| هزَزتَ بَعدَ سُبَاتٍ أُمةَ العَرَبِ |
| هل يَستفيقُ فتَى الفِتيَانِ في حَلَبِ؟ |
| هل يَشْرَئِبُّ لِواءٌ كانَ مَسرَحُهُ |
| بين السُّيوفِ ومَرسَاهُ على الشُّهُبِ؟ |
| يا شَاعرَ الدَّهرِ ضَيَّعْنا حَمِيَّتَنَا |
| واسودَّ ما ابْيضَّ مِن تاريِخنَا الذَّهَبي |
| لا تعجبنَّ لِدمعي واعجبنَّ إِذا |
| ضَحِكتُ في مأتمِ العَلياءِ من طَرَبِ |
| هُنَّا وَهَانتْ على البَاغي كَرامَتُنَا |
| وأَصبحتْ أرضُنا نَهباً لِمُنتَهِبِ |
| تَقاذَفتْنَا حُثَالاتُ الوَرى أُكراً |
| ونَحنُ في غَفلةٍ عَنهُمْ وفي شَغَبِ |
| كأنَّنَا لم نَكُنْ بالأمسِ نَاصيةً |
| في سَاحةِ الحَربِ أو في حَوْمَةِ الأَدَبِ |
| أَشكو هُمومي ولَكنْ لم يَمُتْ أَملي |
| كم فرَّجَ البثُّ ما استعصى من الكُرَبِ |
| إنِّي لأَلمَحُ في الآفاقِ بَارِقَةً |
| سُبحانَكَ اللهُ أَكرِمْهَا عَنِ الرِّيَبِ |
| يا مَن يَعِيبُ عَلينَا أَنَّنَا حطبٌ |
| النارُ والنورُ -لو فكَّرتَ- من حَطَبِ |
| * * * |
| لم تَهدأ الحرْبُ بينَ العُربِ والرُّومِ |
| يا سيدَ الشِّعرِ مُذْ قاولا لهَا قُومي |
| حقُ العُروبةِ مهضومٌ فواعجباً |
| أكلُّ حَقٍّ سِواه غيرُ مَهضُومِ؟ |
| ما شانَ سِيرتَها خَسفٌ ولا صَلَفٌ |
| فكيف تَقسو عليها أَلسُنُ الشُّومِ؟ |
| آمنتُ كمْ أحيتْ سَحائِبُهَا |
| حَقلاً وكم أنعشتْ آمالَ محرومِ |
| وكم تَفيَّأَ مَظلومٌ بِرحْمَتِهَا |
| فهل تَناهى إِليهَا شُكرُ مظلُومِ؟ |
| جَنى اليَمينُ عليهَا واليَسارُ معاً |
| كاللَّيلِ يَجمعُ بينَ الغُربِ والبُومِ |
| هَذي المبَادئُ للواعينَ مَهزلةٌ |
| لا فَرقَ ما بَينَ مَنهُومٍ ومَنهُومِ |
| سيَّان في نَظَري مَن مَاتَ من سَغَبٍ |
| ومَن تُوفِّيَ مِن سُمٍّ وَزُقُّومِ |
| إِنِّي لأَعجبُ ممنْ لا يَبَرُّ أخاً |
| وقد يُؤاسي غريباً غيرَ مهمُومِ |
| ويستثيرُ شُؤوني، زَعْمُ بعضِهِمُ |
| أنَّ الحضارةَ جاءتْنا مِن الرُّومِ |
| * * * |
| ذِكراكَ هاجتْ إلى الأَوطانِ أَشواقي |
| هل تَنشفُ الدَّمعةُ الحَرَّى بآمَاقي؟ |
| يا شاعرَ الدَّهرِ هَاضَ البيْنُ أجنِحَتي |
| فإنْ شَكوتُ فمِن أعماقِ أَعماقي |
| مُصيبتي أنَّ قَلبي لمْ يَعُقَّ يداً |
| تُسدى إِليه، ولمْ يَحنَثْ بِمِيثَاقِ |
| لم أبتهِجْ بشقيقٍ عَادَ من سَفَرٍ |
| إلاَّ ذكرتُ – فأبكاني – أَخي البَاقي |
| الشَّوقُ يَزرعُني والشَّوقُ يَحصِدُني |
| ويحي أليسَ لداءِ الشَّوقِ من رَاقِ؟ |
| واهاً لو اجتمعَ الأحْبابُ في بلدٍ |
| لَمَا توزَّع قلبي بينَ آفاقِ |
