أعودُ بَعْدَ فَـواتِ العُمْـرِ للوطَـنِ . |
إني خَلَفتُ علـى رَحْلاتـه كَفَـني . |
إنِّي اسْتَعَدْتُ شبَابي في مَجالسِكـم . |
أين الذين في دُروبِ الحبِّ يَلْحَقُني؟. |
لَقَدْ بَعَثْتُمْ أبـا الأمْجَـادُ في أدَمـي . |
ألَمْ تشمُّوا عَبـيرَ الغِيـدِ في رُدُنـي . |
أمَا رأيْتُم علـى الآفـاقِ أجْنحَـتي . |
أمَا سَمِعْتُم زَغاريدي علـى الفَـنَن؟. |
سُبحانَ مَنْ زَرَعَ الأزْهار في طُرقـي . |
وزَان لَيْليَ بالأقمار تَغْمُرُني. |
يا إخْوَةَ الأدبِ العالـي شَكَرْتُكُـمُ . |
لَوْ كانَ عندي لِسانٌ غَيْرُ ذي لَكَـنِ . |
ما شابَ شَعْري مِنْ هَمٍّ ومِنْ هَـرَم . |
لكنْ تضاحكَ مِنْ زَهْوٍ وأضحكـني . |
مَنْ كان مِثْلـيَ مغمـوراً بأنْعُمِكُـم . |
فإنَّ نَهْرَيْه مِنْ شَهْـدٍ ومِـنْ لَبَـنِ. |
لا تَحْسَبوني لكم ندّاً، فما طَرَقَـتْ . |
غَيرُ الرَّطانَةِ – مُذْ فارقْتُكُم – أُذُنـي . |
لِسانُ يَعْربَ – لولا صِدْقُ عاطفـتي . |
وما تأجَجَ مِنْ شَوْقـي – لأنْكَرَنـي . |
أنا الكثـيرُ بكـم ذِكْـراً ومَنْزِلَـة |
مَنْ مَتَّ للشمسِ أو للسيفِ لَمْ يَهُنِ . |
اللهُ يَعْلَم أني لا أحبُّكمُ |
في السرِّ، لكنَّما في السـرِّ والعَلَـنِ . |
لَوْلاكُمُ ما حَلا شَدْوي، ولا انْتَشَرتْ . |
آياتُ شِعْريَ بين الشـامِ واليَمَـنِ . |
إن تَزْكُ خَمْري لساقيهـا وشاربهـا . |
فالفَضْلُ ليـسَ لِكـرَّامٍ ومُخْتَـزِنِ . |
الفَضْلُ لِلْكَرْمِ، أوْ للشمس، أوْ لَهما . |
لا تحملُوا مِنَـني، لا تحملـوا مِنَـني . |
مِنكُم بياني وإيماني ونَشْرُهما. |
وليس مِنِّي غـيرُ اللَّفْـظِ واللَّحْـنِ . |
أحْيَتْ بشاشتُكم ما ماتَ مِنْ أمَلـي . |
ونَضَّرتْ شَمْسُكُم ما جَفَّ مِنْ غصْني . |
الحمدُ لله، أجرَى المـاءَ في عَصَـبي . |
بَعْدَ الخريف، وشدَّتْ كفُّـه وَهَـني . |
أفْنَيْتُ زَهْرَة أيامي بمُغْتَربي . |
يا لَيْتني عُدْتُ غَضَّ الروحِ والبَـدَنِ . |
يا غُربةً طـال سَعْيـي في مناكِبِهـا . |
ماذا جَنَيْتُ سـوى الأرْزاء والمِحَـنِ . |
فارَقْتُ أهْلـي وراءَ المـال أطْلُبُـه . |
مَنْ قالَ أدْرَكَ أسرارَ الحيـاةِ غَـني؟. |
وقُلْتُ يُخْمِدُ جوعـي لِلْعُـلا أدَبٌ . |
فازداد جوعي واسْتَشْرى وأنْهَكَـني . |
ما كان أخْيَـبَ آمالي، وأضْيعَنَـي . |
لما اعْتَزَمْتُ النَّوى، ما كان أضيعـني . |
يا قَلْبُ كم ذبْتَ مِنْ وَجْدٍ ومِنْ شَجَنٍ . |
