شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
رسـول الكنانـة
في استقبال شاعر الأهـرام محمد عبد الغـني حسـن وكان ينوي زيارة الأرجنتين
حيّاكِ باسْمِ عشيرة الأدباءِ
شادٍ يعيـشُ علـى سَـرَاب رَجـاءِ
هاضَتْ جَناحَيْه الرياحُ عَتِيّةً
وَرَمَتْه بين البَحْرِ والصَّحْراءِ
لم يَجْنِ مِنْ دُنياه إلاّ خَيْبةً
أوَ تلْكَ آخرةُ اليَدِ البَيْضاءِ؟
مُتَغَربٌ عن عِشِّهِ، مُتَغيّبٌ
عن سِرْبه، مُتَعطِّشُ لِلِقاءِ
الحَرْبُ دائرةُ عليه، وروحه
في مَعْزلٍ عن نارِها الحمراءِ
تَجْري وراءَ طريدةٍ فِكْريةٍ
وتحومُ حَوْل خَريدةٍ عَصْماءِ
عيناهُ في الزَّرقاءِ تجتليانِها
ويَداهُ بين سَفاسفِ الغَبْراءِ
لولا هَـوَى غَلـواءَ لانطفـأ السَّنَـا
في أُفْقه… سَلِمَتْ يدا غَلْواءِ
هِيَ في مَتاهاتِ الحياةِ دَليلُه
وعَزاؤه… إن يَفْتَقر لعزاءِ
يا شاعـرَ الأهْـرام قلـبي لم يَـزَلْ
للشِّعْرِ مَفْتوحاً، ولِلشُّعَراء
ولِنَفْحةٍ ريّانة مِنْ رَبْوةٍ
ولِنَغْمةٍ نَدْياءَ مِنْ وَرْقاءِ
يَسَعْ الهَزارَ ولاَ يضيق بناعِبٍ
ويَبشُّ للسّمراءِ والشَّقراءِ
لم تَسْتَطعْ غِيَرُ النّوَى تَرْويضَه
أوْ تُغْرِهِ بوِجاهةٍ وثراءِ
إيوانُ كِسْـرى لا يسـاوي عِنْـدَه
بَيْتاً جميلَ السَّبْكِ "للخنساءِ"
نَبَذَ السعادَةَ لا يُظلُّ جناحُها
قَصْرَ الأمير وخيمةَ السَّقَاءِ
يَشْجَى لِشَـدْوِ حَمامـةٍ، وتُمِضُّـهُ
زَفَراتُ باكٍ أو عُبوسُ مَساءِ
يَصْبُو إلى "وادي الملـوكِ" ويَشْتهـي
لو عاش في جنّاتِه الغَنّاءِ
كَمْ طِفْتُ بالأحلام في جَنَباتِهِ
وسَعَيْتُ بين رمالِه السَّمْراءِ
* * *
أنا ظامئ للنِّيل… هَلْ مِـنْ رَشْفَـةٍ
تُطفي إلى نَهْر الخلودِ ظِمائي؟
أنا في عُروقي حامِلٌ أنفاسَه
شُمّوا دمائي تَنْتَشوا بدِمائي
أحبَبْتُ مِصْرَ حضارةً بنّاءةً
فاضَتْ على الآفـاقِ بَحْـرَ ضِيـاءِ
ضَرَبتْ بأعماق الدُّهـور جُذورَهـا
وفُروعُها في القُبَّةِ الزَّرقاءِ
أحبَبْتُ مِصْرَ ثقافةً سَيّارةً
تجتازُ أرْجاءً إلى أرْجاءِ
مَلأتْ سماءَ المَشْرِقَيْن كواكباً
فانجابَ عنهـا ألْـفُ ألْـف غِشـاءِ
أحببتُها مأوىً لكلِّ مشردٍ
ومَحَجَّةً للعِلْم والعُلَماء
تُرْجَى فتَنْـدَى في الشدائـدِ كفُّهـا
يُرجَى الكريمُ لشدةٍ وعَناءِ
تُعطي بلا منٍّ، وتلكَ سَجيةٌ
