتَك الوَلاءَ، فرفَّني
منهم ومنكِ العطرُ والأبْنوسُ (1)
خَطَبوا العُلا، لا واغِلـينَ، فلـم تَمِـلْ
عنهم… وخابَ الواغـلُ المَدْسـوسُ
لَبِسوا الحميّة والوَقارَ، وربَّما
أزْرَتْ بأقدارِ الرجالِ لُبوسُ
ما فيهمُ عِنْدَ التحدّي خامِلٌ
نَسْلُ العَناتر كالعناترِ حُوسُ (2)
شَقّتْ غياراتِ الدُّجَى أقْمارُهم
إنْ كان في يُد غيرهم فانوسُ
قولي لشَمْسكِ غَلْغِلـي فـي مُهْجـتي
أيَضيق بَيْتٌ أنتِ فيه عَروسُ؟
أنا قد جَلَيْتُ بكِ النُّحوسَ، فـإن تَعُـدْ
عُدْنا، فعادَتْ للجحيمِ نُحوسُ
مُنْذُ الطفولةِ علَّمونا أنَّنا
عَرَبٌ… ولكـنْ في هـواكِ مَجُـوسُ
يا شَمْسَ مـا أحـلاكِ طالعـةً، ومـا
أحْلَى شُعاعَكِ في المساءِ يَنُوسُ
قَسَماً لَتَحُسـدكِ الشمـوسُ، وطالمـا
حَسَدَتْ محاسِن أُخْتِهِنّ شُموسُ
إني فَرَشْتُ لكِ الضُّلوعَ بَشاشَةً
فتَفَضَّلي… إنّ الأديبَ أنوسُ!
طَرْطوسُ، بَحْرُكِ لم يُفـارقْ خاطـري
فكأنه في داخلي مَحْبوسُ
تَهْدارهُ في مَسْمَعي أُهزوجَةٌ
زَرْقاءُ، قلّد جرْسها الناقوسُ
لو كان تِبراً لاستدارَ حَديقةً
أو كان طَيْـراً لاسْتَحـى الطـاووسُ
مَرْحىً لوَثْبَتِكِ الجريئةِ… إنَّها
للعَبْقَريةِ والعطاءِ دُروسُ
حَرَسَتْكِ مِـنْ كَيْـد الزمـانِ عنايـةٌ
إنَّ الكريمَ على المَدَى مَحْروسُ
قَدْ أحسَنوا فيكِ الظُّنونَ، فلَـمْ تَخِـبْ
ولكم رئيسٍ خانَهُ المرؤوسُ
هذي البناياتُ التي تَرْقَى إلى
كَبِدِ السماءِ صحائفٌ وطُروسُ
وشَّيْتُ فيها كلَّ يَوْمٍ آيةً
ذَهَبّيةً تُحنَى لهنَّ رؤوسُ
لولا هَوَى "يبرودَ" يَرْبِطني بها
وطُفولةٌ وخرائب وَرُموسُ
لَضَرَبْتُ في طـول البـلاد وعَرْضهـا
ولما اصطَفَيْتُ سـواكِ يـا طَرْطـوسُ!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :444  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 492 من 665
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج