شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
رِسالةُ الحُبِ
في ذكرى جبران، سنة 1976
على الفَضيلةِ قامتْ دولةُ الأًدبِ
لا تَزهُونَّ عَليها دَولةُ الذَّهبِ
يا مَن يَعِيبُ عَليها فرْطَ حاجَتِهَا
عاشَ المُجِدُّ بِلا جَاهٍ ولا نَشَبِ
لا خَيْرَ في ثَروةٍ شَاهتْ مصادِرُها
وشهرةٍ لم تقمْ إلاَّ على الكَذِبِ
قَستْ عليْها اللَّيالي، فَهي مُذْ وُلِدتْ
تَمشي عَلى الشَّوكِ أَو تَمشي عَلى اللَّهبِ
يَهُونُ كرمى عيون الضادِ ما لَقِيَتْ
وما تُلاقِيهِ من كَيْدٍ ومن نَصَبِ
إِنْ يسْخرِ الناسُ منها فهي تُمْحِضُهُمْ
صَفْحَ الكَريمِ... فقد جلَّتْ عنِ الرِّيَبِ
لم يُعْزِها لَقبٌ، أو يُعْوِها شَرفٌ
ما حَاجةُ القَمرِ الزَّاهي إلى اللَّقبِ؟
إنَّا لأَزهدُ أَهلِ الأرضِ قاطِبةً
بتُرَّهَاتِ العُلى والمَجدِ والحَسَبِ
ماذا تُفيدُ كُنوزٌ لا نَفَادَ لَها،
الموتُ من تُخمةٍ كالموتِ من سَغَبِ
هَيهاتَ ليسَ رَنينُ الفِلسِ يُطرِبُنا
ورُبَّما زَلزَلتْنَا أنَّهُ القَصَبِ
وَشَائِجُ الأَدبِ الرَّيَّانِ تَرْبِطُنا
أكرِمْ بهِ نسباً يَسمو على النَّسبِ
لم نَجتمعْ مَرةً إلاَّ على مِقةٍ
أو نفترقْ مَرةً إلاَّ على أَدبِ
إنْ أنَّ في الأَرزِ أُمِّ القُرى قَلمٌ
لبَّاهُ مِنَّا يَراعٌ أنَّ مِن وَصَبِ
وإن تَغَنَّتْ بِوادي النيلِ ساجعةٌ
أجابَهَا سَاجعٌ في القُدْسِ أَو حَلَبِ
أَلمْ يجئْ، وَظلامُ الجهْلِ منتشرٌ
نَوراً يضيءُ دروبَ العُجْمِ والعَرَبِ
ألمْ يَهُبَّ عَلى الأَصنامِ عَاصِفةً
هَوجاءَ تَزحَفُ من قُطبٍ إِلى قُطْبِ
أَلمْ يُشيِّدْ صُرُوحَ الفِكْرِ شَامخةً
وينقلُ العَقلَ من جَدبٍ إِلى خِصْبِ
رِسَالةُ الحُبِّ زَكَّاهَا وأَطلقَهَا
في الناسِ، لم يُثنِهِ ما ثَارَ مِن صَخَبِ
فَلَّ السُّيُوفَ وَقَاواهَا بريشتِهِ
أُعجبْ بها ريشةً تمشي على القُضُبِ
فكيفَ نَغفلُ عن تَمجيدِ سيرتِهِ
وكيفَ نَترُكُه نَهباً لِمُنتهِبِ
وكيفَ يسَبِقُنا مَن ليسَ يعرفُنا
إِلى اغترافِ الطِّلا من نَبعِهِ العَذْبِ؟
يَقضي عَلينَا الوفا أنْ نَستَعِزَّ بِهِ
وأَنْ نُقِيمَ لهُ الأَنصابَ مِن ذهبِ
* * *
يا رِفقةَ الدَّربِ هَذي رُوحُ جُبرانا
تَحُومُ رَاحاً على النَّادي وَرَيْحَانا
تُثيرُ مَا ماتَ في الأَرواحِ مِن أَملٍ
وتَزرعُ اللَّيلَ أنواراً وأَلوانا
طَافتْ على النَّجِم فابتشَّتْ مَواكِبُهُ
وهلَّلَ الرَّوضُ أطياراً وأَفنَانا
