شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
- 181 -
يبالغُ، حين أُقبلُ، في مَديحي
ويغلو حينَ أُدبرُ في اغتيابي
فهل تَخفى عُيوبي في حُضوري
لكي تبدو وتكبُرُ في غيابي؟
يكادُ يُريبُني في قدرِ نفسي
فمن يجلو دياجيرَ ارتيابي
ذهبتُ مع الهوى شرقاً وغرباً
ولكن لا ذَهَابَ بِلا إِيابِ
وما نَفْعُ النظافةِ في ثِيابٍ
إذا كانَ الخنا تحتَ الثيابِ؟
* * *
- 182 -
لا تسمْني ألاّ أناقض ذاتي
أنا يا صاحِ من ظَلامٍ ونُورِ
ربما هزَّني غناءُ هزارٍ
ثم غَنَّى فَلمْ يَهزَّ شُعوري
تُبتلى النَّفسُ كلِّ يومٍ بحالٍ
وتؤدي كآبةٌ لسرورِ
جلَّ من أبدعَ العقولَ ولكنْ
غلّها فامتطتْ جَناحَ الغُرورِ
* * *
- 183 -
يا دعاةَ السَّلامِ في كلِّ شَعبٍ
لم تَقُمْ دَعوةٌ بِدونِ كِفاح
جاور الذئبُ نعجةً فتعشَّاها
وأنْعى وراءها في الصَّباحِ
يُستباحُ الضعيفُ من غير ذَنبٍ
يا له طائراً بغيرِ جَناح
ضاعَ حقي فلمْ يَفِدْني نواحٌ
كيف يطغى على الزئيرِ نواحي؟
إنَّ من يَشتري السَّلامَ بمالٍ
ليس يَسطيعُ صَوْنَهُ بالسِّلاحِ
* * *
- 184 -
يا رفاقَ الطَّريقِ لا مَدح أرجو
كلّ ما أَرتجيهِ أنْ تَنِصفُوني
إنْ أكُنْ طالحاً فلا ترجموني
أو أكنْ صالحاً فلا تَرحَموني
ما تكسبتُ بالقريضِ فإِني
أكرهُ الشعرَ آلةً للمُجونِ
كلُّ بيتٍ سللتُه من ضَميري
كل حرفٍ كتبتُه بِجُفُوني
إنِّ شِعري مرآةُ نَفسي فإنْ لمْ
تبلُغوا غَوْرَهُ فلنْ تَعرِفوني
* * *
- 185 –
لا تُطبِّلْ إذا أَقلتَ عثاراً
أو تُزمِّرْ إذا رَجَاك فقيرُ
حسبُ مَنْ يصنعُ الجميلَ دموعُ
الشُّكرِ يَذري عقودَها المستجيرُ
آفة البرِّ أنْ يُرافِقَهُ المَنُّ
ويَمشي وراءَه التشهيرُ
كمْ فقيرٍ إذا مَنَنتَ عَليه
غَصّ بالماءِ وهو عَذبٌ نَميرُ
إنَّ فِلساً يَلُفُّهُ الصمتُ خيرٌ
من أُلوفٍ يحُفُّها التزْميرُ
* * *
- 186 -
أيُّها العَابسُ الذي نتقيهِ
مِثلما تَتقي الرياحَ حمامهْ
خلِّ عنكَ العُبوسَ واضحكْ ورنمْ
لا تَرُدَّ القضاءَ عنكَ جَهامهْ
آيةُ الأُفقِ أن يكونَ بهياً
مُشْرقَ الوَجهِ لم تَشُبْهُ غَمامه
ضايقِ المرء، إن تسامحَ فاعلمْ
أنَّ فيه مروءةً وشَهامه
كم صديقٍ خسرتُه بعُبُوسي
وعدوٍّ ربحته بابتسامه
* * *
- 187 -
عابَ شعري مغفّلٌ مالطيٌّ
يُضحِك القردَ شعرُه الخُنفسائي
خيرَ ما يرتديه في حَلبة الفخرِ
وأَغلى ما يقتنيهِ هِجائي
كُلَّما صفّقتْ يدٌ لبياني
مَاجَ بالغيظِ واشتفى بالبُكاء
قلتُ يا صَاحبي رفعتَ بِنائي
حين هدّمَتني، وزدتَ علائي
لستُ أخشاكَ نابِشاً سيّئاتي
نكبتي أنْ تنالَني بثناء
* * *
- 188 –
يا بلادي وما ذكرتُك إلاَّ
فَقَدَ الوجدُ في ضُلوعي وقاما
طُويتْ رايةُ الغَريبِ فقُلنا
حَصحصَ الحقُ واستعَدنا السَّلاما
أملٌ لم يبشَّ حتى تلاشى
وشعاعٌ أطلَّ حِيناً وغاماً
فمتى تنجلي غمامة عهدٍ
لا يزال الكلامُ فيهِ حَراماً؟
ذهبَ الاحتلال جيشاً ولكن
عاد مِن كوّةِ البلادِ نِظاما
* * *
- 189 -
تعبَ النَّاسُ مِنكم فاستريحوا
وأريحوا يا معشرَ الأدعياءَ
قد هدمتمْ حَرجَ البيانِ وشِدتُم
فوقَ أنقاضِهِ حُروجَ هراءِ
بنتُ عدنانَ أُمُّكُم، فارحموها
إنما البرُّ من وصايا السماءِ
عجباً ينزوي الأصيلُ، ويخلو
للدخيلِ الهَجينِ رحبُ الفَضَاءِ
لم نَخُنْ حُرمةَ التُّراثِ، ولكنْ
أفسدَ الشعرَ كثرةُ الشُّعراءِ
* * *
- 190 -
كيف أنسى فضلَ الحياةِ ومِنها
كل ما في دفاتري من دُروسِ
علّمَتْني أنَّ السعادةَ نهرٌ
نابعٌ في النُّفوس لا في الطُّروسِ
علّمَتْني أنَّ المحبةَ شمسٌ
طَأْطَأَتْ لاسمِها جميعُ الشموسِ
كنتُ أَسعى إلى الغنى، فهدتْني
لكنوزٍ تفجَّرتْ من رُؤوس
قد حمدتُ الحياةَ سَعداً ونحساً
فزكتْ لُقمتي وماتت نُحوسي
 
طباعة

تعليق

 القراءات :430  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 413 من 665
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعد عبد العزيز مصلوح

أحد علماء الأسلوب الإحصائي اللغوي ، وأحد أعلام الدراسات اللسانية، وأحد أعمدة الترجمة في المنطقة العربية، وأحد الأكاديميين، الذين زاوجوا بين الشعر، والبحث، واللغة، له أكثر من 30 مؤلفا في اللسانيات والترجمة، والنقد الأدبي، واللغة، قادم خصيصا من الكويت الشقيق.