ها أَنا أُعلِنُ حَرْبي مِنْ جَديْد |
ضدَّ مَنْ قيّد رِجْلي بالحَديدْ |
ضِدَّ تُجّار الحُروبْ |
ضِدَّ أعداءِ الشعوبْ |
ضِدَّ جَلاَّدي الذي لا يَرْحَمُ |
ضِدَّ لَيْلٍ ليس فيه أنْجُمُ |
ضِدَّ آتيلا ومَنْ يَجْري على آثارهِ |
ومَنْ استوصى بما قد شاعَ مِنْ أخْبارِهِ |
ضِدَّ مَنْ ألبَسَني ثَوْبَ المَهانَهْ |
ومِنْ اسْتَهْوَتْهُ ألْقابُ الخِيَانَهْ |
* * * |
ماتَ أهلي، أوْ هُمُ بين شَريدٍ وَطريدْ |
وأُبيحَتْ حُرُماتي لِلْبَغايا والعَبيدْ |
أنا شَعْبٌ بَيْنَ أنيابِ الضَّواري قد سَقَطْ |
غَيْرَ أني سأقاويهم بإيماني فَقَطْ |
عُدْتُ للوَعي، وعادَتْ لي الحَياةْ |
أيْقَظَ الضَّيْم رُفاتي فَهُو نارٌ لا رُفاتْ |
أنا قَدْ جُرْتُ على نَفْسي، فلَنْ أعْذِلَ غَيْري |
قد بَلَغْتُ الرّشْدَ فلأَعْرِفْ إذَنْ شَرِّي وخَيْري |
كنتُ في الماضي وكان الناسُ في المُسْتقبلِ |
صِرْتُ في القاعِ، وصاروا في السِّماك الأعْزَل |
لستُ أهْتَزُّ لِصَوْتٍ غَيْرَ صَوْتي |
فإذا ما مِتُّ مَخْنوقاً فلا تبكوا لمِوْتي |
لنْ أُباهي بجُدودي، فجُدودي ذَهَبوا |
لم يُشَرِّفْ قيمةَ المَرْءِ جُدودٌ ذَهَبُ |
أنا لا آكلُ ممَّا زرعوا |
لا ولا ألْبَسُ مما صَنَعوا |
إنهم أهْلُ حَضَارهْ |
قد زَكَتْ أمَّاً وأبْ |
ثم آلتْ لِخَسارهْ |
وأنا كنتُ السَّبَبْ |
غَيْرَ أني في غَدٍ أستِرْجِعُ المَجْدَ المُضَيَّعْ |
ثمَّ أبني فَوْقَه أعلى وأوْسَعْ |
ليسَ عندي طائراتٌ ورُجومٌ وبَواخرْ |
وسَلاحٌ نوويٌّ يملأ الدنيا مَقابرْ |
ليسَ عندي حُلَفاء أقوياءٌ أغنياءْ |
يَقْلِبون البُطْلَ والدَّيجور حقاً وضِياءْ |
إنما عِنْديَ إيمانٌ وعَزْمٌ لا يَلينْ |
وشبابٌ مُؤمِنٌ لا يَستَلينْ |
قد نَفَضْتُ النَّوْمَ عن جَفْني الكَليلْ |
وعَقَدْتُ العَزْمَ أن أمحو حُروفَ المُستحيلْ |
غَضْبَتي لَيْسَتْ – كما ظَنُّوا – سَرَابا |
غَضْبَتي تَحْمِل وَيْلاً وَخرابا |
وَتصُبُّ المَوتَ للباغي شَرابا |
وتُثيرُ الشَّعْبَ شِيباً وشَبابا |
لا أريدُ السَّلْم ذُلاً وسَلامهْ |
بلْ أريدُ السِّلْم عَدْلاً وكَرامَهْ |
* * * |
مِنْ خَليج العُرْبِ أمْتَدُّ إلى البَحْرِ المُحيطْ |
في دَمي مِنْ أمَم الأرضِ خَليطْ |
فيَّ مِمَّنْ وطِئوا أرضي جُذورْ |
غَيْرَ أني عَرَبيٌّ بالشُّعورْ |
وأنا باقٍ إلى يَوْم النُّشُورْ |
عَرَبيٌّ المُنْتَمى |
عَرَبيٌّ كيفَما |
عَرَبيٌّ مِنْ هنا حتى السَّما |
* * * |
الذين استَعْمروني بَشَرُ |
والذين استِثْمروني بَشَرُ |
والذين استِصْغَروني بَشَرُ |
فمتى يَدْرونَ أني بَشَرُ؟ |
كلُّ صَبْرٍ لِنَفادْ |
واصْطِباري قَدْ نَفَدْ |
فإذا اخْتَرْتُ الجِهادْ |
فلأني ضِقْتُ روحاً وجَسَدْ |
* * * |
لا تجادلْني بأصْلِي، لا تَسَلْ عن نَسَبي |
فَلْسَفات العَرْقِ والتاريخِ لا يُقْنِعْنَني |
كلُّ هذا تُرّهاتٌ وقُشُورْ |
طُوِيَتْ مُنْذُ دُهورٍ ودُهورْ |
يا صديقي لا تَعُدْ بي القَهْقَري |
قَدْ دَفَنّا أمْسَنا تَحْتَ الثَّرَى |
أنا لا أعْلَمُ إلاَّ أنني |
بشعوري ولِساني عَرَبيْ |
بضميري وبَياني عَرَبيْ |
بحضُوري وغِيابي عَرَبي |
بوَلائي وعِدائي عَرَبيْ |
كَيْفَ لا تَفْهم أني عَرَبيْ؟… |
* * * |