نَزَلَتْ على قلبي تحيةُ بُلْبلِ |
فَسَكرتُ منهـا بالرَّحيـق السَبْعلـي |
أفدي "الفَريدةَ" أيْقَظَتْ نَغَماتُها |
شَوْقَ الغيـب إلى بُحَـيرة "كوشـلِ" |
جاءت تَميـسُ بحُلّـةٍ مـن سُنْـدُسٍ |
تَسبي العُقولَ، ونَفْحـةٍ مِـنْ صَنْـدَلِ |
نافَسْتَ فيها البحتريَّ، فراعني |
صَقْرٌ يَحُكُّ جناحَه في أجدلِ |
أقَطَفْتَها مِنْ جنّةٍ، أم صُغْتَها |
مِنْ عَسْجِدٍ، أم حُكْتَها مِـنْ مَخْمَـل؟ |
طوّفتَ بي في مَرْمَرونَ فهاجَني |
شَجْوي لإِخوان الصَّفَـا في الكَرْمـلِ
(1)
|
يا صاحبَ القَلَـم المُضَمَّـخِ بالشَّـذا |
لا تَعْتَبَنّ على لساني الأخطل |
عبَثَتْ بمِقْوَليَ الرَّطانةُ فالتَوَى |
هَلْ يستقيـمُ مَـعَ الرطانـةَ مِقْوَلـي؟ |
أنَّى التفتُّ استَقبَلَتْني لَهْجَةٌ |
تَهْوي على أذني بضَرْبةِ مِعْوِلِ |
لا حَبْلَ يَرْبِطها بروحي أو دَمي |
لولا فراخٌ زَيَّنوا مُسْتَقْبلي |
يتقاسَمون مناكبي وشَواربي |
ما حيلتي بالأشْقياء البُسَّلِ؟ |
أُرضي صغيرَهمُ فتحرَدُ أختُه |
فأحار بينَ مقرَّبٍ ومدَلَّلِ |
هُمْ ثَرْوَتي لم يكثُروا… لكنَّهم |
كالماسِ لَمْ يَكْثُرْ ولم يَتَبَذّلِ |
أقسمتُ لولاهُـم لما انبَسَطَـتْ يـدي |
إلاّ إلى لُغَةِ الكتاب المُنْزَلِ |
ولَرُحْتُ أضَرِب في الـبراري جاعـلاً |
بَيْنَ الثريّا والمجرّةِ مَوْئِلي |
هاضَتْ جناحي غُرْبةٌ رُوحيةٌ |
حَلَقاتُها اقترنَتْ بغُربةِ مَنْزلِ |
صاوَلْتُ دَهْـري فيهمـا فتراجَعَـتْ |
قَدَمي، ولكنيِّ اعتصَمْتُ بمَعْقِلي |
لولا هَوَى غلواءَ لم أكُ شاعراً |
في رَكْب "شَوقي" أو فَريق "الأخطـلِ" |
مِنْ وَحْيِها فَنِّي، فإنْ أرضاكُمُ |
فلَها ثناؤكمُ الجميلُ وليس لي |
* * * |
يا ابـنَ السُّـراةِ الأكرمـين غَمَرْتَـني |
بنَدَى يَدَيْكَ، فمـا أقـول لِمُفْضِـل؟ |
هَبْني بيانَك كي أقوِّمَ مَنْطِقي |
وانْشُرْ علـى ليلـي ضيـاءَك يَنْجَـلِ |
أينَ الـذي يُعطيـك، وهْـو مقطّـبٌ |
ممَّن إذا أعطاك لم يَتَفَضّل؟ |
تَروي غليلـي قَطْـرةٌ مـن مُحُسِـنٍ |
وأغصّ مِـنْ شَهْـدِ البخيـل بحَنْظَـلِ |
لَمْ تُطـوَ ذكـرَى حاتَـمٍ وسَمَـوألٍ |
ومَضَى الزمان بحاتَمٍ وسَمَوألِ |
إني إذا صافَحْتُ غيرَ مُهَذَّبٍ |
أسْرَعت أغْسِـلُ راحـتي في جَـدْوَلِ |
وإذا لئيمُ النفس قارَبَ هَيْكلاً |
فقُل السـلامُ علـى سـلام الهَيْكَـلِ |
هَيْهات تخدَعُني ابتسامةُ ماكرٍ |
ليس السرابُ لعارفيه بمَنْهَل |
* * * |
يا شاعري نضَّـرتَ رَوْضـي بَعْـدَ أن |
ذَهَبَ الخريفُ بوَجْهِه المتَهَلِّلِ |
أحيَيْتَ آمالي، وكانَتْ مَيْتةً |
ورَفَعْتَ ذِكْـري للسِّمـاك الأعْـزَلِ |
فإذا شَكَرتُكَ كان شَأْنـي مِثْـلَ مـن |
يَهْتِزُّ مِنْ طَرَبٍ لصَوْتِ البُلْبُل |
أنا مِنْ ولائكَ في نعيمٍ سابِغٍ |
يا رَبِّ بـارِكْ أسـرةَ الخِـلّ الوَلِـي |
إن لم تَكُنْ في العُمْرِ أولَ صاحبٍ |
فلأنْتَ عندي في المقام الأولِ |