| يبني القصورَ وكوخهُ خَرِبُ |
| ساءتْ حياةٌ كلُّها تعبُ |
| الشوكُ يزَخرُ في مسالِكِهَا |
| والرِّيحُ ما تنفكُّ تصطخبُ |
| لا يزَدهي في ليلةِ قبسٌ |
| إِلاَّ تولّتْ طَمْسَهُ النُّوَبُ |
| صَفِرتْ من الأصحَابِ راحتُهُ |
| لم يُجْدِهِ سَعيٌ ولاَ طَلبُ |
| فكأَنَّه في النَّاسِ حَاشيةٌ |
| وكأَنَّه في الأَهلِ مُغترِبُ |
| جُلبَابهُ رُقَعٌ تَأَلَّفها |
| غرضٌ وباعدَ بينها نَسبُ |
| مشتِ السنينُ عليه فاختلطتْ |
| أَصْباغُهُ وتقاربَ السَّببُ |
| ينبو به في اللَّيلِ مضجعُهُ |
| ويشُوكُه الحِرمَانُ والنَّصبُ |
| الرفشُ والمِنقارُ عُدَّتهُ |
| في العيشِ، لا عِلمٌ ولا نَشبُ |
| يَسعى وَلَكِنْ لا إلى أَملٍ |
| ويَدبُّ لكن حيثُ لا أَرَبُ |
| ضَاقتْ به دُنيَاهُ واعتجلتْ |
| في صَدرِهِ الزَّفَراتُ والكُرَبُ |
| بالرُّوحِ في تَمّوز وقفتُه |
| يكويهِ من أنفاسِه لَهَبُ |
| دامي الفؤادِ يُمِضُّهُ أَلمٌ |
| ذاوي الجفونِ يَعُضُّهُ سَغَبُ |
| عِرْقُ الجِهادِ يَزِينُ جبهتَهُ |
| تاجاً علتْهُ هالةٌ عَجَبُ |
| بالرُّوحِ في كانون نظرتُه |
| يَصْطَكُّ من قَرٍّ ويَضْطَرِبُ |
| يَرنُو بطرفٍ غَارَ بؤبؤُهُ |
| في دَمعهِ وتَكمَّشَ الهُدُبُ |
| جَمدتْ على المِنقارِ راحتُه |
| فكأَنَّها من بعضِهِ خشبُ |
| تلهو الرِّياحُ به فإنْ سكنتْ |
| فتحتْ عليه ثقوبَهَا السُّحُبُ |
| يا غائصاً بالطينِ، لا نَصَبٌ |
| يوهي عزيمتَه ولا وَصَبُ |
| صبراً على الأيامِ إِن عَبَستْ |
| هيهاتَ يَفْرُجُ ضيقَها غَضَبُ |
| ما أنت أَولُ كادحٍ عَثَرتْ |
| آمالُه وكَبَا به الدَّأبُ |
| بيني وبينَكَ في البَلاءِ – وإِنْ |
| كَذَبتْ عليك ظواهري – نسبُ |
| أشقاكَ سعيٌ لا ثوابَ لهُ |
| أمَّا أَنا فَنَصِيبيَ الأدَبُ |