اشْمَخْ بأنفِكَ، وانْطَـحْ قُبَّـةَ الجَلَـدِ |
للبطْل يَـوْمٌ، ويَـوْمُ الحـقِّ للأبـدِ |
مهما تَبَخْتَرْتَ مِنْ غَيّ ومِـنْ صَلَـفٍ |
لا بدَّ للغيِّ، مهما طـالَ، مِـنْ أَمَـدِ |
لَمْ تُبْقِ في صَدْرنـا الموتـورِ زاويـةً |
إلاّ انتدبتَ له نفَّاثة العُقَدِ |
لا يَبْطُر الحرُّ مَهْما عزّ جانِبُه |
شتَّانَ شتَّانَ بَيْـن المَحْـضِ والزَّبَـدِ |
نَمْرودُ
(1)
في عزِّه أرْدَتْهُ بَرْغشةٌ |
هَلاَّ اعتبرتَ بعُقْبى الظالـم النَّكِـدِ؟ |
لا تَحْسبَنْ لُقْمـةَ الجـولانِ سائغَـةً . |
كَمْ لقمةٍ مزَّقَـتْ أحْشـاءَ مُـزْدَرِدِ . |
سَلْ – إنْ جَهِلْـتَ – غُـزاة الـرومَ هـل دَفَعَتْ |
عنهم كتائبُ أزْجوها بلا عَدَدِ |
وَسلْ جَحَافلَ كِسْرى هل جَنَتْ وجَنَى . |
مِنْ غَزْوة الغاب إلاّ غَضْبـةَ الأسـد . |
إنْ يَنْفَرِدْ أَرْعَنٌ منا بسيئةٍ |
فَليسَ يَحْملُ جَمْعُ وِزْرَ مُنْفَرِدِ |
وإنْ أصَابَ امرءاً مِـنْ رَكْبِنـا رَمَـدٌ |
فما أُصيبَ جميـعُ الرَّكـبِ بالرَّمَـدِ |
وإن تَهَوّر في وادي الضلال أخٌ |
فقَدْ يَعودُ إلينا ساعةَ الرَّشَدِ |
لسوفَ تَخْفُقُ في "بَدْر" بَيارقُنا |
فلا يَغُرَّك مـا أحْـرَزْتَ في "أُحـد" |
لا لَنْ يعودَ حَزيرانٌ بمِحْنَتِه |
إنّا مَحَوْناه مِنْ أيامنا الجُدَدِ |
إنا وأدنَاه باللَّعْنات مُؤْتَزِراً |
إلاّه إلاّه باللّعْناتِ لَمْ نَشِد |
مَضَى الأُلى مَسَخـوا فيـه حَقيقتنـا |
وخلَّفونا بلا أهْلٍ ولا وَلَدِ |
مَضَى الأُلى سوَّدوا بالعـارِ صَفْحَتَنـا |
وعَرّضونا لِعيّابِ وَمُنْتَقدِ |
لا سَدِّد الله في الدنيا لهم قَدماً |
ولا رَماهم بِغيَرِ الوَيْل والنَّكدِ |
هاجوا وماجًُوا فقُلْنا مَـنْ يُقارِبُهـم؟ |
ثمَّ استقروا فلَـمْ نَعْثُـر علـى أحَـدِ |
جَثَتْ علينا وأشْقَتْنا بطولتُهم |
لَيْتَ البطولةَ لم تُولد ولم تَلِد |
قالوا العروبةُ لنْ تعنُو.. ولو صَدَقـوا . |
لما سَعَى واغِلٌ في القُـدْس أوْ صَفَـدِ . |
لا تستردّ حُقوقٌ بالكلام، فيا |
سَيْفَ الكلام لكمْ فرَّجْتَ من كَمَـدِ . |
طهَّرتَ كَرْمةَ عيسى مِنْ ثَعالبها |
– هَلَّلْتُ لاسمك – بينَ السبتِ والأحدِ |
تلك التعاويذُ ولّـتْ والغُـلام نَمَـا |
فليسَ يُؤخَذُ بالتَّمْويه والفَنَدِ |
"تشرينُ" يومَ تُلاقـي الخيـلُ رايَتَنـا |
أمَا قرأتُـمْ عليهـا سـورةَ المَسَـد؟ |
صَيْحاتُ "خالـد" دَوَّت في زَمازِمـه |
يا "ابن الوليـدِ" ورَدْنا نارَهُـم فَـرِدِ |
قُدْنا إلى النصر أو للمـوتِ يَحْصُدُنـا |
لا فَرْقَ بينهما للفارس النَّجِدِ |
إنْ لم تُشاطِرْ نسورَ الشـامِ غارتَهـم |
يَظلُّ نصرُهُمُ بيتاً بلاَ سَنَدِ |
* * * |
جولانُ يا بنتَ عمِّ الشمس، يحمِلُـني . |
شَوْقٌ لوجهـك مـا أطْفِئْـهُ يَتَّقِـدِ. |
حَضَنْتِني أمسِ طِفْلاً وابْتَنَيْـتِ غَـدِي |
فكيفَ أمحوك مِنْ قَلْبي ومِنْ خَلَـدي؟ |
في كل شِبْرَين مِنْ هذا الثـَرَى عَبَـقٌ |
مِنَ الشهادة، أو شِلْوان مِـنْ جَسَـد |
قَضَيْتُ في ظِلِّك الريّان مِـنْ عُمُـري |
حَوْلاً هو العُمْر في صَفْـوٍ وفي رَغَـدِ |
لي في تُرابكِ ذُخْـرٌ لسـتُ أُرْخِصُـه |
مهما افْتَرَقْنا... وماضٍ كالرجاء نـدِي |
لولا عيونُك ما غَنَّيتُ قافيةً |
ولا تَنَقَّلْتُ مِنْ مَلَدٍ إلى مَلَدٍ |
يَبْرُود
(2)
حُلْـمٌ جميـلٌ أنـتِ يَقْظَتُـه |
ما أقربَ الدربَ بين القَلْبِ والكَبِـدِ . |
ما زالَ طَيْفُك أنّى سِـرْتُ يَصْحَبُـني . |
أَشَدْتُ باسمك بعدَ الواحـد الصَّمَـدِ . |
* * * |
يا إخْوتي في رُبا الجـولانِ جُرْحُكـمُ |
جُرْحي، وَزَفْرَتُكم مِنْ صَدْري الكَمِـدِ |
دارُ العُروبةِ أنّى يَمَّمَتْ قَدَمي |
داري، وُسكانَها أهْلـي ومُسْتَنَـدِي |
أنامُ في الشـام أوْ بغـدادَ أوْ عـدنٍ |
وأسْتَفيقُ قريرَ العَيْن في صدد |
ماذا أقولُ لكـم، والشعـرُ خَيَّبـني |
هلا حَلَلْتُم لسـانَ الشاعـر الغَـرِدِ؟ |
الغاصبونَ أذلاّءٌ وإنْ قَدَروا |
ما الفَرْق بَيْن عـدوّ الحـقِّ والوَتـدِ |
لا مجلسُ الأمن يَحْمِي حقَّ مُضَطَهَـدِ |
ولا مبادؤه رَدْعٌ لمُضْطَهِدِ |
ماذا تُفيدُ قَراراتٌ، ولا عَمَلٌ |
لا يَقْطَع السيفُ في كَفٍّ بـلا عَضُـدِ |
مَنْ نامَ والذئـبَ فَلْيَذْكُـرُ مَخالِبَـه |
هَيْهات يَنْجو شريفٌ في جـوار رَدِي |
يا أمتي في فمي ماءٌ سألْفُظُه |
ما أبْعًَدَ الغشَّ عَنْ قَوْلي وَمُعْتَقـدي... |
إنْ كنتِ تَبْغـين في العَلْيـاء مَنْزِلَـةً |
يا أمتي اتّحدي! يـا أمـتي اتّحِـدي! |
* * * |
أقولُ، والشوقُ يَطْويـني وَينْشُرنـي |
ما قيمةُ المـرء لم يَشْتَـقْ ولم يَجِـدِ؟ |
أمدُّ مِنْ آخـر الدنيـا إليـكَ يَـدي |
ريَّانـةً بالشَّـذا يـا "حافظ الأسـد" |
بنيتَ للشـام مَجْـداً لا فنـاءَ لـه |
فاصْبِرْ على تُرَّهاتِ الكَيْـدِ وَالجَسـدِ |
المسلمونَ بَراءٌ مِنْ جَرائمهم |
والشامُ طالقةٌ مِنْهم إلى الأبد |
لا يَفْرحوا فغداً يَبْكـون مِـنْ نَـدِمٍ |
وَسوْف يَسْتَضْحك الموتور بَعْـدَ غَـدِ |
ما رَوّعوا الشعب، بـل باؤُوا بِلَعْنَتِـه |
إنَّ الضحايا طريقُ الشعـبِ للخُلْـدِ |
كَمْ مَرَّ طاغٍ على الفَيْحاء وانْدَثَـرَتْ |
آثارُه وعَدا باغٍ ولَمْ يعُدِ |
لا بُدَّ مِنْ غَضْبـةٍ تَهـوي بمَنْ فَتَكـوا |
بالأبرياء، ومَنْ أخْنَـوا علـى البَلَـدِ |
العُرْبُ عائلةٌ، والضادُ حَبْلُهُم |
إنْ كان حَبْلُ عدوِّ العُرْب مِنْ مَسَـدِ |
لا يأمنُ الغيلُ مِنْ ذِئْـبٌ يعيـثُ بـه |
إلاّ إذا حَرَسَتْهُ هَيْبَةُ الأسدِ |
* * * |
شِعْري بِيَوْمِكِ يا "جُـولانُ" يَغْمُـرُه |
لونانِ مِـنْ أمـلٍ زاهٍ ومِـنْ كَمَـدِ |
أَدعو إلى الحربِ، لكنِّي أخاف علـى |
أهْلي، فأدعو على الساعـين باللَّـدَدِ |
تراوَحَ الكيدُ والمعـروفُ في نَظَـري |
وانْساب شِعْـريَ بَيْنَ النـارِ والبَـرَدِ |
يا رَبّ حَجِّرْ فُـؤادي، لا يُلـمُّ بِـه |
بَصيصُ عَطْـفٍ وزِدْه قَسْـوةً يـزدِ |
أوْ لا فَطَهّرْ قُلوبَ النـاس مِـنْ دَرَنٍ |
واجْعَلْ سَريرتَهم خِلْـواً مِـنَ العُقَـدِ |