رفَّتْ عليك مواكبُ الأرْواحِ |
وجوانحٌ طارتْ بغيرِ جَنَاحِ |
وتألَّبتْ حَولَ السَّفينةِ أَنفسٌ |
ترعاكَ من نوءٍ وعَصفِ رياحِ |
يا حاملاً لُبنانَ بين جُفونِهِ |
هَبَّتْ نوافحُ وردِهِ الفوَّاحِ |
وأطلَّ من خللِ السَّحائبِ أَرزُهُ |
وسمعتُ صوتَ هَزارهِ الصَّداحِ |
وقرأتُ في عينيك عِزةَ ليثِهِ |
ولمحتُ عفَّةَ رِيمهِ المِمراحِ |
أنا لستُ مِن لبنانَ لكن حُبُّهُ |
نورٌ يُضيءُ عشيتي وصَباحي |
أهواهُ مَغنىً للجمالِ ومَلعباً |
ومنارةً للعِلمِ والإِصلاحِ |
لُبنانُ في نَظري نشيدٌ خَالدٌ |
عبِقٌ بأنفاسِ الهَوى والرَّاحِ |
وقصيدةٌ صاغَ الْمُحِبُّ عُقودَها |
من نخوةٍ عربيةٍ وسَماحِ |
الضَّادُ تَجمعُنا إِذا انتسبَ الورَى |
وبواعثُ الأَفراحِ والأَتراحِ |
أَجْتاحَنا مُستعمرٌ أَو غَاصبٌ |
وسلمتمُ من شَرِّهِ المُجْتَاحِ؟ |
* * * |
يا مَن يُحاولُ أنَ يُفرِّقَ بينَنَا |
عبثاً تحلُّ وشَائِجَ الأَرواحِ |
ولَّى زَمانُ الطَّائفيةِ وانطوى |
علَمٌ عتا بمنافقٍ ووقاحِ |
فاحبسْ سُمُومَكَ تسلمنَّ مِنَ الأَذى |
والجمْ لِسانَك عن خَنىً وجِماحِ |
لم يبقَ في دارِ العُروبةِ موضعٌ |
للناعبِ النَّاعِي وللنبَّاحِ |
إنَّا – وإِنْ كَرِهَ الدَّخيلُ – بقيَّةٌ |
من عِترةِ العَربيةِ الأَقحَاحِ |
ورثتْ شَبيبَتُنَا خُشونةَ خالدٍ |
وشيوخُنا وطنيةَ الجرَّاحِ |
أرسُولَ لُبنان الأشمِّ تحيةً |
من تَائهٍ بِجمالِهِ، مُلتَاحِ |
أذكيتَ أَشواقي إِلى مَهدِ الصِّبَا |
ونكأتَ – لا شُلَّتْ يداكَ – جِراحِي |
لا تَقْسُوَنَّ عليَّ إِنْ تكُ مُقلتي |
نديتْ، ولاحَ الحزنُ في تَصدَاحي |
ليكادُ يقتُلُني الحنينُ إِلى الحِمى |
وأرىَ الزَّمانَ يَصُدُّني ويُلاحي |
فمتى تُحلُّ النفسُ من أَغلالِها |
ومتى يُفكُّ مِن الأَسارِ جَناحِي؟ |