ضَحِكَتْ مِـنْ شَيْبـتي بِنْـتُ الغَجَـر |
ْفَجَلَتْ ضِحْكَتُها عني الكَدَرْ |
يا لَها جِنِّيةً شارِدَةً |
طَلَعَتْ في ليل أشجاني قَمَرْ |
إنها كالناس، لكنْ صَوْتُها |
لم يَقَعْ عندي كأصْواتِ البَشرْ |
أيُّ سِرٍّ في مَطاوي صَدْرها |
كَتَمَتْه عن مصابيح البَصَر؟ |
لسـتُ أدري هـلْ أتتْ مِـنْ عَبْقَـرٍ |
أمْ مِنَ الفِرْدوسِ أم وادي سَقَرْ |
خَطَرتْ في ثوبها الضافي، فقُلْ |
نَغَمٌ ما دار في بالِ الوَتَرْ |
خَبّأتْ في نَحْرِهَا الفَجْر، فيا |
صاحبَ الحَظـوة مـا أحْلَـى المَقَـرْ |
قلتُ من أين؟. فقالت وطني |
أينما أغمضَ عَيْنيَّ السَّهَرْ |
لُغَتي من لُغة الطّير إذا |
هَزّه الفَجْرُ فصَلَّى وشَكَرْ |
أنا كالريح، فسَلْها هَلْ لها |
وَطَنٌ تأوي له أو مُسْتَقَرْ |
أو سَلِ المَوْجَةَ في تَجْوالِها |
هَلْ بَرَى أقدامَها طولُ السَّفَرْ |
أو سَلِ الغَيْمة من أينَ أتَتْ |
وإلى أينَ ستمضي بالمَطَرْ |
زَجَّني في كلِّ وادٍ قَدَري |
هَلْ بإمكانيَ أن أعصِي القَدَر؟ |
إن دَهاني طارقٌ مِنْ شَجَنِ |
لمْ أصاولْه فولّى واعتَذَر |
مَنْ أراد النَّصْر فلْيَضْحَكْ له |
انقباضُ النَّفْـس مِـنْ طبْـع الحَجَـرْ |
سَعِدَ الناسُ قديماً حين لا |
حاجزٌ بينَ حُدودٍ وأخَرْ |
خلقَ اللهُ البرايا أُسْرةً |
كيفَ صارت أسْرَةُ الله أُسَرْ؟ |
كيف أمسى القَتْلُ فيهم سُنّةً |
وتساوَى عندَهم خيرٌ وشَرْ؟ |
يَفْتِكُ الوَحْشُ بوحشٍ إن يَجُعْ |
وهُمُ لا جُوعَ لكن من بَطَرْ |
ليسَ في دنيايَ شرٌّ أو أذىً |
كيف يُـؤذي جـارَه الجـارُ الأبَـرْ؟ |
طُردتْ منها الأفاعي، واخْتفَى |
شَجَرُ التفَّاح فانجابَ الخَطَرْ |
بالشَّذا والحبِّ قد سَوّرتُها |
فَلْيَلِجْها الناسُ بَدْواً وحَضَرْ |
تَكْرُجُ البَسْمةُ في مَدْخَلها |
ويُحيِّي الضَّيفَ طَيْرٌ وزَهَرْ |
قُلْتُ لا فُضَّ فمٌ يَحْسُدُه |
كلُّ صيادٍ خبيرٍ بالدُّرَرْ |
إن لـي أمنيـةً مَكْبوتــةً |
أستحي منهـا.. فقالـتْ مـا الخَبَـر؟ |
قلتُ أن ألْثمَ خَداً يانعاً |
طاب لِلْعَينيْن زَهْراً وثَمَرْ |
فدَنَتْ مني وأدْنَتْ خدها |
بدلال، ثم قالت في خَفَرْ |
باسَ خَدِّي غَجَريٌّ واحدٌ |
فكَنِ الأولَ مِنْ غَيرِ الغَجَر! |