شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
- 151 -
عشقتُ العُلى لما رأيتُ طريقَها
مهدّدةً محفوفةً بالمخَاطرِ
فطلَّقتُ أَحلامَ الفتوّةِ والهَوى
وأَعرضتُ عن ناهٍ وفيٍّ وزاجرِ
وأَطلقتُ أقدامي أَرودُ جواءَها
بإيمانِ طلاّعِ الثنايا مغامرِ
فإنْ أَدركتْ نفسي مطارِحَ غايتي
رفعتُ على هَامِ الزَّمانِ مَفاخري
وإِن خَذَلتْني في الطَّريقِ عزيمتي
فحسبيَ أَني لستُ أول عاثرِ
* * *
- 152 -
تبرّأَ ربُّ الدينِ مِمّنْ يَخَالُه
مطيّةَ تفريقٍ وبوقِ تعصبِ
أبشّرَ عيسى بالعَداوةِ في الورَى
وهل زَرَع البَغضاءَ بينهمُ النَّبي؟
هو الدِّينُ أَنْ تسعى إِلى الخيرِ جاهداً
وتُغمِضَ جَفْناً عن مُسيءٍ ومُذنِبِ
وتهمي عَلى المحرومِ عطفاً ورحمةً
وتستنقذَ المظلومَ من شرِ مِخلبِ
إذا لم تَصُمْ عيناً وقولاً ونيّةً
فملعونةٌ تقواك في كُلِّ مَذهبِ
* * *
- 153 -
تعوذتُ من إبليسَ لما رأَيتُه
ولاذَ بحُلِم اللهِ حينَ رآنِيا
وسلّمتُ، لكن عابساً متجهماً
فردَّ سلامي نابياً متغاضِيا
وجالسني قسراً فلما استشفّني
تيقَّنَ مثلي أنَّه كان جانيا
فلا يضمر البغضاءَ قلبُك لامرئٍ
ففي الشوكِ إِن تبحثْ وجدتَ أَقاحِيا
* * *
- 154 -
خلوتُ إِلى نفسي أعدُّ ذُنوبَها
فضاقَ بها ذَرْعي وكَلَّ لِساني
لكَم زرعتْ قمحاً فلما حصدتُه
وغربلتُه لم يبقَ غيرَ زوانِ
جريتُ وراءَ التُرَّهاتِ، ولم أَزلْ
إِليهنّ منقاداً بألفِ عنانِ
يُثيرُ بياني في المجالسِ نَشوةً
فيا صاحبي لا تنخدعْ ببياني
أَخفُّ عُيوبي ما تصوَّرَ عائبٌ
وأثقَلُهَا ما يستسرُّ جَناني
* * *
- 155 -
بلاديَ ضلّتْ للمعَالي طريقَهَا
فهل تهتدي بعدَ الضَلال بلادي؟
رقدْنا على المجدِ التَّليدِ فقادَنا
إِلى دَرَكاتِ الهُوْن طولُ رُقادِ
نُباهي بماضِينا ونَزهى بأصلنا
ألا فاتّعظْ يا نافخاً بِرمَادِ
إِذا لمْ يكنْ كالفجرِ ثوبيَ ناصعاً
فَعُرْيِيْ لعُميانِ البَصائرِ بَادِ
حملتُ بلادي في فؤادي فإِن يضقْ
فَتحتُ ضلوعي وانتزعتُ فؤادي
* * *
- 156 -
أنا يا صَاحِ مِن جسدٍ وروحٍ
فلا تعجبْ إِذا اختلطتْ حدودي
أَحومُ على رغيفي، ثم أَلوي
عِناني خَلْفَ قافيةٍ شَرودِ
فلي في مسبحِ الأفلاكِ رِجلٌ
ورِجلٌ في السَّلاسلِ والقُيودِ
يعيشُ الحبُّ في أَعماق نفسي
يداً بيدٍ مع الحِقدِ اللَّدُود
كشفتُ من الطبيعيةِ ألفَ سرٍّ
ولم أَجهلْ سوى معنى وجُودي
* * *
- 157 -
تظرّفَ وهو لم يُخلقْ ظَريفاً
فمجّتْه المسامِعُ والقُلوبُ
وأظهرَ غيرً ما يُخفي فبانتْ
على مِرآةِ عَينيهِ العُيوبُ
هربنا من سَفاسِفِهِ ولكنْ
تتبّعنا فلم يُجدِ الهُروبُ
فيا مَلِكَ السَّماجةِ عمْ صَباحاً
نتوبُ إليكَ فارحمْ مَن يَتُوبُ
ثلاثُ كَوارثٍ حَلّتْ علينا
نِكاتُك والزَّلازِلُ والحُروبُ
* * *
- 158 -
إلى وطنِ الجدودِ تحنُّ رُوحي
فهل أَلقاكَ يا وطنَ الجدودِ؟
طويتُ الأرضَ من شَرقٍ لغربٍ
فلمْ أرَ مثلَ حُسنِك في الوجودِ
تبشّ وأنت تخبط في الرَّزايـا
وتفرج كربةَ الخَصمِ اللَّدودِ
ملأتَ حدائقَ الدُّنيا وُروداً
وغيرُك داسَ أعناقَ الوُرودِ
يميناً ما شَآك الخلدُ لو لمْ
تكنْ هدفاً لأطماعِ اليَهودِ
* * *
- 159 -
وعندي حينَ تشتدُّ البلايا
يدٌ تأسو ببلسمِها جُروحي
هو اللهُ الذي لا ريبَ فِيهِ
تعالى عن سَخافاتِ الشُّروحِ
أُحيلُ إليه أعبائي، وأغفو
قريراً في حِمى ربٍّ سموحِ
أَقولُ لِمنْ يجادلُني ألا البسْ
– لكي تَحظى برحمَتِهِ – مُسوحي
أرى بالعين ما صَنعتْ يداهُ
وأُبصرُ وجهَهُ الأسنى بِرُوحي
* * *
- 160 -
رفعتُ عقيرتي تِيهاً وعُجباً
كأنَّ الشمسَ تطلُعُ من جَبيني
فأوقفني من المجهولِ صَوتٌ
يقولُ بلهجةٍ الزَّاري الرَّصينِ
رويدكَ أيُّها المُختالُ كِبراً
وهِمتَ فأَنتَ من ماءٍ وطينِ
جناحُكَ في الحَضيضِ وإن تَعالى
إلى حينٍ، ورجلُك كُلَّ حينِ
سيطوي ما بنيتَ ثرىً يُساوي
أميرَ القومِ بالعبدِ الهَجين
 
طباعة

تعليق

 القراءات :436  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 410 من 665
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء الخامس - لقاءات صحفية مع مؤسس الاثنينية: 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج