هَلْ لي إلَيْكَ سَبيلٌ أيُّها القَمَرُ |
أضْنَى فُؤادي فيكَ الوَجْدُ والسَّهَرُ |
عَيْني إليكَ وكَفِّي عَنْك قاصِرَةٌ |
يَقْضي المَشُوق ولا يُقْضَى له وَطَرُ |
أُعَلِّلُ النَّفْس أنْ أغَشَى حِماك فهَلْ |
يَرْقَى إليكَ جَناحٌ ريشُه وَبَرُ |
سَئِمْتُ دُنْيايَ يَجْني شَهْدَها بَشَرٌ |
بغَيْر سَعْيٍ ويَجْني صابِها بَشَرُ |
لا حَقَّ فيها لَمَنْ لا سَيْفَ يَنْصُرُه |
لا كانَ حَقٌ بَحَدِّ السَيْفِ ينْتَصرُ |
إنِّي لأحْسُدُ رُوّاد الفَضَاء، فهَلْ |
يُتاحُ يوْماً إلى مَغْناك لي سَفَرُ؟ |
لا خَيَّبَ اللهُ آمالِي، ولا انْطَفَأتْ |
نارٌ بقَلْبيَ ما تَنْفَكُّ تَسْتَعِرُ |
يَلومُني فيكَ أتْرابي فقُلْتُ لَهُمْ |
لا يَنْفَعُ اللَّوْمُ فيمَنْ شَوْقُه قَدَرُ |
ويَسْخَرُ الأهْلُ مِنْ جَهْلي، ولَوْ عَلِموا |
ما يُبْطِنُ الجَهْل مِنْ عِلْم لما سَخِروا |
أطوفُ بالروحِ في دُنياك مُنْتَشياً |
اوأرْكَبُ الحُلْم لا خَوْفٌ ولا خَطَرُ |
هذي ذُرَاك تُناديني فواخَجَلي |
إِنْ لَمْ يُلَبِّ ندَاها السَمْعُ والبَصَرُ |
وتِلْكَ جَنَّاتُك الغَنَّاءُ تَغْمِرُني |
فكَيْفَ أسْترُ لَهْفاتي وأسْتَتِرُ |
تَرْنُو إليَّ نُجومُ الليلِ حائرةً |
عَجْبى، فهَلْ جاءها عَنْ رَحْلتي خَبَر؟ |
لَئِنْ نَبابيَ حَظُّ أو كبَتْ قَدَمٌ |
فلَنْ يُساورَني شَكٌ ولا خَوَرُ |
خُذْني إلَيْك فأنْسَى ما أُكَابِدُه |
يَغِلُّ رِجْلي تُرابُ الأرْضِ والمَدَرُ |
خُذْني إلَيْك، فَدرْبي كُلُّه إبَرٌ |
وهَلْ يُطاق طَريقٌ كُلُّه إبَرُ؟ |
نَبَتُّ في الأرْضِ لكنْ لَيْسَ لي وَطَنٌ |
إلاّك يَهْفُو إلَيْه الفِكْرُ والنَّظَرُ |
يا رِحْلةً في خَيال لا تُفارِقُني |
إنِّي لأزْرَعُ أحْلامي وأنْتَظِرُ |
لَنْ يَنْفَذَ اليأسُ مهما اشتدّ ساعِدُه |
إلى فُؤادي، ولَنْ يَسْري به الضَّجَرُ |
هيَّأتُ زادي وزُوَّادي ومَرْكبَتي |
فافْتَحْ لِضَيْفِكَ بابَ الدَّار يا قَمَرُ! |