كُرْمَى عيـونِ حَفيدتـي وحَفيـدي |
شَاغَلْتُ قلـبي عـن عُيـون الغِيـدِ |
لَمْ يَبْقَ عندي مَطْمَعٌ بمَليحةٍ |
أنفَقْتُ في رَصْدِ الجمـالِ رَصيـدي |
إني استَعَضْتُ عن الضلالـة بالهُـدَى |
وعَصَمتُ مِنْ كتُبِ الغـرام بِريـدي |
الثائرُ العِرْبيدُ في صَـدْري ارْعَـوَى |
عَوَّذتُه مِنْ ثائرٍ عربيدِ |
لم يَعْنُ للدَّهْر العنيدِ ولا لَوَى |
زَنْداً له… ولَـواه صَـوْتُ وليـد |
صارَ الغَويُّ لطاعةٍ وعبادةٍ |
مِنْ غَيْر إكراهٍ ولا تشديد |
وغَدا القَريبُ هـو البعيـدُ، وطالمـا |
كان البَعيدُ عليَّ غيرَ بَعيدِ |
أنا في خَريفِ العُمْر، لكـنْ لم أتُـبْ |
عَنْ شيمـتي في الشَّـدْوِ والتَّجْويـدِ |
يأبَى جناحي أن يَسِنَّ علـى الثَّـرَى |
ويُريدُني أبَداً على التَّصْعيدِ |
ماذا أقولُ لألْثَغَيْنِ تَوَزّعا |
عَيْنيَّ، واتّفقَا على تَجْدِيدي |
بَعَثا رُفاتي من ثَرايَ وعالجا |
رُوحي فعادَتْ طِفْلَةً في عيدِ |
يتضاحكانِ فمُهْجتي في جنَّةٍ |
ويُقَطّبانِ فيا جَهنمُ ميدي |
يا طالما رَقَـدا علـى زَنْـدي فلـم |
أزْعِجْهما، ونعِمْتُ بالتَّسهيدِ |
ولطالما رَكبـا علـى ظَهْـري فلَـمْ |
أرْزَحْ… وأرْزحُ غالباً بزَهيدِ |
ولطالما عَبَثَا بما في مكتَبي |
فَتَرَكْتُه لعَنيدةٍ وعَنيدِ |
يتقاسمانِ دفاتري ورسائلي |
ويُنظِّفان قفاهما بقَصيدي |
أرْنُو إلى ما يفعلان مُرَدّداً |
صُنْ يـا إلَـه العَـرْشِ كـلَّ وَليـدِ |
واغْمُرْ بأنوار المحبَّةِ قَلْبَهُ |
لا يَحْمِلَنْ وِزْرَ الجدودِ حَفيدي |
عَبَسَ الغُروبُ فيـا حفِيـدَيَّ اطلعَـا |
قَمَريْن في ليلـي وليْـلِ وحيـدي
(1)
|
لا تَجْعَلا للحقْدِ في قَلْبيْكما |
وَكراً فدَرْبُ الحِقْـد غـيرُ حَميـدِ |
الحبُّ شَقَّ إلى الحياة مَسَالكي |
والحقْدُ زِعْزَعَ فيَّ كلَّ وَطيد |
لا بدَّ أن أطْـوي جناحِـيَ في غَـدٍ |
فَخُذا مِنَ الدنيا بكلِّ جَديدِ |
لا تُصْغيا للزاعمين بأننا |
رَغْمَ ازدهارِ العِلْـم، عَصْـرُ عَبيـدِ |
مهما تَسَكَّعْنا نَظَلُّ مَنارةً |
بينَ العُصـور الزُّهْـر منـذُ لَبيـدِ
(2)
|
مَنْ قال إن الأمسَ أفضـلُ من غَـدٍ |
ما زال في عصـرِ الفضـاءِ جَليـدي |
* * * |
يا قرَّتَي عَيْنَيَّ إنيَ ذاهبٌ |
لكنَّني سأكونُ غيرَ بعيدِ |
سأعودُ في يَومَيْن طَيْراً شاديًا |
أو زَهْرةً، أو مَطْلِعا لنشيد |
الموتُ جِسْـرٌ واصـلٌ مـا بعـدَه |
واللَّحْدُ يَرْبطُ طارفاً بتَليدِِ |
ما دامَ عنـدي مـن يُتابـعُ رَحْلَـتي |
هَيْهَاتَ ما أنا طامعٌ بمَزيدِ |
إني غَسَلْت من الذنـوب سَريرتـي |
يا رَبُّ جَنّبْني عُيون الغيدِ!.. |