كُلُّ مجدٍ يا حَرفُ زائلْ |
فتخطَّرْ على الرُّبى وَالمعَاقلْ |
طَاولِ الشمسَ، لن يَعِيبَك زارٍ |
ما تطاولتَ، أَو يلومَكَ عاذلْ |
يَقبِسُ الفجرُ من سَناكَ وتُروى |
بِندَاك الحقولُ، وهي ذَوابِلْ |
عَبثاً يكتُب الحُسامُ فُصُولاً |
شَطَّتِ الدَّارُ بين آسٍ وقَاتِلْ |
أكلَ الدَّهرُ وائلاً... وتَسامى |
فوقَ هَامِ الدُّهُورِ شاعرُ وائلْ |
أنت للحبِ والفضيلةِ حِصنٌ |
تتَّقِيهِ زَمازِمٌ وزَلازِلْ |
خَفَضَتْ رَأْسَها لديكَ قرومٌ |
وترامتْ على يديكَ العَواهلْ |
لم تَقُمْ دعوةٌ إِلى مَلكوتِ - |
الحقِّ إلاَّ نَشرتَها في المجاهِلْ |
لا تُبالي بقوةٍ تَتحَدَّاكَ - |
ولا تَخفضِ الجناحَ لِباطلْ |
شرُّ أَعدائِك الَّذينَ استَهانوا |
بالتُّراثِ الذي يموجُ فَضائِلْ |
شَوَّهوا صَفحَة البَيانِ وهَاموا |
بالرَّطاناتِ بين هَاذٍ وهَازلْ |
قصَّروا – عادةَ الهَواجنِ – في الشَّوطِ |
فثاروا على العُرابِ الأَصائِلْ |
لا يُجيدُونَ غَيرَ نَظمِ الأَحاجي |
والتَّعالي السَّخيفِ في غيرِ طَائلْ |
يشترُونَ المديحَ طَوراً، وطَوراً |
يَستمدُّونَه بأزرَى الوَسائلْ |
زَعموا أنهم يَقُولونَ شِعراً |
برىءَ الشِّعرُ مَن دَعِيٍّ وواغلْ |
ليسَ هذا التَّهريجُ شِعراً وإلاَّ |
حُسبَ الهَارِفُونَ بينَ الفَطاحِلْ |
كيف يستعذبُ الأُجاجَ لِسانٌ |
ويَطيبُ الترابُ في فَمِ آكلْ |
إِيهِ يا حرفُ قد رَفعناكَ بَنداً |
ومشيْنَا على هُداكَ قَوافلْ |
أنت نورٌ فيا غيومُ تَدجّي |
وربيعٌ فهللي يا خَمائلْ |
كُلُّ مُلكٍ إِلى الفَناءِ... وتَبقى |
شامخَ الأَنفِ رَغمَ أَنفِ النَّوازِلْ |
* * * |
يا رِفاقَ الطَّريقِِ من مَكانٍ |
للزرازيرِ بين سَرْبِ البَلابلْ |
يشهدُ اللهُ ما تَلَكَّأْتُ لكنْ |
كيفَ يمشي مُقيَّدٌ بالسلاسلْ؟ |
حثّني واجبُ الوَفاءِ إِليكمْ |
وثنتْني مِنَ الحَياةِ شواغلْ |
أنا في بابلٍ فإِنْ أَثقلَ العيُّ - |
لِساني فتلك عقدةُ بَابلْ |
أَدِركُوني بديمةٍ من نَداكم |
أنا ظامٍ وليسَ في الأُفقِ وابِلْ |
إِنْ تَكُنْ جُعبتي مِنَ الشِّعرِ قفراءَ - |
فروُحي مَلأى وقلبيَ آهلْ |
يا إِلهي أَطِلقْ لِساني وإِلاَّ |
لستُ في حاجةٍ لأَلثغَ خَاملْ |
هاجَني الشَّوقُ يا رِفاقي إِليكُمْ |
ليتَكُمْ تحملونَ ما أَنَا حَامِلْ |
حبَستْني نوائبُ الدَّهرِ عَنكُم |
كُلَّما اجتَزْتُ حَائلاً جَدَّ حائلْ |
ليتني بينكُم فأَرقُصُ زَهواً |
وأُغني في مهرجانِ المَراحلْ |
ماريانا ومَا ذكرناكِ إِلاَّ |
رَقصَتْ نجمةٌ وصَفَّقَ هَادلْ |
سَلِمتْ كَفُّكِ السَّخيةُ تَهمي |
أُقحواناً على الرُّبى وسَنابِلْ |
رَفَعتْ للقَريضِ صَرحاً وشَادتْ |
هَيكلاً لِلجمالِ بينَ الهَياكِلْ |
اللِّواءُ الذي انطوى نَشَرتْهُ |
وأعادتْ عَهدَ الشُّموسِ الأَوافِلْ |
عزَّ في ظِلِّكِ البَيانُ، فمَرحى |
للطُّموحِ الذي يَزينُ المحَافِلْ |
* * * |
يا رِفاقي أرسلتُ قلبي إِليكم |
آهِ لو تَسبرونَ غَورَ الرَّسائِل! |
اُعذُروني إِذا تَلجلجَ صَوتي |
مِنْ حياءٍ، فليسَ في النَّاسِ كَاملْ |
بُورِكَ الحَرفُ سُلَّماً للمعالي |
إنَّ مَن يعشَقِ المعالي قَلائلْ! |