شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
شهيد الشعر
إلى روح الشاعر الياس فرحات
نَأَى عَنَّا ولَمْ يَبْرحْ قَريباً
وغابَ ولَمْ يَغِبْ أَلقاً وطِيبا
تَحَدَّى دَهْرَه مُذْ كانَ طِفْلاً
فعاشَ وماتَ مُنْطَوياً غريبا
كذا يَحْيا الأديبُ، فَليْسَ بِدْعاً
إذا كَرِهَ الرَّقابةَ والرَّقيبا
تَقَطَّعَ دِرْعُ عَنْتَرةٍ وَظلَّتْ
قَصيدةُ حُبِّه بُرْداً قَشيبا
رَأيْتُ الطًّيْر أنْواعاً ولَكنْ
أيَهْوَى الروضَ إلاّ العَنْدَليبا؟
سلاحُ الشِعْر ذو حَدَّيْنِ ماضٍ
فإنْ غامَرْتَ فيه فكُنْ لبيبا
كَثِيرُ كَثيرِهِ زَبَدٌ، ويَبْقَى
قليلُ قَليلهِ ثَمَراً رَطيبا
أَبَا الحِكَمِ الغَوالي يَنْتَقيها
ويَقْذِفُها على الباغي لَهيبا
نَصيبُك َ إنْ تُضَرِّسُك الليالي
فلا تَلْعَنْ، بَل اشْكُرْهُ نَصيبا
لَكَمْ خَنَقَتْ بُيوتُ العزِّ صَوْتاً
وكَمْ حَرَقَتْ نِطاسياً نَجيبا
وكَمْ هَزَّتْ يَدُ الحِرْمانِ كُوخاً
فأطْلَعَ أصْمَعِياً أوْ حَبيبا (1)
شَقيتَ فجاء شِعْرُكَ سَلسبيلاً
نَقياً، لا رَكيكَ ولا رَتيبا
تَقَلَّبَ في الأسَى فازدادَ طيباً
وأطْرَبنا نَسيباً أو نَجيبا
يَسيرُ رُواتُه شَرْقاً وغَرْباً
ويَمْلأ ذِكْرَه الكَوْنَ الرَّحيبا
يَموجُ على الشِّفاه نَدَىً وَرَاحاً
ويَسْري في القُلوب شَذاً حَبيبا
نَطوفُ على الجِياعِ بِهِ وَنَسقي
بسَائِغِ مائِهِ الحَقْلَ الجَديبا
جِباهُ المارقينَ به رُغامٌ
يُعابُ إذا شُعاعُ الشَمْسِ عيبا
تَنَاهى حِكْمَةً، فَبلَغْتَ فيه
- وإنْ كَرِهَ العِدَى - شَأْواً عَجيبا
* * *
رَفيقَ الدَّرْبِ طالَ عليَّ لَيْلي
وكُنْتُ أظُنُّه فَجْراً قَريبا
بروُحي أنْتَ، هَلْ يَرْثيك فانٍ
على عكَّازهِ يَمْشي دَبيبا
ألَيْسَ مِنَ العَجائبِ أنْ يُداوي
مَريضُ لا دَواءَ لَهُ، طَبيبا؟
تَناثَرَ عِقْدُ أحْبابي وأخْشَى
إذا اسْتَعْجَلْتُ يَومي، أن أخيبا
يَمرُّ العَيْش بَعْدهَمُ، ويَحْلو
لِقَلْبي أنْ يُسامِرَهم وجيبا
سَلامُ الله يا أحبابَ رُوحي
كَرِهْتُ العَيْشَ مَخْزوناً كئيبا
رياحُ البَيْن قَدْ هاضَتْ جَناحي
فمَنْ لي أنْ أطيرَ وأن أطيبا؟
لَئِنْ خُولطتُ في عَقْلي فإنِّي
فَقَدْتُ بَصيرتي طِفَلاً رَبيبا
حياتي بَعْدَكم سِجْنٌ رَهيبٌ
حَنانَكُمُ افْتَحوا السِجْن الرَّهيبا!
حَكيمُ الأرْزِ جُرْحُ الأرْزِ جُرْحي
فماذا إن بَكَيْتُ دَماً صَبيبا؟
ألَمْ يَمْسحْ ببَسمَتِه دُموعي
ويَدْفَعْ عنِّي اليومَ العَصيبا؟
فتَحْتُ على مَحاسِنِه عُيوني
وعَلَّمني وقَوَّمني أديبا
سَقاني شِعْرَه الصَّافي حَليباً
فما أشْهاه في نَفْسي حليبا
ألاَ فَلْتَنْقَطِعْ أوتْارُ قَلْبي
إذا لَمْ أهْوَه حَمَلاً وذيبا
* * *
شَهيدَ الشِعْر صارَ الشِعْر لَغْواً
وأجْدَبَ بَعْدَ أنْ كانَ الخَصيبا
يَعيثُ به البُغَاثُ، ويَدَّعيه
خَنافسُ لا يَخافون الحَسيبا
يُسَمَّى عِنْدَهم شِعْراً جَديداً
وأرْحَمُهُ فادْعوه نَعيبا
ولَيْسَ الذَّنْبُ ذَنْبَهمُ، فإنّا
تصارَخْنا فَلَمْ نَسْمَعْ مُجيبا
* * *
شَهيدَ الحِكْمةِ الغَرَّاءِ دَعْني
على قَبْرِ النُّبوغ أقِفْ خطيبا
لأبْكي فيكَ نَسْراً لا يُبارَى
وخِلاًّ لا يُجارَى، بَلْ نَسيبا
على حَرَمِ القَريضِ قَد التَقَينا
شَباباً ثُمَّ لازَمْناه شيبا
طَواكَ المَوْت!... لكنْ سَوْفَ تَبْقى
على آفاقِنا ألَقاً وطيبا!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :362  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 150 من 665
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء الخامس - لقاءات صحفية مع مؤسس الاثنينية: 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج