لِلْحَقِّ ما كَتَبَ الأديبُ المُلْهَمُ |
عُوجُوا على أدَبِ الحَياة وسَلِّموا |
لا يَسْتَوي قَلَمان، هذا لِلعُلَى |
يَبْني مَعاقِلها، وهذا يَهْدِمُ |
كَمْ دَعْوةٍ طَوَتِ العُصورَ، ودَعْوةٍ |
ماتَتْ لساعَتِها ولا مَنْ يَعْلَمُ |
الطَيْرُ أنْواعٌ، يَهُزُّكَ بُلْبُلٌ |
ويَصُكُّ مَسْمعَكِ الغُرابُ الأسْحَمُ |
مالي وللمَغْرورِ أحْمِلُ هَذْرَهُ |
يا صاحبي إنِّي أصَمٌ أبْكَمٌ |
لتَكادُ تَقْتُلُني بشِعْرِك فاتَّئِدْ |
إنَّ الرَّطانةَ والهَراوة تَوْأمُ |
مَنْ ظَنَّ أنَّ الشِعْرَ مُضغَةُ هاذرٍ |
لَمْ يَخْتلِفَ عُرْسٌ لَدَيْه ومَأتَمُ |
الضَّادُ ممَّا سُمْتَها في مِحْنَةٍ |
أفَلاَ تَرِقُّ لِدَمْعِها يا مُجْرمُ؟ |
شَوَّهْتَ صَفْحَتَها وخُنْتَ تُراثَها |
حتَّامَ تَمْتَهِنُ الجَمالَ وتَأَْثَمُ |
مَنْ لَمْ يُدافِعْ عَنْ كرامة أمِّه |
فهْوَ الذي في كُلِّ شَرْعٍ يُرْجَمُ |
* * * |
يا صاحبَ الشَرْقِ ازْدَهَتْ صَفَحاتُها |
بالزَّهْرِ يَرْقُصُ، بالطُيورِ تُرَنِّمُ |
أنْشَأتَ للأدَبِ المؤثَّلِ دَوْلةً |
شَأتِ السَحَابَ وتَوَّجَتْها الأنْجُمُ |
حامَ الجِياعُ على شَهِيِّ غِذائِها |
وانْسابَ مِنْها للعُطاشَى زَمْزَمُ |
رَفَعَتْ لواءَ الفنِّ أبْلَجَ زاهياً |
فاخْتالَ نَصْرانٌ وهلَّلَ مُسْلمُ |
وتَبارَتِ الأقْلامُ في حَلَباتها |
فاعَتَزَّتِ الفُصْحَى وطابَ المَوْسِمُ |
آياتُها للمُدْلجين مَنائرٌ |
هَلْ بَعْدَ هذا النورِ لَيْلٌ مُظْلمُ؟ |
هذا هو التَجْديدُ، لا ما يدَّعي |
رَهْطٌ إذا انْبَرَتِ الفَصاحةُ أعْجَموا |
يَتَقارضَونَ المَدْحَ فيما بينهم |
ما أرْخَصَ المَدْحَ الذي لا يُفْهمُ |
حَمَلوا على الشِعْر الأصيلِ، وحَقُّهم |
أنْ يَزْدَروه ويَكْرَهوهُ ويَشْتُموا |
أتَرَى الثُرَيَّا مُقْلَةٌ مَكْفوفةٌ |
ويَطيبُ لِلْمَوْقور لَحْنٌ أرْخَمُ؟ |
هذا هُوَ التَجْديدُ يَبْني أمةً |
ويُثير قَوْماً للخُمولِ اسْتَسْلموا |
هَزَّ الضَّمائِرَ فاستفاقَتْ مِنْ كَرَىً |
وأهابَ بالوانينَ افضْطَرَمَ الدَمُ |
هَذي يَدي للمُحْتَفين أمُدُّها |
وأقولُ يا بيضَ الوُجوهِ ألاَ اسْلَموا! |
أكْرَمْتُمُ جيلاً مِنَ الإِيمانَ لَمْ |
يَفْتُرْ... وكَمْ مِنْ عاملين تَنَدَّموا |
للضَّادِ ما قاسَى... ويَحْلُو لاسْمِها |
صابُ الجِهادِ ويُسْتطابُ العَلْقَمُ |
عِيدُ الكَرامةِ عيدُهُ، في ظِلِّهِ |
كَمْ بُلْبُلٍ غَنَّى وصَفَّق بُرْعُمُ |
قالوا سَعَى للمالِ، قُلْتُ خُرافةٌ |
هَيْهاتَ يَسْتَهْوي الفَضيلةَ مَغْنَمُ |
ما في الثَّراء مَعَرَّةٌ إلاَّ إذا |
أوْدَى بأخْلاقِ الرجالِ الدِّرْهَمُ |
يِسْخو الكريمُ بمالِه أما الذي |
مَنْ قَلْبُه يُعطيك فهو الأكْرَمُ |
كَمْ دَمْعةٍ حرَّى شَفَتْها بَسْمةٌ |
ومَحَا تباشيرَ الرجاءِ تَجَهُّمُ |
يا خادِمَ المِحْرابِ خُذْها قُبْلَةٌ |
باسْمِ الذينَ على غُصونِكَ حَوَّموا |
شابَ الحَياءُ فَصاحتي فتَلَجْلَجَتْ |
لولا الحياءُ لما شآني قَشْعَمُ |
إنْ تَكْبُ في ساحِ البَيانِ مَطِيَّتي |
لَمْ يَكْبُ لي قَلْبٌ بعَهْدِك مُغْرَمُ! |