نادى الجمالُ فمَالي لا أُلَبِّيْهِ |
هل ضاعَ قلبي في برية التيهِ؟ |
عجبتُ للشاعرِ الغِرّيدِ يُنكِرُه |
وكان أعذبَ لحنٍ في أََغانيهِ |
لا لم أخنْهُ ولكن خانني وَتَري |
ولُذتُ بالشعرِ فاستعصتْ قوافيهِ |
كأنني لم أَصُغْ في العمر قافيةً |
ولم أَرِدْ معْ عروسِ الشعرِ واديهِ |
وكيفَ يُعربُ من شَطَّتْ منازلُهُ |
وأنفقَ العُمْرَ يبكيها وتبكيه؟ |
تُدنيهِ من حرِم الفُصحى سجيَّتُهُ |
وموجةُ العُجمةِ العَجماءِ تُقصِيهِ |
وكيف تَنْبُتُ في الصَّحراءِ زَنبقَةٌ |
والرَّملُ يشربُ في كانونِ جاريه |
ليَشهدَ الحُسنُ أنِّي مِن صنَائِعِهِ |
ويَعلمَ الحبُّ أَني مِن مَوالِيهِ |
يَلُومُني في هَوى غَلواءِ ذو عَمَهٍ |
فقلتُ يَا حُلوَةَ الحلُواتِ دَاويهِ |
إنْ كانَ قيسُكِ مَن ضَلَّتْ به قَدمٌ |
فليبقْ في الغيّ، بل زِيدِيهِ زِيدِيهِ |
ما حَاجتي لفؤادٍ لا يُحرِّكُهُ |
طرفٌ أُناغِيهِ أََو طَيفٌ أُناجِيهِ |
لا دَمْعَ أعذبُ من دَمعٍ يُفَجَّرُهُ |
بينَ الجوانحِ وَجْدٌ عَزَّ آسِيهِ |
طَوى التُّرابُ عُصوراً ما لَها عَدَدٌ |
وظَلَّ مَجنونُ لَيلى لَيسَ يَطويهِ |
* * * |
قالوا الجَّمالُ جَمالَ النَّفسِ، قُلتُ لَهم |
إِني لأَهواهُ في شَتَّى مَعانِيهِ |
أَهْواهُ في النَّفسِ صَفَّى الحُبُّ جَوهَرَهَا |
وزانَهَا بعُقُودٍ مِن لآلِيهِ |
أَهواهُ في الجِسْمِ يَزهُو في مَفاتِنِهِ |
سيَّانَ عِنديَ بَاديِهِ وخَافيهِ |
أَهواهُ في الزَّهرِ أَستنشي نَوافِحَهُ |
رِيّاً وفي الشَّوكِ يُدميني وأحميهِ |
أَهْواهُ في الجَدولِ الرَّقراقِ دَندنةً |
وفي الخِضَمِّ هَديراً في نَوازِيهِ |
أَهْواهُ في البُومِ يَبكي في خَرائِبهِ |
وفي الهزَارِ يُغنِّي في مَغانِيهِ |
أَهْواهُ في اللَّيلِ يَغشاني بِرهبَتِهِ |
في الصَّباحِ تَغاوى في تَثَنِّيهِ |
أَهْواهُ في الشَّعرِ مَوسيقى وعَاطفةً |
وأُغمضُ الطَّرفَ عَن زَلاَّت رَاويهِ |
أَهْواهُ ثَرثرةً في الطِّفلِ سَاذجةً |
وفي حِكايةِ شَيخٍ ضَاعَ مَاضِيهِ |
أَهْواهُ في الصَّيفِ رَيْحاناً وفَاكِهةً |
وفي الشِّتاءِ ثُلوجاً في رَوابيهِ |
أَهْواهُ في البَرِّ كُوخاً لا عِمادَ لَهُ |
وفي المدينةِ قَصراً عَزَّ بَانِيهِ |
لا حَدَّ للحُسنِ... إنَّ الكونَ مرتَعُهُ |
أَجَلَّهُ اللهُ عن زَيْفٍ وتَمْويِهِ |
عزَّتْ مجَانيهِ، لكن إِن مَددتَ يداً |
بيضاءَ طاهرةً دانتْ مجانيهِ |
وإنْ تَسامى عنِ الشهواتِ ذُو رَمدٍ |
لم تَخفَ عن عَيْنِهِ أَخفى دَرَارِيهِ |
* * * |
يا خَالقَ الحُسنِ زِدْ من هِباتِكَ مَا |
يُرضي عُلاكَ وَينهَاني عنِ التِيهِ |
أَطِلقُ جَناحيَّ من أَسرِ التُّرابِ أَطِرْ |
يَكادُ مَثواهُ في الأغَلالِ يُفنِيهِ |
دَعني أُسَبِّحْ بما أَجزلتَ من مُتَعٍ |
لِلنَّفسِ والطَّرفِ تُغريها وتُغرِيهِ |
لمْ تَخلُ في الأَرضِ مِن نَعماكَ زاويةٌ |
فكيف يَكفرُ حَيٌّ باسم بَارِيهِ؟ |
يا ربِّ أَنتَ سِراجي في الحَياةِ فإِنْ |
لم تَهْدِ عَبْدَكَ قُلْ لي من سَيهدِيهِ؟ |