| سَقانِي الدَّهرُ سُمَّ الهَمِّ من صِغَري |
| يا سَاترَ الحالِ أدرِكْني بِتِرْيَاقِ |
| قضيتُ عُمريَ أَسعى في مَناكِبِهَا |
| والحظُّ يَسعى مَعي، لَكِنْ بِلا سَاقِ |
| يا مَن يُسائِلُني عَمَّا جَنَيتُ وَمَا |
| جَمَّعتُ مِن تُحَفٍ عزَّتْ، وأعلاقِ |
| لمْ أبنِ بيتي عَلى طِينٍ ولا حَجَرٍ |
| لكنْ على أدبٍ صَافٍ وأَخلاقِ |
| * * * |
| أَرغى خُصُومُكَ فاستأصلتَ شأْفتَهُمْ |
| باثنين: شعرِكَ والمَجدِ الذي حَسدوا |
| من يزرعِ الرِّيحَ يحصِدْ ألفَ عَاصفةٍ |
| ومن يَنَمْ في الشَّرى يبطِشْ بهِ الأَسدُ |
| لمْ تُلقِ بالاً لا دسُّوا وما اختلقوا |
| من الأباطِيلِ أو تعبأْ بما حَشَدوا |
| زَهِدتَ في هَجْوِهِمْ كَيلا تُخَلِّدَهُمْ |
| فأَحرجُوكَ، فنالوا بَعضَ ما قَصدُوا |
| سَعى إِليك الغِنى سَعياً فقُلتَ له |
| للحرِ أمنيتانِ؛ العزُّ والولدُ |
| إنْ لم تَصُنْ ماءَ وجهي لا لمستَ يَدي |
| فطالما اتَّسختْ – إِذ لامَسَتْكَ – يَدُ |
| هَيهاتَ يَشغَلُني عمَّا خُلقتُ له |
| مِن العظائمِ إلاَّ الوَاحدُ الصَّمدُ |
| فلْنتحرْ خِدعُ الدُّنيَا على قَدمي |
| سيَّان عندي كنوزُ الأَرضِ والوَتَدُ |
| أنا الغَنيُّ بإِيماني وعَاطِفَتِي |
| فلنْ يُنافِسَني في ثَروتي أَحَدُ! |
| * * * |
| أبا مُحسَّد هَلْ تَعنيكَ شَكوايا |
| فأستَمرُّ، وهَلْ تُضنيكَ بَلوايا؟ |
| أصِخْ إليَّ فإِنَّ الصَّدْرَ في حَرَجٍ |
| تكادُ تَعثُر بالغصَّاتِ نَجوايا |
| حَظِّي كحَظِكَ لكنْ دَربَنا اختلفتْ |
| وخَابَ مسعاكَ في الدُّنيَا ومَسعَايا |
| لمْ تجْنِ من حَقلِهَا إِلاَّ سَفاسِفَهُ |
| ولمْ أمدَّ لغيرِ الشَّوكِ يُمنَايَا |
| مَسراكَ فيها على نَارٍ مُسعَّرَةٍ |
| ومِثلُ مَسراكَ في الآفاق مَسْرَايَا |
| وجدتَ في الشَّعرِ سَلوى فاستَعنْتَ بهِ |
| على الزَّمانِ وغَالَ الشِّعرُ سَلوايا |
| لا يَستطيعُ جَناحي أن يَطيرَ إِلى |
| أدنى مَراقِيكَ، فاصْفحْ عن خَطايَايَا |
| ذِكراكَ كالشَّمسِ لا يَخبو لَها أَلقٌ |
| فمن تُراهُ غَداً يُعنى بِذكرايا؟ |
| لَولاكَ لمْ تسْتقمْ للشِّعرِ مَملكةٌ |
| فلا يَقُلْ أحدٌ إِلاَّك لَولايا |
| ما زلتَ ناراً عَلى نَارٍ عَلى عَلمٍ |
| فهل تَعَفُّ اللَّيالي عَن بقَايَايَا؟ |
| * * * |
| ناشدتُكَ الله حَرِّكْ رِيشتي، فَأَنا |
| كالميِتِ، بلْ أنا ميْتٌ مَزَّقَ الكَفَنَا |
| أحببتُ أَهلي ولكنْ ضَاقَ بي وَطني |
| فقُلتُ أَجعَلُ دنيا اللهِ لي وَطَنا |
| وسَامني زمني مَا لا يُطاقُ فَلمْ |