فانْقَعْ غَلِيلَكَ، هذا آخـرُ الشَّجَـنِ . |
بِنَّا عن الدار، لكنْ لا نـزال علـى . |
عَهْدِ الوفاء كأنّـا بَعْـدُ لَـمْ نَبِـنِ. |
نَهْفُو إليها كما تَهفُو الحُقـولُ إلـى . |
دَمْعِ الغمام، وتَهْفُو الطِّيْـر لِلْوَكَـنِ . |
لَقَدْ حَمَلْنا على الأهدابِ صورَتَهـا . |
يا عابدَ الله سامِـحْ مُشْعِـلَ الفِتَـنِ . |
يا قَلْبُ صَمْتُكَ لا أدري لـه سَبَبـاً . |
هلاّ شَدَوْتَ، فإنَّ الصَّمْتَ يَرْمُضُني؟. |
هَذِي مَغاني الصِّبا هَـذِي مَلاعِبُـهُ . |
أواجدٌ أنا في دَوْحاتها فَنَني؟. |
أباعِثٌ شَيْطُناتي مِنْ مَراقدها. |
أمْ أنَّها ذَهَبَتْ مَـعْ دارِيَ الدِّمَـنِ؟. |
وهَلْ لِدَاتي بَرَغْمِ البَيْنِ مـا بَرحـوا . |
عَلَّ الوَلاء الـذي للـدار أرْجَعَـني . |
مالي أعدِّدُ ما حصَّلْتُ مِـنْ نَشَـبٍ . |
ولا أعَدّدُ مـا ضَيَّعتُ مِـنْ زَمَـني . |
لا خَيْرَ في المالِ إنْ سـاءتْ عَواقِبُـهُ . |
ما حَبّبَ الموتَ أن ساووه بالوَسَـنِ . |
تَبّاً لِغاشِيَةِ الأطْماع... كَمْ خَرَبَـتْ . |
بَيْتاً، وكمْ لَيَّنَتْ أنْفـاً ولَـمْ تَلِـنِ . |
تَقَاذَفَتْنا كُراتٍ، فهْيَ تُبْعِدُنا. |
بلا زِمام... وتُدْنينـا بـلا شَطَـن . |
اللهُ يَعْلَـمُ كَـمْ طَافَتْ بنـا قَـدَمٌ. |
على البوادي، وكم عُجْنا على مُدُنِ . |
نَطْوي مَعَ الفَجْر شَكْوانا وننْشُرها.... |
مَعَ العشيَّة.. لكـنْ دونمـا ضَغَـن . |
لا يَحْمِلُ الحِقْدَ قلبٌ فيـه مُتّسـعٌ . |
للخَيْرِ، مهما ابتلاه الدَّهْرُ بالإِحَـنِ . |
العُمْرُ يومـانِ: يَـوْمٌ لانَ حاشيـةً . |
وبَشَّ وَجْهاً... ويَـوْمٌ لَيْتَ لم يكُـنِ . |
فمن تَعالَى عَـنِ الدنيـا وزينَتِهـا. |
جاءَتْ عليه بما تُخفيـه مِـنْ فِتَـن . |
* * * |
دِمَشْـقُ يا دُرَّةَ الشَّرْقَـين يَحْمِلُـني . |
شَوْقٌ إليـكِ أُداريـه ويَفْضَحُـني . |
خَمْسونَ عاماً مَضَتْ مِنْ حِصَّتي عَبَثاً . |
خَمْسونَ عاماً بلا أجْـرٍ ولا ثَمَـنِ . |
يا مَنْ يُرَطِّب أسماعي بما اجْتَرَحَـتْ . |
مِنْ الخـوارقِ في أيامهـا الدُكَـنِ . |
رُحْماكُـمُ حَدِّثُوني عَـنْ ملاحِمِهـا . |
يَوْمَ الجلاء، فذِكْرى المجدِ تُرْقِصُـني . |
إنَّ البطولةَ ألْوانٌ، وأكْرَمُها . |
تِلْكَ التي لَمْ تَعِبْ كفاً ولَـمْ تُشِـنِ . |
ثارَتْ على كبرياء القَيْـدِ يَحْفِزُهـا . |
نِداءُ ماضٍ بآياتِ الشمـوخِ غَـني . |
كأنَّها القَدَرُ المَحتـوم حـطَّ علـى . |
