خَرَجْتُ اليومَ أهْتِفُ للجلاءِ |
وأبْني ما تهدَّمَ مِنْ رجَائي |
شَقاء قَريبيَ الأدْنى شَقَائي |
وفَرْحَتُه تُضاعفُ من هَنائي |
ففي دَمَه نَصيبٌ من دمائي |
* * * |
حَمَلْنا الظُّلمَ أجيالاً طِوالا |
وذُقْنا مِنْهُ ما يُوهي الجبالا |
وقُلْنا قد يزولُ غداً فقالا |
خَسِئْتمْ، سوف أطحنكم رِجالا |
وأذْرُوكم نساءً في الهواءِ |
* * * |
ونِمْنا، ثمَّ نِمْنا، ثُمَّ نِمْنا |
ولكنْ لم نَجِدْ في النَّوْمِ أَمْنا |
وثَارَ الحِقْد في دَمِنا، فقُمْنا |
نَهُزّ السيـفَ… إنَّ السيـف أدْنَـى |
إلى الأفْهامِ مِنْ ياءِ النِّداءِ |
* * * |
سَلُوا الشُّهَداء في شَرْقٍ وَغرْبِ |
أنالُوا حَقَّهم مِنْ دونِ حَرْبِ |
حَمَلْنا السِّلْمَ مِنْ دَرْبٍ لدَرْبِ |
وجَرّبناه في بُعْدٍ وقُرْبِ |
فلَمْ يَصْلُحْ أداةً للبَقاءِ |
* * * |
تحرَّرَت البلادُ مِنَ الدَّخيلِ |
ومِنْ عِبءِ الوِصاياتِ الثَّقيلِ |
وباتَ الأمرُ في أيدي الأصيلِ |
وتمّتْ وَحْدَةُ الشّعبِ النَّبيلِ |
ولكنْ نَحْنُ في بدءِ البناءِ |
* * * |
بَلَى!… إنّ العروبةَ في شَتاتِ |
مُوزَّعَةٌ على كلِّ الجِهاتِ |
فإنْ لم نَلْتمسْ طُرُقَ النَّجاةِ |
فسَوْف نظلُّ نَهْباً للغُزاةِ |
ونُذعنُ للهوانِ وللفناءِ |
* * * |
أحبُّ الشامَ حُكاماً وأهلا |
وأعْشَقُ أرضَها جَبَلاً وسَهْلا |
رأيْتُ على رُباها النورَ طِفْلا |
ومِنْ بَـرَدَى نَهَلـتُ الشِّعْـر نَهْـلا |
فهل يَنْسى تُرابَ الحبِّ نائي؟ |
* * * |
ربوعَ الشامِ أضناني الحَنينُ |
وذابَ إلى ملاعبِه السجينُ |
يغالبُني إليكِ هَوىً ودينُ |
ولكنّي بأفراخي ضنينُ |
فهَلْ أحيا على أملِ اللقاءِ؟ |
* * * |
أريدُكِ جنّةً تَلِدُ النَّضاَرهْ |
وتَنْشُرها على الدنيا حَضَارهْ |
أريدُكِ – إن دجا لَيْلٌ – مَنارهْ |
تُضيءُ لكلِ مُعْتَسِفٍ مَسارهْ |
وتَهْدي التائهينَ إلى الرجاءِ |
* * * |
أريدُكِ للمحبةَ والسلامِ |
ولِلْعَدْلِ الصحيحِ وللوِئامِ |
ولكنْ لا أريدُكِ أَن تنامي |
على ضَيْمٍ، وتَرْضي بالكلامِ |
إذا مال الخصومُ إلى العِداء |
* * * |
شبابَ الشامِ يا أملَ البلادِ |
أعدُّوا واستعدّوا للجهادِ |
حَذارِ حَذارِ غاشيَةَ الرُّقادِ |
فإنّ عَدُوَّكمْ يَقِظُ الفؤادِ |
يخدّركم بوَعْدٍ أو ثَناءِ |
* * * |
يقودُ صفوفَكم أسدٌ رَهيصُ |
على حُرُمات سوريا حَريصُ |
تهاجمُه الصِّعابُ فلا يَحيصُ |
ويَخزَى دونه القَوْلُ الرخيصُ |
ويَبْني المجدَ مرفوعَ اللِّواءِ |
* * * |
أطارحًه التحيّةَ مِنْ بعيدِ |
وأُغلي باسْمِه الغالي قَصيدي |
أقولُ له عَطَفْتَ على شَريدِ |
فهاكَ يدي على عَهْدٍ جَديدِ |
يقومُ على المودّةِ والولاءِ |
* * * |
نُعَيّدُ للبطولةِ والشَّهادهْ |
ونُؤْمنُ بالرئاسةِ والقِيادَهْ |
فَهَيَّئِ للغدِ المرجوِّ زادهْ |
رأيْتُ "المَهْدَ" يَحْلُمُ بالسيادهْ |
فكرَّرْ فيه ملحمةَ الجَلاءِ! |