عَيْناكِ نِبْراسان في ظُلمَاتي |
يا حُلْوةً تَمْشي على حَدَقاتي |
وَقَفَ البَيانُ لَدَيْهما مُتَلَجْلِجاً |
وتَلَعْثَمَتْ مِنْ نَشْوةٍ كَلماتي |
قَطْعاً لأَلْسِنَةِ الوُشاةِ، فإنَّهم |
قَدْ هَوَّلوا بظُنونِهم غَزَواتي |
خَبَّأُتُ طَيْفَكِ في حَنايا أضْلُعي |
أتُراهُمُ اكْتَشَفُوهُ في نَظَراتي؟ |
ما كانَ أغْناني عَن اسْتِرْضائِهِمْ |
لولا شَذاكِ يَفوحُ في نَفَحاتي |
اللهُ كَمْ لي في هَواكِ قَصيدةٌ |
لَمْ نَسْتَطِعْ تَجْسيدَها أَدَواتي |
ماتَتْ على قَلَمي خَيالاً شارداً |
ودَفَنْتُها لَهْفاً ببَطْنِ دَواتي |
وَلَقدْ يكونُ الصَمْتُ أفْصَحَ لَهْجةً |
مِنْ كلِّ ما في النُطْقِ مِن لَهجَاتِ |
* * * |
يا حُلْوَةَ العَيْنَيْن لَسْتُ بتائبٍ |
عمَّا مَضَى، فازْدِدْنَ يا لَوْعاتي |
إنْ تُبْتُ ما تابَ الفؤادُ ولا ارْعَوَتْ |
نَفْسٌ تُمازِحُني على تَوْباتي |
واهاً لِيَوْمٍ لا يَمُرُّ بخاطري |
إلاَّ ذَكَتْ وتَجَدَّدَتْ غُصّاتي |
يَوْمٌ مَحَا للدَّهْرِ كلَّ ذُنوبِهِ |
عِنْدي، وضاعَفَ عِنْدَه زَلاَّتي |
هاتَفْتِني فحَسِبْتُ أنيِّ حالمٌ |
في يَقْظةٍ مَوْصولةٍ بسُباتِ |
أوشَكْتُ مِنْ فَرَحي أُكَذِّب مَسْمَعي |
وأشُكُّ – ممَّا نابني – في ذاتي |
قُلْتِ التي تَحْكي... فقُلْتُ مُقاطِعاً |
شَمْسُ الضُّحَى، بل حُلْوةُ الحُلْواتِ |
لَكَأنَّ أطْيافَ الرّبيعَ تَنَاهَبَتْ |
أطْيابُهُ لِزُهورِهِ النَّضِراتِ |
لَكَأنَّ أحْرُفَه مَنائرُ أرْبَعٌ |
تَهْدي بأنْوار الرَّجاءِ حَياتي |
ما كُنْتُ أعْلَم قَبْلَ يَجْمَعُنا الهَوَى |
أنَّ النَّعيمَ على مَدَى خُطَواتِ |
* * * |
يا حُلوَتي هَلْ تَذْكُرين لِقاءنا |
في لَيلةٍ مَخْنوقةِ الأصْواتِ |
خَرْساءُ يُسْمَعُ في مَطاوي صَمْتِها |
ما تَهْمِسُ النَسَماتُ للنَّسَماتِ |
أسْرَى الشِراعُ بنا على مُتَمَوّجٍ |
مُتَعَرِّجٍ مُتَبَرِّجِ القَسَماتِ |
يَجْري الهُوَينا... كلَّما عَصَفتْ به |
يحٌ تَدَبَّر أمْرَها بأناةِ |
للشِعْر والشُّعَراء بَعْضُ حَديثنا |
ولبِعْضِنا ما شِئْتَ مِنْ ساعاتِ |
حتى إذا امّحَت الحواجِزُ بَيْنَنَا |
وتَخَبّأ الماضي وراءَ الآتي |
وسَكِرْتُ مِنْ بِنْتِ الكُروم بأُخْتِها |
- وأجَلُّها في الخَمْر عَنْ أخَوات - |
أغَمَضْتُ جَفْني فَوْقَ نَحْرِك هانئاً |
وغَفوْتِ هانئةً على قُبُلاتي |
وَمَضَى الشِّراعُ يَشَقُّ غاشيةَ الدُّجَى |
حتى الْتَقى والفَجْرُ في مرآةِ... |
يا حُلْوتي لا تَحْزَني إنْ فَرَّقَتْ |
أجْسادَنا غِيَرُ الزَّمان العاتي |
هَيْهاتَ يَفْصِلُ - ما استبدَّ وما سَعَى- |
رُوحَيْن ضَمَّهما الهَوَى... هَيْهاتِ! |
آمَنْتُ، مُنْذُ جَنَيتُ أولَ قُبْلةٍ |
بالحبِّ. إنَّ الحبَّ حَبْلُ نَجاتي |