| نامَتْ على مكتـبي الغافـي بَنَفْسَجـةٌ |
| جاء البريدُ بها من دار غُلْواءِ |
| فقُلْتُ أهلاً وسَهْـلاً بالـتي حَمَلَـتْ |
| عِطْرَ التي ذَكَـرَتْ مَجْنونهـا النائـي |
| أثَرْتِ في القَلْـب أشواقـي لرُؤيتهـا |
| والشَّوْقُ داءٌ – وما أحـلاه مِـْن داءِ |
| طَوَتْ إليّ البراري كي ترافقَني |
| في عُزْلةٍ قَطَعَتْني عن أخلاّئي |
| لكنَّما الموتُ لم يَرْحمْ نَضَارتَها |
| لَقَدْ رماها فأصْمَى السَّهـمُ أحشائـي |
| تألَّقَتْ ليلةً ثم التَوَتْ وذَوَتْ |
| كأنَّها حَمَلٌ في مَذبَحِ الشاءِ |
| لم تُحْيِها أدْمعٌ مِـنْ جَفْـنيَ انهمـرتْ |
| فكيف يُنعِشُهـا كـوبٌ مـن المـاءِ؟ |
| بكَيْتُها وبكاها الساكنون معي |
| في مكتبي، مِـنْ زُهَـيرٍ لابـن طَغْـراءِ |
| ورُحْتُ أبحثُ عـن قُبْـرٍ يليـق بهـا |
| فكان ألْيَقها ديوان خَنْساء |
| * * * |
| يا حُلْوةً مَنَحتْني من مفاتِنها |
| ما لَمْ يَنَلْ شاعرٌ مِـنْ كـفَّ حَسْنـاءِ |
| وأطعمتْنيَ مِنْ فيها ووَجْنَتها |
| شَيئاً تنزّهَ عن شَهْدٍ وصَهْباءِ |
| أفْدي حديقتـكِ الزَّهـراءَ ضاحكـةً |
| بالخُلْد يَضْحَكُ عن زَهْرٍ ولألاءِ |
| وإنْ أَثِمْتُ فإنَّ الله ذو كَرَمٍ |
| وعَفْوُهُ فَوْقَ آثامي وأخطائي |
| سُمْر الملامح أحلَى الناسِ فـي نِظِـري |
| وأنتِ مـا بينهـم أحلَـى سُمَيْـراءِ! |
| يا حُلوةً نَزَلَـتْ قلـبي علـى طَفَـلٍ |
| فَنضَّرت بعد طُول العَهْـدِ صَحرائـي |
| هَتَفْتُ باسمـكِ أيـامَ الشبـابِ فَلَـمْ |
| أسْمعْ لِصَوْتي جوابـاً غَيْـرَ أصْدائـي |
| فأيْنَ كُنْتِ؟ ومَنْ أخفاكِ عـن نَظَـري |
| وكيف كان إلى مَغْناكِ إبْطائي؟ |
| ذَوَتْ حُقولي، فلا فَيْءٌ ولا ثَمَرٌ |
| ما الحَقْلُ دون جَنـًى رَطْـبٍ وأفْيـاءِ؟ |
| حارَ المشيبُ علـى رأسـي وعافيـتي |
| ولم أزَلْ أقتفي آثار غُلْواءِ |