أدبٌ كدمعِ الأُمَّهاتِ طَهُورُ |
ونُهىً عميقٌ كالخِضَمِّ غزيرُ |
وصلابةٌ في الحقِّ ليسَ يَشينُها |
دَعوى تُطبِّلُ حَولَها، وهَديرُ |
وصَرَاحةٌ لا الوعدُ يُثنِيها ولا |
يَلوي شكيمَتَها لظىً وسعيرُ |
وتَرفُّعٌ حيثُ التواضعُ ذِلةٌ |
وتواضعٌ حيث الشُّموخ غرورُ |
هذا نظيرٌ! هل يُقال إِذا زكا |
شِعري بموكِبِهِ رَشاهُ نَظيرُ؟ |
* * * |
أَفتَى البيانِ العَذْبِ والقلمِ الذي |
يَشدوا فيخجلُ جاحظٌ وجَريرُ |
ظَمِئتْ إليكَ، وأنت تجهلُ، أَنفُسٌ |
وهفتْ إِليكَ جوانحٌ وصُدورُ |
فأدِرْ عَلينا من بَيانِكَ خَمرةً |
ما ذاقَها في الغَابِرينَ أميرُ |
حَدِّثْ عن الأَمزونِ واذكرُ فِتْيةً |
المجدُ ملء إِهَابِهِمْ والنُّورُ |
ألقوا بِضِفَّتِهِ عَصا ترحَالِهِمْ |
فزَهَا بهمْ قفرٌ وأمْرَعَ بُورُ |
يتسابقونَ إِلى العُلى بعزائمٍ |
دانَ العَسيرُ لهُنَّ فهْو يَسيرُ |
حَدِّثْ وحَدِّثْ ما استطَعتَ وقُل لنا |
كيفَ انطوى عهدٌ هُناك مُنيرُ |
ما حلَّ بالروضِ الأَغنِّ، وما دَهى |
أطيارَهُ، أفصَوَّحتْهُ دَبورُ؟ |
واهاً عليها عُصبةً مَيمونةً |
حسدتْ بدائعَها الرِّياضُ الحُورُ |
بالأَمسِ كُنَّا نَسْتَضيءُ بِنُورِهِمْ |
واليومَ يغمرُ أُفْقَنَا الدَّيْجُورُ |
بالأَمسِ كُنَّا نْستقي من وِردِهِمْ |
واليومَ لا يَرْوي العِطاشَ غَديرُ |
بالأَمسِ كُنَّا نَستظِلُّ بأَيكِهِمْ |
واليومَ لا أَيكٌ ولا شحرورُ |
عَصفتْ بِهم رِيحُ السِّياسةِ فانزووا |
ويحَ الغريبِ إِذا يُنادي الصُّورُ |
سكتوا كأنْ لَمْ تَختلجْ لِهتافِهِمْ |
نفسٌ، ولمْ يحملْ صداهُ أَثيرُ |
سكتوا كأَنْ لمْ ينشُدوا أمّ اللغى |
أحلى وأَروعَ ما تُكِنُّ صُدُورُ |
سكتوا كأَنْ لمْ يَحمِلوا عَلَمَ الهُدى |
للمُدْلِجِينَ ويَسبَحوا ويَطيروا |
* * * |
يا فتيةَ الأَدبِ الأَغرِّ تجمَّلوا |
تأبى العُلى أَنْ تَيأسوا وتَخُوروا |
هي مِحنةٌ وتَزولُ، ثم نَراكُمُ |
الجوُّ زاهٍ والنديُّ نضيرُ |
لاحتْ تباشيرُ السَّلامِ فهيِّئوا |
أقداحَكُمْ وتَبادلوا وأَدِيروا |
أزكى الزهورِ قصيدةٌ ومقالةٌ |
وأرقُّ أنواعِ الغِناءِ صَريرُ |