| أصَوْتُـكِِ العَـذْبُ أمْ صَهْباءُ دارِينـا |
| تبارَكَ الصَّـوتُ كم داوَى محازينـا
(1)
|
| يا أمَّ كُلْثومَ ما رجّعْتِ قافيةً |
| إلاّ هَتَفْنا لها آمين آمينا |
| أخْجَلْتِ في الرَّوْض مَنْ غَنّى على فَنَـنِ |
| وفي المنابر مَنْ هزَّ الملايينا |
| إنْ تَسْألينيَ عَنْ أهْلي، فإنّ أبي |
| يَرْقَى إلى آدمٍ جَدِّ النَّبيِّينا |
| وإنْ تحرّيتِ ما عُمْـري فـلا تَسَلـي |
| -كي تعلَمي خـبري- إلاّ الحسَاسينـا |
| بيني وبينكِ – لـو تَدْريـنَ – رابطـةٌ |
| مثـل الـتي بَيْنَ جبريـلٍ وكارينـا
(2)
|
| يَخْضَوْضِلُ الرَّوْضُ في استقبالِ شاعـرهِ |
| وتَضْحَكُ الأرضُ زَهْـواً حيث تمشينـا |
| هاضَت رياحُ النَّوى والوَجْدِ أجنحَـتي |
| فكيفَ أرقَى بشِعْري حيـثُ تَرقينـا؟ |
| أخْشَى شماتةَ دُوريٍّ يعيّرني |
| ولا أخاف علـى ضَعْفـي الشَّواهينـا |
| يا أمَّ كُلْثومَ كم في الفَـنِّ مِـنْ عبَـثٍ |
| وكمْ دَخيلٍ عصـيرَ الصـاب يَسْقينـا |
| ما صَبَّ صَوْتُـكِ في سمعـي حلاوتَـه |
| إلاّ استحالتْ متاهاتي بَساتينا |
| حَقٌ لِمِصْرَ بأن تُزهَـى، فمـا وَلَـدتْ |
| للفنِّ والشِّعْر إلا العبقريّينا |
| للشِّعر شَوْقي، وللتّغْريدِ فاطمةٌ |
| ماذا تَرَكْتمْ لحادينا وشادينا!
(3)
|
| * * * |
| يا أمَّ كُلْثـومَ كـم فرَّجـتِ كُرْبَتَنـا |
| وكم مَسَحْت دُموعاً في مآقينا |
| وكم أَسَوْتِ جَراحَ الوَجْـد في مُهَـجٍ |
| تَهْفُو لواديكِ أو تَصْبو لوادينا |
| هامَت بصَوْتِـكِ غَلْوائـي فقُلْتُ لهـا |
| يا مُنْيةَ النفس حُبّيها وحُبينا |
| لَجَّ الخليّـونَ في عَذْلـي، وما علمـوا |
| أني اعتَنَقْتُ الهوى – جَلَّ الهَوَى – دينا |
| ماذا على صاحبِ السَّبعينَ إنْ زَعَمـوا |
| أنّ المحبةَ عَيْبٌ في الثمانينا؟ |
| لا أستحي إن يقولـوا حَـبَّ عاشـرةً |
| وأستحي إن يقولوا حَبَّ تَقْنينا |
| مهما كَبِرْتُ فقَلبي في نَضَارتهِ |
| كأنه لم يَزَلْ دونَ الثلاثينا |
| ما قصَّرَ الحُبُّ أيامي وشوَّهَها |
| بل مَدَّها وأراني الشَّوْكَ نِسْرينا |
| وجَنّحتْ يدُهُ شِعْري، فقافيَتي |
| كالشَّمْسِ تَغْمُرُ حتى الهِنْـدَ والصينـا |
| * * * |
| يا أمَّ كُلْثومَ عيني عَنْك نائيَةٌ |
| والقَلْبُ دانٍ، فهـل نُدْعَـى بُعَيدينـا؟ |
| لا بدَّ مِنْ زَوْرةٍ للنيلِ تَحْملُني |
| إلى ثراكِ فأكسوه رَياحينا |
| لَمْ يطوِكِ القَبْـرُ مهمـا تَنْقَلِـبْ دُوَلٌ |
| يَفْنَى الجُدودُ، ولكـنْ أنـتِ تَبْقينـا! |