مَنْ كان يَحْسَبُ أنَّ الثأر لَمْ يَحِـنِ . |
فانهار مَجْدٌ على الطُّغْيـانِ مُرْتَكِـزٌ . |
وانْهدَّ صَرْحٌ على حدِّ الحُسام بُـني . |
وأيْقَنَ الغاصـب المَزْهـوُّ أنَّ يـداً . |
للهِ فَوْقَ يَدٍ للغاصب الضَّغِنِ. |
وكان يومٌ تعالَى في زَمازِمِه. |
صَوْتُ العُروبةِ مَوّاجاً علـى القِنَـن . |
يَقولُ لاحَ بَشيرُ الصُّبْحِ، وانْحَسَرَتْ . |
غَمائمُ البَغْي عَنْ أهْلٍ وعَـنْ سَكَـنِ . |
بُشْراكُمُ وانْطَوى الإِقطاعُ، وانْتَقَلَتْ . |
أعنَّةُ الأمْـرِ لابـنِ الأمّـةِ الفَطِـنِ. |
خُرافةُ النَّسَبِ العالي قـد اندَثَـرتْ . |
ونافَسَ القُرويُّ السيّدَ المَدَني. |
* * * |
يا فَرْحَـةً نَغَّصتْهـا ألْـفُ داهِيـةٍ . |
إنِّي لتطويـني البَلْـوى وتَنْشُرنـي . |
لَكم تمادَتْ، وكم جارَتْ على كبدي . |
وكَمْ بَذلْتُ لها مِـنْ دَمْعـي الهَـتنِ . |
لولا عَجائِبُ تِشْرين لَمَـا تَرَكَـت . |
غَيْرَ المواجِعِ في روحـي وفي بَدَنـي . |
بُورِكْتَ يا أسَدَ الفيحاء... أنْتَ لهـا . |
فَلْتَنْحَنِ الهامُ للإِيمـانِ لَـمْ يَلِـنِ . |
حَطّمْتَ أُسْطورة "الجيش الغَلوبِ" ولَمْ . |
تَتْرُكْ له غيْرَ ذِكـرٍ في الـوَرَى دَرِنِ . |
ذاكَ الغُرور الذي دانى السماءَ هَوَى . |
إلى الحضيضِ... وذاكَ الزَّهْوُ لِلْكَفَنِ . |
لا خَيْرَ في النَّصْر إنْ سِاءَتْ عَواقِبُـهُ . |
شَتّانَ شَتَّـانَ بَيْنَ النـار والدَّخَـنِ . |
لَوْلا المروءةُ في نَفْس بـنِ ذي يَـزَنٍ . |
لكنْتُ أسْخَر مِنْ سَيْف بن ذي يَزَنِ . |
يا حافِظَ الشامِ جارُ السـوءِ أبْطـرَهُ . |
أنَّا نُجادله بالمَنْطِقِ اللَّدِنِ |
* * * |
ويا بلادي خُذي بالعِلْم، واتَّحدي |
في المركبِ اللَّدْن أو في المركب الخَشِنِ |
بالعِلْمِ تَنْهَضُ مِـنْ كَبْواتـها أمَـمٌ . |
وبالثَّقافة تَبْني مَجْدَها الوَطَني. |
وأذلَّ شَعْبٍ تمادَى في غَباوتِه . |
وضاع بين قبيحِ الـرأي والحَسَـنِ . |
ليسَ الحضـارةُ صاروخـاً وقُنْبُلَـةً . |
إنَّ الحضارةَ قَلْـبٌ بالعَطـاء غَـني . |
يَهْمي على الشام أو باريـزَ غاليـةً . |
ولا يضنّ بريّاه على عَدَنِ |
* * * |
غَلْواءُ بَعْـدَ غَـدٍ تَدْعُـو سَفينَتُنـا. |
فهل أُحوِّل عَنْ أبْواقِها أُذُني. |
لولا حَفيدي وابني يَخْطُـران علـى . |
أهدابِ عَيْني، وبَيْنَ القلب والذهـنِ . |
لَمَا نَظَمْـتُ بغَيْـرِ الضـاد قافيـةً |
ولا نَشَرْتُ جناحاً خـارجَ الوَطَـنِ . |