شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
ساعي البريد
حييتُه ومضيتُ في أَمري
تتزاحمُ الأشباحُ في فِكري
إِنْ جِئتُ سَابقَ ظِلُّهُ قَدمي
وإِذا غدوتُ غدا على إِثري
حَمَلَ العَناءَ على مَناكِبِهِ
وحَملتُ بَلواهُ على صَدري
عرقُ الجهادِ عَلى مَلامِحِهِ
وَدُمُوعُه الحمراءُ في نَحرِي
يا ضَارباً في الأَرضِ يَزرَعُهَا
بِشْراً... قضيتَ العُمرَ في بِشرِ!
بالروحِ جُعبتُك التي هَزأتْ
آياتُها بعجائبِ السِّحرِ
فاضتْ على لَيلِ الحياةِ سَناً
وتماوجَتْ بالنَّدِّ والعِطِر
كمْ دَمعةٍ لولاكَ ما انقطعتْ
وبشاشةٍ لولاكَ لم تسْرِ
ولكمْ جبرتَ فؤادَ والدةٍ
من بعدِ ما استعصى على الجبرِ
طالَ اغترابُ وحيدِهَا فقضتْ
أيّامَهَا في وَحشةِ القَبرِ
تبكي فلا يَرثي للوعتِها
قلبٌ، كأنَّ الناسَ مِنْ صَخرِ
غَرِقَتْ بغُضَّتِها ابتسامتُها
وخبا بريقُ النُّور في الثَّغرِ
لم يبقَ مِن آمالِهَا قَبَسٌ
ذَهبَ القُنوطُ بِنِعمةِ الصَّبرِ
ما زالَ ريبُ الدَّهرِ يقذِفُها
من مهمهٍ قفرٍ إِلى قَفرِ
حتى وقفتَ ببابِها فرأتْ
خلفَ ابتسامِك ليلةَ القَدْرِ
هُرِعَتْ إِليكَ يَقُودُها أملٌ
كالفَجرِ، بل أَزهى مِنَ الفَجْرِ
يتعثَّرُ التَّرحيب في فمِها
ويضيعُ بينَ المَدِّ والجزرِ
سلِمتْ يداكَ لقد رَددتَ لها
أُنسَ الحياةِ وأَنتَ لا تَدري
هذا وحيدُ القلبِ يُنْبِئُها
بإِيابه في غُرَّةِ الشَّهرِ
فاعذرْ إِذا اضطربتْ جَوارِحُهَا
تَخَاذلتْ عن واجِبِ الأَجرِ
عقد السُّرورُ لِسانَهَا فَهَمَتْ
من مُقلَتيهَا آيةُ الشُّكرِ
* * *
ساعي البريدِ متى أعودُ، متى
ينفكُّ من قيدِ النَّوى أَسري؟
خلَّفتُ عَبرَ البَحرِ والِدَتي
تحيا على أَذكى من الجمرِ
أبصارُها في البابِ عالقةٌ
وفؤادُها الدَّامي على البَحرِ
تنسابُ خلفَكَ كُلَّما سَمِعَتْ
باباً يَدقُّ وعابِراً يَجري
فارفِقْ بها واحْمِلْ لها نبأً
يُحيي رَجَاهَا آخرَ العُمرِ
نذراً عليَّ ولَستُ أَنكثُهُ
- سَاءتْ عواقبُ ناكثِ النَّذرِ -
سأُقيمُ إِنْ حقَّقتَ لي أَملي
نصباً من الرَّيحَانِ والزَّهرِ
وأصبُّ رسمَكَ في قواعدِهِ
ذكرى مقدسةً على الدَّهرِ
تجثو القُلوبُ لَديهِ خَاشَعَةً
وتطوفُ فيه عرائسُ الشِّعرِ
* * *
ساعي البريدِ إِلى اللِّقاءِ غداً
حزَّمتُ أَمتِعتي على ظَهرِي!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :529  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 175 من 665
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة الدكتورة عزيزة بنت عبد العزيز المانع

الأكاديمية والكاتبة والصحافية والأديبة المعروفة.