شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
- 161 -
تبسمْ للحياةِ، ألا تَبسمْ
ولو أرغَتْ وأَزبدتِ الحيِاةُ
وقابلْ بالثباتِ سِهامَ دهرٍ
تعوَّدَ أن يُذلِلّهُ الثباتُ
رأيتُ النَّاسَ أسعدَهم فؤاداً
غبيُّ تزدهيِهِ التُرَّهاتُ
سيمضي العمرُ مُراً أَو لذيذاً
كما يزهو وينطفئُ النَّباتُ
فكْنِ مِثلَ الهَزارِ يَظلُ يَشدو
ولو أَلقاهُ في القفصِ الجُناةُ
* * *
- 162 -
عجبتُ لِمُقعَدينَ جروا بإِثري
على عَمَهٍ فأعماهُم غُبارِي
رأوا نَاري تَؤُجُ فهاجُموها
فما ذنبي إِذا احترقوا بِناري
وأَعجبَهُمْ جداري فاعتَلوْه
فإنْ زلُقوا فما ذنبُ الجِدارِ
عمالقةُ البيانِ هُمُ . . . ولكنْ
أَرَدتُ به البيانَ الخُنفُشاري
يصكُ مسامعي منهمْ نعيقٌ
وأقتلُهم بِزقزقَةِ الهزارِ
* * *
- 163 -
سمعتُ مصلياً يَعِظُ البَغايا
ويَنهى النَّاسَ عن عَملِ القَبيحِ
تهدُّجُ صوتِهِ نغمٌ شجيٌّ
يُرافِقُ دَمعةَ الجفْنِ القَريحِ
فأكبرتُ التُّقى ورأيتُ فيه
شهيداً من تَلاميذِ المسيح
ولكن لم يجنَّ الليلُ حتى
سعى للحانِ يبحثُ عن مَليح
فلم أرَ قبلَ وَعْظِتهِ هديلاً
يحوّلُه الظلامُ إِلى فحيحِ
* * *
- 164 -
أُحبُّكِ . . . غير أنَّكِ لم تزالي
بأُفقِ خياليَ المجنونِ وَهما
تَرفُّ عليكِ أحلامي، وتَهفو
إليكِ جَوارحِي، وتذوبُ غما
أعلّ الشهدَ من شفتيكِ حيناً
وأشرَبُ تارةً من فِيكِ سُما
سموتِ فكلُ قولٍ فيكِ عيّ
وغرتِ فكلُّ طرفٍ عنك أعمى
رسمتُكِ في مُخيِّلتي خَيالاً
فهل ألقاكِ في دُنيايَ جِسماً؟
* * *
- 165 -
أَقام بعُرسِهِ الميمونِ دنيا
وأَقعدَهَا بمولِدِهِ السَّعيدِ
وبذّرَ في الملاهي مالَ شعبٍ
يعيشًُ بظِلِهِ عيشَ العبيدِ
فقولوا للذين يَرونَ فيه
ملاذاً للشريدِ وللطريدِ
عميتُم أَمْ تَعاميتُم ضميراً
أمَ أنَّ الخوفَ عُنوانُ القَصيدِ؟
لقدْ خابَ القريبُ بِهِ رجاءً
فكيفَ تَصِحُّ أَحلامُ البعيدِ؟
* * *
- 166 -
فرضتُ على يراعي الصمتَ لَمَّا
تناهشَني "عمالقةُ" البَيانِ
ولذتُ بعُزلَتي خوفاً على اسمي
يجاريهم بشقشقةِ اللِسانِ
لَيزجرني عن الفحشاءِ خُلقي
وينهاني عن السوأى جَنَاني
فقولوا للأُلى صَالوا وجَالوا
لقد بـايعتُكُمْ بالصَّولجانِ
إِذا اعلولَى النهيقُ فكيفَ تُفْضي
إِلى الأَسماعِ زقزقةُ الكَمانِ؟
* * *
- 167 -
أَحنُّ إِليكَ يا وطني وأَصبوا
كما يصبو إِلى المرحِ الكَسيحُ
وأَطمعُ أَنْ أَراكَ قُبيلَ مَوتي
لعلّي بعدَ مَوتي أَستريحُ
تكادُ تموتُ آمالي اكمداداً
فهل يُرجى لِعلّتها مَسيحُ؟
يُراودُني على السلوانِ عَقلي
ويأبى بين أَضلاعي جريحُ؟
فهل تتحققُ الأَحلامُ يوماً
وهل تَجري بما في النَّفسِ رِيحُ؟
* * *
- 168 -
ضحكتُ من الزَّمانِ وقد تَجنّى
عليَّ بكُلِّ أَنواعِ البَلاءِ
يحاولُ أَنْ يُزلزِلَني لأَحني
له رأسي فيصدمُه إِبائي
إذا استهوى الغِنَى غيري وهانتْ
كرامتُه هربتُ من الثراءِ
أَعافُ المالَ لكني أُضحي
على حرمِ الصَّداقةِ كِبريَائيِ
* * *
- 169 -
أَقولُ لِمن يظنُّ الشِّعرَ وزناً
وقافيةً وسفسطةً وهَذْرا
أَتسقي غلةَ الظَّامي سراباً
وتُطعِمُ لَهفَة الجوعانِ جَمرا؟
جَناحُك في التُّرابِ فلا تُحاوِلْ
بأَنْ تَرقى إِلى الآفاقِ نَسرا
أَجلُّ الشعرِ ما ينسابُ عَفواً
وأَسخفُهُ الذي ينساقُ قسرا
إِذا سَاءَ البَذارُ فأَيُّ عَقلٍ
سليمٍ يَرتَجي ثَمراً وزَهْرا؟
* * *
- 170 -
بكيتُ عَليكَ يا وطني المُفَدَّىَ
لَوَ أنَّ الدَّمعْ في البلوى يُفيدُ
جَديدُ الحسنِ تُفنيهِ الليالي
وحسنُك، كُلَّما كرَّتْ، جديدُ
بَلاكَ الفاتحونَ فكنتَ طوداً
يذوبُ على نواتئِهِ الحَديدُ
فكيف تُبيحُ للشُّذاذِ أَرضاً
طريفُ المجدِ فيها والتَليدُ؟
إذا انتشَر الحريقُ ببيتِ جارٍ
فبينُك للَّظى طُعمٌ عَتيدُ
 
طباعة

تعليق

 القراءات :433  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 411 من 665
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور سليمان بن عبد الرحمن الذييب

المتخصص في دراسة النقوش النبطية والآرامية، له 20 مؤلفاً في الآثار السعودية، 24 كتابا مترجماً، و7 مؤلفات بالانجليزية.