هلْ جاءَها أَننا شِدْنَا لها حَرَماً
بينَ الضُّلوعِ ونَمْنَمْنَاه بُسْتانا
وأَنَّنَا ما تَنادينا لنُكرِمَهَا
لكنْ لِنُكْرمَ دُنيَانَا وأُخرانا
يا روحَ جبرانَ لبنانٌ بِمهلَكَةٍ
صَلِّي لِينُقِذَ رَبُّ العَرشِ لبنانا
ما كانَ أهدأَهُ بالاً وأَهنأَهُ
لو كانَ أخصبَ فيه زرعُ جُبرانا!
* * *
لبنانُ قلبي على بلواه ينقطرُ
والنفسُ والِهَةٌ والجَفْنُ يستعرُ
تَبَّتْ يدٌ مزَّقَتْه أًلفَ طَائِفَةٍ
وأَطلقتْ بَينَها الأَحقادَ تشتجرُ
وحَوَّلتْ جَنةَ الفِردوسِ مَقبرةً
للحبِّ، يَسرحُ فيها الموتُ والخطرُ
لَيَبرأُ الدينُ مِما باسمِه ارتكبوا
ويبرأ الحقُّ ممَّنْ باسمِهِ اتَّجروا
الدِّينُ يَدعو إِلى حُبٍ ومَغفِرَةٍ
أينَ الَّذِينَ أَحبّوا أَينَ مَنْ غَفروا؟
والحقُّ نورٌ فأَينَ النُّورْ في بَلدٍ
يَغشاهُ لَيلٌ من الأهوالِ معتكِرُ
قالوا تَعَلَّمَ لبنانٌ فقلتُ لهم
هل يأمرُ العلمُ أَهليهِ أَنِ انتحِروا ؟
لئنْ تَبيَّنَ أَنَّ العِلمَ آفتُه
يا ليتَه لمْ يَزلْ يالجهلِ يأتَزِرُ
لا لا وربِّكَ ليسَ العلمُ مَجلَبةً
لَلغدرِ يَلدغُ أو لِلحقد ينفجرُ
لكنَّما الناسُ شتّى في طبائِعِهمْ
كالرَّوضِ يَنبُتُ فِيهِ الشًَّوْكُ والزًّهْرُ
الشرُّ في النَّفسِ لا في الثَّوبِ مَكمنُهُ
يَخفى، ولكنْ على مَنْ لاَ لَه نَظَرُ
والخيرُ في النَّفْسِ لا في الثَّوبِ معدَنُهُ
فلن يَصيبَ امرءاً من خيِّرٍ حَجَرُ
حلفتُ – والأهلُ أَهلي – ما بكيتُهُمُ
لوْ صَحَّ أَنَّ الذي أَفناهُمُ قَدَرُ
مَنْ ذَ نَلومُ ومَنْ ذَا لا نَلومُ ومَنُ
نشكو إليهِ ومَنْ نَشكو ومَنْ نذرُ؟
جَنى الغريبُ عليه والقريبُ معاً
هذا لهُ وطرٌ خَافٍ وذا وطرُ
ونالَ منه الأُلى في نفسِهِمْ مَرَضٌ
ما لمْ ينلْهُ يهودُ السُّوءِ والتًّتَرُ
لم يبقَ أمسه الزَّاهي سوى أَثرٍ
يا ليتَ شِعري ماذا ينفعُ الأثرُ؟
* * *
جُبرانُ أَسهَبَتِ الأقلامُ فيك فَلا
تعذلْ يَراعاً قصيرَ الباعِ يختصرُ
لَولا بقيةُ إِيمانٍ تُؤازِرُني
لم يَرتفعْ لمراقي جُنحِكَ البَصَرُ
ذكراك عيدٌ وإِن غاضَتْ بشاشتُه
وأنت بين ثريَّاتِ الورى قمرُ
 
طباعة

تعليق

 القراءات :357  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 164 من 665
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء الثاني - مقالات الأدباء والكتاب في الصحافة المحلية والعربية (2): 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج