| حَيِّ المنضِّدَ في زَريِّ ثِيابِهِ |
| والجمْ غَرورَكَ إنْ وَقفتَ ببابهِ |
| لا تَخْشَيَنَّ عَلى يَديكَ خِضَابَهُ |
| كم شعَّ نورٌ مِن سَوادِ خِضابِهِ |
| هَذي اليدُ السَّوْداءُ أَنقى من يَدٍ |
| بيضاءَ دنَّسهَا الحَرامُ بِعابِهِ |
| عيبٌ عليك إِذا قرأْتَ صحيفةً |
| أَلاَّ تمجِّدَه على أتعَابِهِ |
| بالرُّوحِ نَظرتُهُ يموجُ بها الأَسى |
| وتشيرُ حَيْرتُها إِلى أوصَابِهِ |
| خَنقَ الإِباءُ دموعَه فَتَفجَّرتْ |
| في صَدرِهِ ناراً وفي أَعصابِهِ |
| اللَّيلُ يعلمُ وحدَه كمْ زَفرةٍ |
| خَرسَاءَ أطلقَهَا على مِحرابِهِ |
| يا سَافحاً بَينَ المَطابِعِ قَلبَهُ |
| ومُجازِفاً خلفَ الرؤى بِشبابِهِ |
| أَجنَيتَ من دُنياكَ إلاَّ عَلقماً |
| ومِن الرَّجاءِ الحُلْوِ غيرَ سَرابِه؟ |
| ماذا فَناؤُك في محُيطٍ جاهلٍ |
| تَتَزاحمُ الأَطْماعُ في أََبوابِهِ |
| الشُّهرةُ الصَّفراءُ غَايةُ شَيبِهِ |
| والشَّهوةُ الحَمراءُ حُلمُ شبابِهِ |
| ضَاعتْ مَقاييسُ الفضيلةِ عِندَهُ |
| وجَرتْ نسورُ الفِكرِ خلفَ ذبابِهِ |
| لا تَرْجُ خيراً من زمانِكَ إِنَّه |
| ذئبٌ يَجيشُ الشرُّ في أنيابِه |
| أََمنَ القَويُّ المستبدُّ بَلاءَهُ، |
| وتعرَّضَ الحَمَلُ الوديعُ لِنَابِهِ |
| فكأَنَّهُ يطوي العُصورَ القَهقَرى |
| ليُعيدَ في الدُّنيَا شَريعةَ غَابِهِ |
| * * * |
| يا حَاملَ الأَغلاطِ عن شُعرائِهِ |
| ومُكفْكفَ الزَّلاَّتِ عن كُتَّابِهِ |
| لو كانَ عِندَ النَّاسِ إِنصافٌ لَما |
| ضاقتْ طريقُ الرِّزقِ عن طُلاَّبِهِ |
| لكِنَّهمْ ضَنُّوا فَعِشتَ بِفاقَةٍ |
| وتَكالبوا فعزفتَ عَن أَسبابِهِ |
| وتَجاهلوا قَدْرَ المُنَضِّدَ وهْو لا |
| ينفكُّ يغمرُهُمْ بفيضِ سَجابِهِ |
| يَغفو وَجلجلةُ الحديدِ بسمعِهِ |
| ويَفِيقُ والأورَاقُ ملءُ جِرابِهِ |
| لولاهُ لاندثرتْ حَضاراتٌ ولمْ |
| يفتحْ لنا التاريخُ صَدرَ كِتابِهِ |
| ولَكأَنَّ مَاضي النَّاسِ لغزاً مُبهماً |
| تتقاصرُ الأفهامُ دونَ حِجَابِهِ |
| ولماتَ ذِكرُ العَبقريِّ بموتِهِ |
| ومشى الفناءُ على العظيمِ النَّابِهِ |
| * * * |
| يا نابشَ الأَرماسِ ينفُخُ بينَهَا |
| رُوحَ الحياةِ على هَوانِ ثِيابِهِ |
| وكأنَّ يُوضَاسَ الخِيانةِ لم يَزَلْ |
| يَحبو إِليه بمكرِهِ وكِذَابِهِ |
| * * * |
| يا مُلتَقى الأَقلامِ دُونَكَ شَاعراً |
| لمْ ينسَ فَضْلَكَ رغمَ طُولِ غِيابِهِ |
| رَكِبَ الخيالَ إِلى حِماكَ يَحُثُّهُ |
| شوقُ المُحِبِّ سَعى إِلى أَحبابِهِ |
| فاجعلْ لهُ في بَابِ كُوخِكَ أَيْكَةً |
| يَسحبْ على "الإِيوان" ذيلَ إِهابِهِ |