| أثار الزَّهْوَ في دانٍ ونائي |
| وأحيا فيهما روحَ الرَّجاءِ |
| بَدا تِشْرين خفّاقَ اللواءِ |
| كما اختالَ الربيـعُ علـى الشّتـاءِ |
| فكيف أروض شامِسَ كبريائي؟ |
| * * * |
| يميناً لا أرى في الحَرْب إلاّ |
| وبالاً يَشْمَل الأطراف كُلاّ |
| ولكن هَلْ يُطيق الحرُّ ذُلاّ |
| ويَرضَى عاقلٌ أن يُستَغَلاّ |
| ويَرْضَخ للهوانِ وللغناءِ؟ |
| * * * |
| بَسَطْنا كفَّنا بالياسمينِ |
| فلم نَحْصُدْ سوى الشَّـوْك السنـينِ |
| لئن شِبْنا على مرِّ السنين |
| فما زِلْنا لُيُوثاً للعَرينِ |
| ولم نَبْرحْ نُسوراً للفَضاء |
| * * * |
| بنَى تشْرينُ ما هَدَمَ الخُمولُ |
| فليس لشَمْس سوريَّا أُفولُ |
| نقولُ فلا يُكذَّبُ ما نَقولُ |
| لئن طِبْنـا لقـد زَكـتِ الأصـولُ |
| وهَلْ يلدُ السخاءُ سوى سَخاء؟ |
| * * * |
| شبابَ الشام إنَّ الحقَّ يَعْلو |
| وأنتم دَْعوةٌ للحقِّ تحلُو |
| غَلَوتم في هـوى وَطَـنٍ… ويَغْلـو |
| تُرابٌ لا نظيرَ له، وأهلُ |
| وتاريخٌ يقومُ على العَطاء |
| * * * |
| قَذَفتمْ بالعدوِّ إلى الجحيمِ |
| وتِلْكَ مَراتعُ الظُّلْم الوَخيمِ |
| ولَسْتمْ مِـنْ ذوي الخُلُـق الذميـم |
| ولكنْ مَن تحرّشَ بالكريمِ |
| جَنَى مِنْ صُنْعه سوءَ الجَزاءِ |
| * * * |
| تَسَلَّحتمْ بإيمانٍ وصَبْرِ |
| فمِنْ نَصْرٍ تَنقَّلْتمْ لنَصْر |
| وكم حَجَرٍ صغـيرِ الشـأن يُـزري |
| بِرَشّاشٍ، ويَكْسِرُ جُنْحَ نسرِ |
| فيَهْوي للحضيضِ من العَلاءِ |
| * * * |
| غَسَلْتُمْ بالدّمِّ المسفوحِ عارا |
| تطاوَلَ عُمْرهُ ودَجا غُبارا |
| لأنتُم أكرمُ الأحْياء دارا |
| وأوْقدُهمْ على الرَّبَوات نارا |
| وهل يَدْنُو سَراجٌ من ذُكاءِ؟ |
| * * * |
| رَوَى بَرَدى غليلكُم صِغارا |
| وشدَّدَ مِنْ عَزيمتكم كِبارا |
| لكمْ أمّنْتُمُ في الرَّوْعِ جارا |
| فما حَفِظَ المودّةَ والجِدارا |
| وأنتم ساهرونَ على الوَفاءِ |
| * * * |
| ويا تِشْرينُ يا مَلِك الشهورِ |
| حَمَلْتُ إليك قلبي في شُعوري |
| كبيراتُ الحوادثِ للدُّثورِ |
| وذكرُكَ خالدٌ أبدَ الدُّهور |
| يردّدُهُ صَباحٌ عن مساء |
| * * * |
| قلوبُ النازحينَ عليك حامَتْ |
| ومِنْ أفراحها قَعَدَتْ وقامَتْ |
| نَزَلْتَ بها كمـا البُشْـرى فناحَـتْ |
| وصلّت لاسـم سُوريـا وصَامَـتْ |
| وكم تَهْوَى القلوبُ على التَّنائي! |
| * * * |
