| أحبَبْتُ تُرْكيّةً مِنْ آل عثمان |
| حُباً تَغَلْغَلَ في عَقْلي ووُجْداني |
| توارَثَتْ مِنْ أبيها بعضَ شِدَّتها |
| ومِنْ شَقيقِ أبيها طَبْعها الحاني |
| كانت إذا رَضِيَتْ نُـوراً وإن غَضِبَـتْ |
| ناراً، فَعِشْتُ علـى وَصْـلٍ وحِرْمـان |
| وكان أرْوَعَ ما فيها ثَقافتها |
| فقد أحاطتْ بعِلْـم الإِنْـسِ والجـانِ |
| الشعرُ تحفظُ منه ألفَ قافيةٍ |
| والنَّثْرُ تَعْـرِفُ منـه ألْـف "لُقْمـانِ" |
| كيف اهتَدَيْتُ لهـا؟ لمْ أصطَنـعْ سَببـاً |
| لكن رَمانـي بهـا دَهْـري فأصْمانـي |
| عَرَفْتُها عَرَضاً في نَدْوة جَمَعتْ |
| عشيرة الفِكْـرِ مـن شِيـبٍ وشُبّـانِ |
| ولم تَكُنْ منهمُ أصلاً ولا نَسَباً |
| لكنها اشتَركَتْ في نَقْد ديواني |
| تَحَرَّشتْ ببياني، ثمَّ ما لبثَتْ |
| أنْ أنشَبَتْ بثيابي ظُفْرها القاني |
| قالتْ – وقد فَتَحَتْ بالغصب خطبتهـا |
| لم تَنْتظِرْ دَوْرَها أوْ يَثْنِها ثانِ – |
| إني لَتُركيّةٌ، لكنَّ والدتي تَرْقَى |
| لعَدْنانَ أو تَسمُو لغسّان |
| ما للسَّحاب تداعَـى حـينَ لا مَطَـرٌ |
| وللزُّهورِ تَثَنَّتْ دونَ ألوان؟ |
| إني انحدَرْتُ إلى أعمال شاعرِكم |
| ولم يِفُتْنِيَ مما قال بَيْتان |
| فمـا عَثَـرتُ علـى زَهْـرٍ ولا ثَمـَرٍ |
| ولا وَقْعتُ على ماءٍ لِظَمآن |
| لا تُخدَعوا بعِباراتٍ يُنَمِّقُها |
| بعضُ الصلاةِ تسابيحٌ لأوْثانِ |
| أشْعاره… بَعضُهـا نَهْـبٌ وقَرْصَنَـةٌ |
| وبعضُها تُرّهاتٌ دونَ أوزانِ |
| يَشْكو جَـواه ومـا في قَلْبـه شَجَـنٌ |
| هل يَطْرُق الوَجْدُ قَلْباً غَيْـرَ وَلْهـان؟ |
| كَذِبٌ تَدّيُّنُهُ، زُورٌ تَخَشُّعُه |
| يا رُبَّ كُفْرٍ بدا في زِيِّ إيمانِ |
| لا يَذْكُرُ اللهَ إلاّ حينَ يَدْهَمُهُ |
| مِنَ الطوارئ والأحداث خوْفانِ |
| إني عَرَفتُ له عِشْرين غانيةً |
| يَلْهو بهنّ، بطَرْف هادئٍ هاني |
| غَلْواءُ كلُّ فتاةٍ في حبائله |
| عُمْرُ الصَّبابة في عَيْنَيْه يَوْمانِ |
| بلّغْتُ ما سمعتْ أذْني وما شَهِدَتْ |
| عيني… فلا تسألوني أين بُرهاني… |
| ثم استدارَتْ وحَيَّـتْ وهـي خارجـةٌ |
| كأنها انتصرتْ في هَزِّ أرْكاني |
| * * * |
| ومرَّ عامٌ وفي عَيْنيَّ صورَتُها |
| وصَوْتُها العَذْبُ في قلبي وآذاني |
| لم يؤذِني أنهـا جـارَتْ علـى كبِـدي |
| ما أطيبَ الجَوْرَ مِـنْ ظَبيـات عُثْمـان |
| ولم يُثرني تَماديِها على أدبي |
| فِداءُ مُقْلَتها شِعْري وألْحاني |
| * * * |
| وذاتَ يومٍ تصادَفْنا فمَا ذكرَتْ |
| ما كان منها وقالـت وَهْـي تَلْقانـي |
| أحْبَبْتُ شِعرَك، لكنْ لو أتَيْـتَ علـى |
| ذِكْري لكُنْتَ بعَيْني فَـوْقَ "جُبْـرانِ"! |