شَأَتٍ العطـاءَ، وذاك خَيْـرُ سَخـاءِ
أحبَبْتُها للعبقريةِ مَنْبِتاً
في غير ما زُهْدٍ ولا خُيَلاءِ
"شَوْقي" أميري لَسْتُ أعْـرِف غَيْـره
نَسْراً تَجَاوزَ قبّةَ الجَوْزاءِ
حِكَمُ العُصور تزاحَمَـتْ في شِعْـره
وتلألأت في نَثْره الوَضَّاءِ
لا يتّهِمْني بالرِّياءِ مُكابرٌ
نَزّهتُ قولي عن قبيح رِياءِ
أو فَلْيَقُلْ ما شـاء… أنـي شاعـرٌ
وزّعْتُ بين الأقرباء وَلائي
أنا إنْ شَتَمتُ أخـي، فإنـي شاتـمٌ
نَفْسي، ومُنْتَهِكٌ ثَرَى آبائي
الشامُ مَهْدي والِكنانةُ قِبْلَتي
ولواءُ لبنانَ الجريحِ لِوائي
مهما تنابَذْنا فإنّا أُسْرةٌ
عَربّيةُ الآمالِ والأهواءِ
أمُّ اللُّغاتِ وَشيجةُ ما بيننا
سِيّانِ دانٍ في البلادِ وناءِ
جَمَعَتْ قلوبَ العُـرْب في ملكوتهـا
وتفردّتْ ببلاغةٍ وصَفاءِ
في ظلِّها يَئِدونَ كلَّ خُصومةٍ
ولِعِزّها يَرِدُونَ كلَّ فضاءِ
لِلشِّعْرِ فيها ألْفُ رَوْضٍ يانعٍ
ولطائراتِ الفِكْر ألفُ سَماءِ
الفاتحونَ مَضَـوا… وظلّـتْ قَلْعَـةً
هَلْ كان مَجْدُ السيف غَيْـرَ هَبـاءِ؟
مَنْ لم يَشِـدْ بالحبَّ حائـطَ مُلْكـهِ
فجنودُه و جهودُه لِفناءِ
* * *
طُفْ يا رسولَ الفّـنَِ بـين قلوبِنـا
إنّا غَسَلناها مَنْ البَغْضاءِ
وانْزِلْ بـلا حَـذَرٍ علـى أجْفاننـا
فلقد حَرَسناها من الأقْذاء
لا سُوقَ في أدب الحياةِ لِبدْعةٍ
تختال بين رَطانةٍ وهُراءِ
دعَتِ الخروجَ على الجَمـال حَداثَـةً
ما أضّيَعَ المُؤْتمَّ بالظَّلماءِ!
في زَعْمها – لغرُورِهـا وقُصورهـا-
أنَّ الفَصاحةَ مَذْهَبُ القُدَماءِ
مالي أُجادلُها وليس طعامُها
زادي، ولا صَهْباؤها صَهْبائي
يا شاعرَ الأهـرام نَهْجُـك نَهْجُنـا
لا تَلْتَفِتْ للبِدْعةِ الرَّعْناءِ
ليسَ الأخ العربيّ ضَيْفاً بيننا
هو من صميم العِتْرة الغَرَّاءِ
هو واحدٌ منّـا سـواءُ كـان مِـنْ
وادي الكِنانة أو رُبَا الفَيْحاءِ
إني بَحَثْتُ فلم أجدْ أبقَى ولا
أنْقَى يداً مِنْ دَوْلةِ الأدَباء
 
طباعة

تعليق

 القراءات :510  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 471 من 665
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور عبد الله بن أحمد الفيفي

الشاعر والأديب والناقد, عضو مجلس الشورى، الأستاذ بجامعة الملك سعود، له أكثر من 14 مؤلفاً في الشعر والنقد والأدب.