| أملأْ فمي زَبداً أَو ألعنِ الزَّمَنا |
| قَبسْتُ مِنكَ أماثيلاً غَلَتْ ثَمناً |
| إِن كانَ غَيريَ لَمْ يَعْرِفْ لها ثَمنا |
| حُرِّيَّةُ المرءِ كنزٌ ليسَ يَعدِلُهُ |
| ما حَزَ قارونُ من مَالٍ وما اختزنا |
| رَكبتَ من أجلِهَا ما هَالَ من خطرٍ |
| وعِفتَ ما لانَ من عَيشٍ وما حَسُنَا |
| دَجا صَباحُكَ واعتلَّتْ بشَاشَتُه |
| فكيفَ تَرجو مِنَ اللَّيلِ البَهيمِ سَنا |
| وكيف يُفلِحُ سَيفٌ نَصلُهُ خَشبٌ |
| لا خيرَ فيه، إِذا سيفُ السُّيوفِ وَنى؟ |
| أوسعتَ كافورَ هجواً لا لِبَشرَتِهِ
(1)
|
| لكنْ لأنَّ على أخلاقِهِ دَرَنا |
| وليسَ كُلُّ بياضٍ للنَّقا مثلاً |
| فَرُبَّ سُمٍ زُعافٍ خالطَ اللَّبنَا |
| * * * |
| يا شاغلَ الناسِ إنَّ الصَّبرَ قد عِيلا |
| مُذْ أصبحَ الشِّعرُ تَهريجاً وتَدْجِيلا |
| جَنى البُغَاتُ عليهِ واستهانَ بِهِ |
| رَهطٌ يَرَوْنَ فُضُولَ القَوْلِ تَنزِيلا |
| لا يُحسِنُونَ سِوى مَضغِ الكَلامَ فَلا |
| تَعجَبْ إِذا أَمعنوا في الشِّعرِ تَنكِيلا |
| هَاموا بِسَفْسَطَةِ الأَلغَازِ واصْطنعوا |
| للهزْلِ والهَذْرِ تِمثالاً وإِكليلا |
| من بُرجِ بَابلَ قد جَاءتْ بِضَاعَتُهُمْ |
| فأَنت تَفهمُ منها غيرَ مَا قيلا |
| لا ينتمونَ إِلى شَرقٍ بشعرِهِمُ |
| والغَربُ يَنْبذُهُمُ جَمعاً وتَفْصِيلا |
| تَحنو عَليهم من النُّقادِ شِرذِمَةٌ |
| تَعَلَّموا النَّقدَ تَزميراً وتَطْبِيلا |
| عُمْيٌ يَسيرونَ خلفَ الدّيكِ عن عَمَهٍ |
| ويَعلِكُونَ أَحاجي الشّعرِ تأْويلا |
| لم يُجْدِ في رَدعِهِم نُصْجٌ ولا كَرَمٌ |
| بل زَادهُمُ كَرمُ القُرَّاءِ تَضلِيلا |
| حلفتُ باسمِكَ إِنْ لجُّوا بباطِلِهِمْ |
| لَسوفَ نَجتاحُهم طَيراً أَبابيلا |
| * * * |
| اللهُ أَكبرُ كمْ شَنُّوا على الضَّادِ |
| حَرباً، وكمْ شَرَّدوا عن نهجِهَا الهَادي |
| طَاروا بأجنِحَةٍ مَشلولَةٍ فَهَوَوْا |
| إِلى الحضيضِ بل انكبُّوا إِلى الوادي |
| أخافُ يقضُونَ من جُوعٍ ومن عَطشٍ |
| إِذا استمرُّوا بلا مَاءٍ ولا زادِ |
| عابوا على بنْتِ عَدنانٍ فَصاحَتَهَا |
| هل أصبحَ البُومُ قوَّاماً على الشَّادي؟ |
| هذا التُّراثُ الذي عَاثوا بِهِ حَرَمٌ |
| يَحوي جَماجِمَ آباءٍ وأَجدادِ |
| لنْ يَهدِمُوهُ فإنَّ اللهَ حَارِسُهُ |
| على الأَداهِرِ من عَاتٍ وَمِنْ عَادِ |
| لَيجرحَ النَّفسَ أنَّ العائثينَ بِهِ |
| ليسوا من الصِّينِ، بل من قلبِ بغدادِ
(2)
|
| يَا قومُ لا تَمسخوا تاريخَ أمَّتِكُمْ |
