حسامُك… أمْ هُـوَ المـوتُ الـزُؤامُ |
وصَوْتُك… أمْ قَضاءٌ لا ينامُ؟ |
ووَجْهُك… أم كتـابٌ مِـنْ نِضـالٍ |
له بَدْءٌ وليس له خِتامُ؟ |
نطالعُه فنغُضي مِنْ خشوعٍ |
ونَذْكُره فيأخذُنا احتشامُ |
ملامحُه ملاحمُ خالداتٌ |
يطولُ ويستعيض بها الكلامُ |
أبا الثوراتِ يَسْقيها نَجيعاً |
إذا عَزَّ الشرابُ أو الطَّعامُ |
يؤجّجُ نارها صَوْنا لحَقٍ |
وإنْصافاً لمظْلومٍ يُضامُ |
وقفتُ لَدَيكَ لا باعي قَصيرٌ |
ولا غَيْمي لراجيةٍ جهَامُ |
ولكنَّي أخاف تَزلّ رِجْلي |
فليسَ بهيّنٍ هذا المقامُ |
أبعْدَ قَلائدِ القُرويّ
(1)
يزهو |
على صَدْرٍ وشاحٌ أو وسامُ؟ |
تجاوزَ شِعْرُه فيك الثريّا |
فكيف يطاولُ النَّسْرَ اليمَام؟ |
ورجَّع ذكرَه شَرْقٌ وغَرْبٌ |
فكيف ينافِسُ الذَّهَبَ الرُّغامُ؟ |
تصولُ مهنّداً ويصولُ قَوْلاً |
فترقص أنفسٌ وتَطير هامُ |
أبا الثوراتِ لم يَخْفضْ جبيناً |
بطاغيةٍ، ولم يُلْحقه ذْامُ |
نَعَوْك فقلتُ لو عَقَلوا لقالوا |
لأنتَ الدّهْرُ ليسَ له انصرامُ |
يموت التافهون بغير مَوْتٍ |
ويولَدُ يومَ موتهمِ العِظامُ |
لئن بَكَتِ الشآمُ دَماً ودَمْعاً |
لكم ضحكتْ لطَلْعَتك الشآمُ |
وكمْ نادتْك في حِلكَ الليالي |
فلُحتَ كأنك البَدْرُ التَّمامُ |
لأنتَ دليلُها الهادي إذا ما |
أحاطَ بدَرْبِها البادي ظَلامُ |
إذا ذُكر الجلاءُ وصانعوه |
فإنكَ في صُفوفهم الإمامُ |
كتبتَ فصوله سَطْراً فسَطْراً |
وخيرُ القَوْلِ ما كتبَ الحُسامُ |
خَلاَ مِنْ لَيْثِه الكرّار غِيلٌ |
مواسمُ مَجْده أبداً قِيامُ |
زكا… فترابُه الذَّهَبُ المصفّى |
وطابَ فماؤه الجاري مُدامُ |
يَزينُ دروبَه أدَبٌ ودينٌ |
ويَحْرُسُ بابَه الموتُ الزُّؤامُ |
شمائلُ أهله نارٌ ونُورٌ |
فلا يَغْمِزْ كرامتَهم لِئامُ |
إذا نادتْهمُ العَلْياءُ لبَّوا |
يُزاحمُ شَيْخَهم فيها الغُلامُ |
وإن دَعَتِ السَّفاسفُ خيَّبوها |
فهمْ عن صَوْتها صُمٌّ نِيامُ |
سَلُوا سـاحَ الوَغـى عنهـم تُجبْكـم |
ذكرتُهمُ… همُ السَّيْلُ العُرامُ |
همُ العُقْيان إن نَفَروا لثأرٍ |
وهُمْ في حالة السِّلْمِ الحَمامُ |
لوجه الحقَّ ثورتُهم… وحاشا |
يرافقُ ثورةَ الحقَّ الحَرامُ |
نأوا بسيوفِهم عن كل رَيْبٍ |
وعمّا قد يشينُهُم تسامُوا |
يقود زمامَهم بَطَلٌ كريمٌ |
يخرّ له الجبابرةُ الكرامُ |
صَفَا خُلُقاً وطابَ يداً وقَلْباً |
فطاوَلَتِ القصورَ به الخيامُ
(2)
|
لئن أخذوا بمَن زاغوا وراغوا |
فما كلُّ النبات هو الخُزامُ |
يهوذا
(3)
لم يَشِنْ رفقاءَ دَرْبٍ |
على الإخلاص والتقوى أقاموا |
* * * |
أميرَ الثَّورة الكبرَى سلامٌ |
إذا أجْدَى على قبرٍ سلامُ |
هُمومي، بل هُمـومُ الأهـل جـارَتْ |
على كَبِـدي، ففـي كَبِـدي ضِـرَام |
لَئِنْ شطّ المزارُ بنا فإني |
لَيَرْبطني بمَوْكبهم ذِمامُ |
غسلتُ جراحَهم بدموع قَلْبي |
وأرَّقَني مصيرهُمُ وناموا |
كأنّي دونَهم ألقى الرزايا |
كأنّي وَحْديَ الوتدُ المُضَام |
لَعَمْرُ أبيكَ ما زِلْنا عبيداً |
وإنْ قالوا تحرّرتِ الشآمُ |
ولم نَبْرحْ بماضينا نُباهي |
وحاضرُنا خُمولٌ وانهزامُ |
أقول ولا أقول لغير أهلي |
فليت يعونَ ما قالت حُزامُ
(4)
|
إذا لم يحْمِنا عَزْمٌ وحَزْمٌ |
فلَنْ تحمي كرامتَنا عِظامُ |
مجاري النَّفْط أغنتْنا ولكنْ |
أيُغْنينا عَنِ العزَّ الحُطامُ |
دَجَا ليلُ العروبةِ بَعْدَ زَهْوٍ |
متى تَنْجاب عنها يا ظَلامُ |
تخاصَم أهلُها منْ غير داعٍ |
ولولا الجَهْل ما كان الخِصامُ |
يُداوي غلَّةَ الأجسام طِبٌّ |
وداءُ الجَهْل ليس له ضِمامُ |
عَجِبْتُ لهم يفرّقهم غَريبٌ |
ويَقْطَع حبلَ وَحْدَتهم منامُ |
عدوّهُمُ يكيدُ لهم، ويُبْدي |
نَواجِذَه… ويَبْقَى الانقسامُ |
إذا ما جاءهم بالسيفِ صِلّوا |
لينجو مِنْ دواهيه، وصامُوا |
ولاذُوا بالحليفِ… وكَمْ حليفٍ |
يهونُ إزاءَ رَحْمته الجُذامُ |
* * * |
بني أمي يهيب بكم صَلاحٌ |
أما فيكـم علـى الجُلَّـى "عِصـامُ"! |
قَضيتكم تعيثُ بها نُيوبٌ |
وأظفارٌ… فهلْ أنتم نَعَامُ؟ |
يتاجرُ باسمها الدّخلاء حيناً |
وأحياناً ذوو رَحِم طَغامُ |
دَعُـوا نـادي السـلام
(5)
، فليس فيه |
سَلامٌ للضعيف ولا كَلامٌ |
سُدًى تتوقعونَ الخيرَ منه |
سُدىً ترجون أن يَهمي الغَمامُ |
قراصنةُ السياسة طَوّقوه |
وشرُّ مطوَّقيه العمُّ سامُ |
أضَعْنا القُدْس والجولانَ فيه |
فكيف يُعالَجُ الداءُ العُقامُ؟ |
إذا اعتصمُ الضعيفُ به فقولوا |
طَريقُ الموتِ هذا الاعتصامُ |
لقد سَنّ الكبارُ له نِظاماً |
فزادَ فُجورَهمْ هذا النَّظامُ |
* * * |
أميرَ السيف سيفُك في سِقامٍ |
يَحزُّ أضالعي هذا السَّقامُ |
تأكَّلَه القِرابُ، وكم رُقاد |
عليه يُكرَه السيفُ الخُذامُ |
وخَيْلُك ساهِماتٌ وَاجِماتٌ |
على أعرافِها انتحر القَتَامُ |
لقد عوّدتَها خَوْضَ المنايا |
فمالَكَ عَنْ عوائدها تَنامُ؟ |
تمادَى الغاصبون، فكيف تَرْضى |
بأنْ يطغَى على النورِ الظَّلامُ؟ |
أما مَنْ صَحْيةٍ تُحيي رجاءً |
ألا ثأرٌ يُبَلُّ به أوام؟ |
على حُرمَاتِنا التقتِ الأفاعي |
وحَوْل بيوتنا الذؤبانُ حامُوا |
فأين أبو الفـوارسِ؟… أيـن جيـشٌ |
عنيدٌ لا يُراضُ ولا يُرامُ؟ |
مَضَى سلطانُ، لكـن سَـوْف تبقـى |
قَضَيَّتُنا تَمُوت ولا تُضامُ |