| يَعيبُ العائبون عليّ أني |
| أُشيدُ بمَجْدِ ماضِيَّ الأغَنِّ |
| فقلتُ لهمْ وهَلْ عِيبَ المُغَنِّي |
| لأن جُدودَه أصحابُ فَنِّ |
| توارثَ منهمُ حُبَّ الغناء؟ |
| * * * |
| سنَبْني مثلَهم أبراجَ مَجْدٍ |
| ونَفْتَحُ بالمحبة كلَّ حَدِّ |
| نريدُ السيفَ ذا حدَّيْن: حدٍّ |
| لتأديبِ التعدّي والتحدِّي |
| وحدٍّ للشِّفاءِ وللعَزاءِ |
| * * * |
| وما أنا مَـنْ يحـضُّ علـى القتـالِ |
| ولكنْ لا مَناصَ مِنَ النِّضالِ |
| أرى صُهْيونَ تُمْعنُ في الضلالِ |
| وتَسْرِقُ مَوْطني وتُبيدُ آلي |
| فهل أرجو لها طولَ البَقاءِ؟ |
| * * * |
| يا شهداءَ سوريا سَلاما |
| يَفُوحُ على مَراقدَكمْ خُزامَى |
| إذا بحُماته وَطَنٌ تسامَى |
| سَمَوْتمْ فـوقَ هـامِ النجـمِ هامـا |
| وجُزْتمْ كلَّ حدٍّ للفِداء! |
| * * * |
| نَمُجُّ من الصهاينةِ الدخيلا |
| ونحترمُ اليهوديَّ الأصيلا |
| ولو هُو جاءَنا ضَيْفاً نبيلا |
| فَرَشْنا بالورودِ له السبيلا |
| ولم نُضْمِرْ له غيرَ الوَلاءِ |
| * * * |
| رَعاك اللهُ يا أسدَ الشآمِ |
| غَنَيْتَ بما فَعَلْتَ عن الكلامِ |
| لقد نَصَبُوا لنا فخَّ السلامِ |
| فلَمْ تُخْدَعْ ببارِقَةِ ابتسامِ |
| وميّزْتَ الظَّلامَ مِنَ الضياءِ |
| * * * |
| تَخَلَّى عنك في الجُلَّي الشَّقيقُ |
| وحوَّلَ وجهَهُ عنك الصّديقُ |
| فقُلتَ أخوضُهـا… لكـن أفِيقـوا |
| فنحنُ –وإنْ تَفَرَّقتِ الطريقُ- |
| رفاقٌ في الهَناءِ وفي الشَّقاءِ |
| * * * |
| وخَضْتَ الحَرْبَ وَحْـدَك، لا تُبالـي |
| بأوزارٍ وأعباءٍ ثِقالِ |
| تقودُ إلى العُلا هِمَمَ الرجالِ |
| - ولا إسرافَ - بل قِمَـمَ الجِبـالِ |
| وجَيْشاً مِنْ صَناديدِ الفِداءِ |
| * * * |
| أمدُّ إليك يا أسدَ الشآمِ |
| يميني بالتحيةِ والسَّلامِ |
| رَفَعْتَ رؤوسَنا بَيْنَ الأنام |
| وحرّرتَ العُقولَ مِنَ الظَّلام |
| فكيف أفيك حقَّك بالثناءِ؟ |
| * * * |
| كذا أعطاك ربُّك ما تُريدُ |
| وذلَّ أمامكَ الخَصْمُ العَنيدُ |
| عدوُّ الحقِّ في الدنيا شَريدُ |
| وفي أخراه مَنْبوذٌ طَريدُ |
| وليسَ المجرمونَ بأقوياءِ |
| * * * |
| ويا تِشْرينُ ذكـرُكَ سَـوْفَ يَبْقَـى |
| مثالاً يُحتَذَى غَرْباً وشَرْقاً |
| وسَوْفَ تظلُّ للآمالِ أُفْقا |
| كَوَجْهِ الصُّبْحِ أو أبْهَى وأنْقَى |
| وتَبْقى الشامُ مَزْرَعَةَ الرجاءِ! |