حَمَلْتَ رسالةَ الأدبِ النقيِّ |
فخُذْ هذي التحيّة من "زكيِّ" |
ولا تَعْتَبْ على عَيّي، فإني |
أعيشُ على فُتاتِ الأجنبيِّ |
أبشُّ ومُهْجَتي بالحزنِ غَرْقى |
وأهتِفُ والحياءُ يزيدُ عَيِّيِ |
لَحَى اللهُ النَّوَى… كم أرْهَقتني |
وكم قاسَيْتُ مِنْ ألمٍ خَفيِّ |
أُعالِجُ جُرْحَ قَلْبي بالتأسِّي |
وأُطفِئُ حُرْقتي بدمي الزَّكيِّ |
لحَى اللهُ النَّوى… كم أرّقَتني |
وكم جـارَتْ علـى دَمْعـي العَصِـيِّ |
بَلَوْتُ صروفَها وأنا صَبيٌّ |
فلم تُشْفِقْ على كَبِدِ الصَّبيِّ |
جراحاتي كثيرٌ… غيرَ أني |
أداري نَزْوةَ الجُرحِ الطَّرِيِّ |
أنامُ معَ الرَّطانةِ لا قريراً |
وألبسُ في حِماها غَيْرَ زِييِّ |
تطيرُ حَمائمُ الشَّرْقَين باسمي |
وأبْقَى عندها" هيَّ بن بيَّ"
(1)
|
إذا ما دارَ بالفُصْحى لِساني |
تَضاحَكَ كلُّ صُعْلوكٍ زَرِيَّ |
لكنتُ ألومُ لو أجداه لَوْمي |
ولكنْ هل أجورُ على غَبيِّ؟ |
يُهاتِرُني اللئيمُ فلا أُبالي |
وأخشَى غَمْزَة الحُرِّ الأَبيِّ |
* * * |
أخا الأدبِ الثريّ فَتحْتُ قلبي |
فطالِعْ آيةَ الحبِّ الثَّرِيِّ |
فَشَا رَيْحانه في الأرضِ، فاعْجَب |
لِرَيْحانِ الوَلاَء السَّرْمَدَيِّ |
أمدّ يدي، فلا تَبْخَل عليها |
ببعضِ لآلئِ القَلَم السَّخيِّ |
وأقْسِمُ لَنْ يَخيبَ لدَيك ظَنِّي |
لأني لُذتُ مِنك بأريحيِّ |
عرفُتك – مذ عرفتُك – ألمعياً |
فمَرْحى للصَّديقِ الألمعيِّ |
ترُشُّ الحبَّ في طُرُقِ الأفاعي |
فَيَمْرعُ بالشَّذِيّ وبالشَّهيِّ |
إلى حَلَبٍ، تمتّ، وليس يسعَى |
لِغير المجدِ ذو الأنْفِ الحميِّ |
إذا لم نَقْتربْ داراً، فإني |
قريبٌ منك بالقَلْبِ الوفيِّ |
ألا سَلْه يُجِبْك بأنّ وُدِّي |
شَذيٌّ مثلَ مَعْشرك الشَّذيّ |
وتَجْمَعُنا العروبةُ، وهْيَ صَرْحٌ |
سَما عن كلِّ شَعْوذةٍ وَغَيِّ |
صَفَتْ كسريرةِ العَذْراءِ نَهْجاً |
وراقَتْ كالرحيقِ البابليِّ |
ويَرْبُطنا على رغْمِ التنائي |
تُراثٌ ماجَ بالطِّيب النَّديِّ |
يَفِيءُ إليه ظمآنٌ فَيَرْوَى |
ويَجْلُو غٌمّة القَلْبِ الشَّجِيِّ |
نَشَرْناه عبيراً… وانطَوَيْنا |
ولم نَنْدَم على نَشْرٍ وَطَيِّ |
إذا افتقر الجمالُ إلى حياءٍ |
فما هُو بالأصيلِ ولا البَهِيِّ |
جمالُ الجسـم قَـدْ يَمْضـي، ويَبْقَـى |
جَمالُ الروحِ والخُلُق الرضيِّ |
كلانا صامَ عَنْ كَيْدٍ وحِقْدٍ |
فأرضَى دَعْوةَ الله العلِيِّ |
كلانا شادَ بالإيمان بُرْجاً |
يُطاوِلُ قبّة الفَلَكِ السَّنيِّ |
كلانا غابَ عن أهلٍ وحَيِّ |
وظلَّ يعيشُ في أهلٍ وحَيِّ |
نطيرُ على جَناح الوهْمِ إمّا |
دَعانا الشوقُ للوطَنِ القصيِّ |
لنا مِنْ كَرمة الوادي شَذاها |
إذا أعطَتْ جَناها لِلغَنيِّ |
رَضينا بالسَّرابِ مِنَ الأماني |
فلم نَحْتَجْ إلى قُوتٍ ورَيِّ |
ولم نَزْحَفْ إلى مالٍ فإني |
رأيتُ المالَ حُلْم الأشْعَبيِّ |
تهزُّ نفوسَنا آياتُ عيسى |
وتأسُرُنا تعاليمُ النبيِّ |
إذا استَقْوى صغيرُ النَّفْسِ ناباً |
فوَيْل للضعيف مِنَ القَّويِّ |
وإمَّا جاعَ للدينار حَيٌّ |
فلن تَشْفي المصاريـفُ جـوعَ حَـيِّ |
* * * |
زَفَفْتُ إليك آمالي، فَصُنْها |
وبُلَّ صَبابة القَلْب الصَّدِيِّ |
أسير على هُـدَى "شوقـي" وأجـني |
ثماري مِنْ حُقولِ "البُحْتُريِّ" |
كفرتُ بكل فنَّانٍ يُصلّي |
على أقدام باغٍ أو بَغيِّ |
قوام الفنِّ إيمانٌ وَخُلْقٌ |
فما نَفْعُ السفيهِ اللَّوذَعِيِّ؟ |
إذا ما عَاب شعري مالِطيٌّ |
ضَحِكْتُ لترّهاتِ المالطيِّ |
غسلتُ يَـدَيَّ مـن شِعْـر الأحَاجـي |
فكيفَ أروضُ ثائرةَ الدعيِّ؟ |
مَعاذَ الله أخرجُ مِنْ ثيابي |
وأمشي في طريقٍ لا سَويِّ |
عَشَقْتُ الضـادَ منـذ فَتَحْتُ عيـني |
على شِعْرِ التراثِ العَبْقَريِّ |
فكيف أعـقّ مَـنْ شَـدُّوا جَناحـي |
ورَشّوا النورَ في ليلي الدَّجيِّ؟ |
على حَرَمَ البيان قَدِ التقَيْنا |
وطُفنا في حِماه السُّنْدُسيِّ |
صديقُك يعربيُّ الروح، فاشْرَبْ |
على ذكرى الصديق اليَعْرُبيِّ |
ألَـم ترني رَفَعـتْ الكـأس بُشْـرى |
لقائِكِ في اجتماعاتِ النديِّ
(2)
|
لئن أرضَى العُـلا شِعْـري… فإنـي |
أَدَرْتُ شَرَاب كَوْثَرك النقيِّ! |