| بل عَزِّزوا مَجدَها الماضي بأَمْجادِ |
| عارٌ علينا – ونَحنُ الأَكرمُونَ أباً - |
| أَنْ يُصبِحَ الشِّعرُ بُوقاً عندَ قرَّادِ |
| ألمْ يَكُنْ حِليةَ النَّادي وزِينتَهُ؟! |
| يا قومُ لا تَجعلُوهُ سُخرةَ النَّادي! |
| * * * |
| يا شاعرَ الدَّهرِ أَضنى مُهجتي الأَرَقُ |
| متى تُفارِقُني الآلامُ والحُرقُ؟ |
| أنا هزارٌ صَفا رُوحاً وحَنجرةً |
| لكنَّني عندَ قَومي الشاعرُ الحَمِقُ |
| لا يفهَمونَ - إِذا حَدَّثتُهُمْ – لُغتي |
| ولستُ أفهمُ حَرفاً إِنْ هُمُ نَطقوا |
| في عَالَمِ الغَيْبِ لي دُنيا مُزخْرَفةٌ |
| بالشِّعرِ يَرقَصُ فيها العِطرُ والأَلَقُ |
| إِنْ هَامَ جاريَ بالدِّينارِ يَجمعُهُ |
| أَعرضْتُ عَنه وقلتُ اليومَ نَفترِقُ |
| لا تِبرَ يَشْغَلُ أنظاري ولا وَرِقٌ |
| أخسُّ شيئينِ عِندي التِبرُ والوَرِقُ |
| عيني على الأُفْقِ تَستجلي عَجَائِبَهُ |
| لا تُخْفِ وجهَكَ عن عينيَّ يا أُفُقُ |
| تذَابحَ النَّاسُ من أجلِ الحُطامِ فلمْ |
| أَبِلَّ رجليَ بالبحرِ الذي اخترقُوا |
| سَابقتُهمْ فَكَبَا مُهري بِحَلْبَتِهِمْ |
| وسَابقونيَ في دُنياي فاحترقوا |
| إِني رَضِيتُ بِحَظِّي لا على مضَضٍ |
| لغيريَ الرَّوضُ أَغراساً ولي العَبَقُ |
| * * * |
| يا مَنْ فتحتُ على ديِوانِهِ بَصَري |
| ولمْ أُفارِقْهُ في حَلٍ وفي سَفَرِ |
| لكَمْ سَهِرنا معاً حتى الصَّباحِ فلمْ |
| تَملَّ مِنِّي، ولم أتعبْ من السَّهرِ |
| أُفضِي إِليكَ بأشْجاني فتُؤْنِسني |
| بِلا تَعالٍ وتأسُوني بلا هَذَرِ |
| إِذا استزدتُك لم تبخلْ عليَّ بما |
| يردُّ عني عَوادي الشَّكِ والحَذَرِ |
| تُحيي بِعطفِكَ آمالي وتُنقِذُني |
| من عَثرةِ الفِكرِ أو مِن عَثرةِ النَّظرِ |
| رسمتَ في الشِّعرِ درباً فاهتديتُ بِمن |
| يُغني المسافرَ عن شَمسٍ وعن قَمَرِ |
| زكا بيانُك صَهباءً وفَاكهةً |
| فلستُ في حاجةٍ للخمرِ والثمرِ |
| الشِّعرُ نبضٌ وإِلْهَامٌ وعاطفةٌ |
| فمن يَكُنْ عَاطِلاً منهنَّ فَليذَرِ |
| لا خَيرَ في القَولِ تِهذَاراً وشَعوذَةً |
| شَتّانَ بين بَريقِ الآلِ والمَطَرِ |
| جريتَ في حَلَبَاتِ الشِّعرِ مُنفرداً |
| ومَنْ سِواكَ فقد دَبُّوا على الأَثرِ |
| * * * |
| أستغفرُ اللهَ، بل جَاراكَ عملاقٌ |
| فَذُّ الجَّناحينِ لا تَعصيهِ آفاقُ |
| لم ينْمُ في العِزِّ لولا صدفةٌ طرأتْ |
| ولمْ يُفارقْهُ لَولا الحظُ إملاقُ |
| رَعى خُطاه أميرُ النِّيلِ من صِغرٍ |
| وردَّ عَنه عوادي الجوعِ رَزَّاقُ |
| فسبَّحَ اللهَ لم يَكْفُرْ بنعمَتِهِ |
| وقدْ تَدومُ على الشُّكرانِ أَرزاقُ |
| ولم يَخُنْ عهدَ مَنْ أسدى إِليهِ يداً |
| ولإِنْ تحاملَ نعَّابٌ ونعَّاقُ |
| ثَاروا عليه فلمْ يعبأْ بثورتِهِمْ |
| وطَالما استسلمتْ للنَّطعِ أَعنَاقُ |
| شوقي! تطيرُ إِليك الروحُ من طَربٍ |
| وتستريحُ إِلى نَجواكَ أَشواقُ |
| بنى سَميُّك مَجداً فاقتديتَ بِهِ |
| ويقتفي آثَرَ السباقِ سبَّاقُ |
| كلاكُما كوكبٌ للمجدِ مُؤتلِقٌ |
| كلاكُما عَلَمٌ في الشِّعرِ خَفَّاقُ |
| يا نسرَ كندَة لا تَعجبْ لمنقَلَبي |
| تأبى عليَّ جحودَ الحقِّ أخلاقُ |
| يا سَيِّدِ الشِّعرِ ضاقَتْ فُسحَةُ الأملِ |
| فكيفَ يحلو لأطيارِ الرُّبى زَجَلي |
| قستْ عليَّ بناتُ الدَّهرِ واجتمعتْ |
| على فُؤادي عَوادي الوَجدِ والوَجَلِ |
| فَتحتُ عيني على الحِرمَانِ ينْهشُني |
| ولمْ أَزلْ بين نَابيْهِ ولمْ يَزَلِ... |
| كَأَنَّ دَهريَ ذئبٌ يقتفي حَمَلاً |
| هل يُدركُ الذِّبُ معَنى نَظرةِ الحَمَلِ؟ |
| بلَوْتُ، مُنذُ استوى عُودي، حَوادِثَهُ |
| فقلّبتْني على أدمي مِنَ الأَسلِ |
| أنا الغَريبُ ولي أَهلٌ أَلوذُ بِهمْ |
| إنَّ الغريبَ غريبُ الرُّوحِ والأَملِ |
| ما قيمةُالتِّبرِ لم يعلقْ به نَظرٌ |
| ما قيمةُ الزهرةِ الريّا على طَللِ؟ |
| إنْ الصداحَ الذي لا أَيك يَسمعُه |
| لَكالنعيبِ إِلى الآذانِ لمْ يَصلِ |
| طُوباك تَدْفعُ كَيداً أو تصدُّ أذىً |
| السُّمُّ في الصَّابِ مثلُ السُّمِّ في العَسَلِ |
| إنْ كانَ في أَجَلي إِصلاحُ آخِرتي |
| فليسَ أشهى على قَلبي من الأَجلِ |
| * * * |
| أشرفْ علينا وحَدَّثْنَا بإسهابِ |
| عما تجرَّعتَ من شهدٍ ومِنْ صَابِ |
| شَهِدتَ في نِصفِ قَرنٍ ألفَ مَعرَكةٍ |
| وخُضْتَ ألفَ عُبَابٍ غيرَ هَيَّابِ |
| فلمْ تُسَجِّلْ لِغيرِ العُربِ مَفخرةً |
| يا شاعرَ الدَّهرِ هلْ كانوا بِلا عَابِ؟ |
| أدْنَاكَ منه فتى حَمدان فاشتعلتْ |
| بالحِقدِ أكبادُ أَعداءٍ وأَصْحابِ |
| ولم تَكُنْ دُونَه شأناً ومرتَبةً |
| وإنْ تَكُنْ دُون أَلقابٍ وأَحْسابِ |
| سَعى الأَراذلُ والأقزامُ بينكُما |
| فانقادَ... وازورَّ قرضابٌ لقرضَابِ |
| فَعِفْتَ صُحبتَه، لكنْ على مَضضٍ |
| وغبتَ عنه وما كشَّرتَ عنْ نَابِ |
| لا يشربُ الحُرُّ من بئرٍ ويرجُمُها |
| ولا يُعفِّرُ خَدّيهِ على بَابِ |
| إنْ كانَ أَعطاكَ مما في يَديْهِ فقدْ |
| غمرتَه بعطايا قلبِكَ الصَّابي |
| مضتْ هَدَايَاهُ... أمَّا ما بذلتَ له |
| فسوفَ يبقى لأَحقابٍ وأَحْقابِ! |
| * * * |