شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
توأم الفردوس
أنشدت في مهرجان وطني، سنة 1972
حَتَّام أخْنُقُ غَصّاتي وأنْتَظِرُ
طالَ الطَّريقُ وأوْهَى عَزْمي السَّفَرُ
جارَتْ عليَّ النَّوى واسْتَنْزَفَتْ كَبِدي
فكَيِفَ يَضْحَكُ في قَيْثارتي وَتَرُ؟
أنَّى التفتُّ رأيْتُ الأٌُفْقَ مُعْتَكِراً
أفي سَمائيَ أمْ في مُقْلَتي الكَدَرُ
وَيْحَ الغَريبِ لَكَمْ أغْرَتْهُ بارِقَةٌ
وكَمْ تَنازَعَه التَطْوافُ والسَّهَرُ
يَعيشُ في ظُلُماتٍ مِنْ هَواجِسِهِ
باللهِ هَلْ يستريحُ الواجفُ الوَجِزُ
نهارُه عَرَقٌ باللَّيْلِ مُتَّصِلٌ
ولَيْلُهُ سَقَرٌ في إثْره سَقَرُ
يَغْفُو تُهَدْهِدُه الأحْلامُ زاهيةً
ويَسْتَفيق فلا يَبْقَى لها أثَرُ
أضاعَ في الكَدْح والتَّذْكار غُرْبَتَه
فماتَ حَيَّاً... وكَمْ في مَوْتِهِ عِبَرُ!
يا شامُ لولا طِلابُ المَجْد ما انْتَثَرتْ
في الشَرْق والغَرْب هذي الأنْجُمُ الزُّهُرُ
نادَى فَطَاروا إليه لا يَرُوعُهُم
ما يُضْمِرُ الغَيْبُ أوْ ما يُعْلِنُ القَدَرُ
لَمْ تَسْعَ حَيْث سَعَتْ أقدامُهم، قَدَمٌ
ولا تَسامَى إلى آفاقِهِم نَظَرُ
كُرْمَى لِعَيْنك ما يَلْقَوْنَ مِنْ خَطَرٍ
ما هان إلاَّ على مِحْرابك الخطَرُ
يا شَامُ باسْمِكِ كَمْ غَنَّوا وكَمْ هَزَجُوا
ويَعْلَمُ اللهُ كَمْ أنُّوا وكَمْ زَفَروا
شَادُوا على مَلَكوتِ الحُبِّ دَوْلَتَهمِ
فاخْضَوْضَلَتْ وحَلاَ للقاطِفِ الثَّمَرُ
تبارَكَ الحُبُّ كَمْ راجَتْ تِجارتُه
وكَمْ ترفَّع عمّن باسمه اتَّجرُوا
لَمْ يَهْجُروكِ، بِرَغْم البُعْدِ، ثانيةً
شَتَّانَ شتَّان مَنْ غابُوا ومَنْ هَجَروا
لأَنْتِ خَفْقَةُ وَجْدٍ في جَوانِحِهم
تَخْبُو النُّجومُ ولا تَنْفَكُ تَسْتَعِرُ
* * *
فَيْحاءُ يا تَوْأم الفِرْدَوْسِ دُونَكِها
تَحيَّةً بعَبير الشَوْقِ تأْتَزِرُ
وأحرَّ قَلْبيَ كَمْ أصْبُو إليكِ وكَمْ
أطْوي جَناحي على نارٍ ولا شَرَرُ
أهْوَى تُرابَكِ تِبْراً لا يُقاس به
تِبْرٌ، وكَيْفَ يُقاس التِبْرُ والمَدَرُ؟
أهْوَى سَمَاءَك صاغَ الله أنْجُمَها
شُقْراً... وأحْلَى الدًّرَاري الأنْجُم الشُّقْرُ
واهاً على جَدْولٍ في المُنْحَنَى هَذِرٍ
نَشْوانَ يَسْكَرُ منه البُلْبُلُ الهَذِرُ
مِياهُه فِضَّةٌ تَجْري على ذَهَبٍ
مَنْ زانَ قاعَكَ بالإِبريزِ يا نَهَرُ؟
الكَوْثَرُ الطَّاهِرُ الرَقْراقُ والدُه
فلا يُطاوِلْه في الأنْهار مُفْتَخِر (1)
واهاً علَى قَرْيةٍ بالأُفْقِ عالقةٍ
يَزينُها الفاتِنانِ الدَلُّ والخَفَرُ
لا هَمَّ يَشْغَلُها لا غَمَّ يَدْخُلُها
ما دامَ يَمْلَؤُها الإِيمان والسَّمَر
تَمَسّكَتْ بحبال الله واعْتَصَمَتْ
بالطَّوْد يَزْلُق عَنْ هاماتِه البَصَرُ
كأنَّها والدُّجَى يَغْشى نَوافِذَها
سَفينةٌ تَتَراءى ثُمَّ تَسْتتَرُ
واهاً على رَبْوةٍ بالحُسْن كاسِيةٍ
يَزْهو على كلِّ عُشْبٍ عُشْبها النَّضِرُ
تَرْتادُها الطَيْرُ أسراباً ويَقْصِدُها
مِنَ المَجانين أو لَيْلاتُهم زُمَرُ
للصَّيْفِ في ظِلَّها الرَيَّان مُنْتجَعٌ
وللشتاءِ ومَنْ يَشْتون مُؤتَمرُ
واهاً... وماذا تُفيدُ الواهُ مُغْتَرباً
يَكادُ يَفْلَتُ منْ راحاته العُمُرُ
أخافُ - والشَوْقُ يَطْويني ويَنْشُرُني -
يَقْضي المَشُوقُ ولا يُقْضَى لَهُ وَطَرُ
* * *
قالُوا ولُبْنانُ هَلْ تَنْساهُ؟ قُلْتُ لَهُمْ
هَيْهاتَ يَنْسَى ليالي عِزَّهُ الوَتَرُ
لي فيهِ ألْفُ أخٍ طابَتْ شَمائِلُهُ
وألْفُ أخْتٍ هُمُ الأطْيابُ والزَّهَرُ
فكَيْفَ يأخُذُني في حُبِّه حَذَرٌ
إنّ المحبَّةَ مِنْ آفاتها الحَذَرُ
ذَكَرْتُ ماضيكَ يا لُبْنان فأتَلَقَتْ
في خاطري صُوَرٌ واسْتَيْقظَتْ صُوَرُ
هَذي سَرايا العُلى مِنْ شَطِّكَ انْطَلَقَتْ
تَغْزُو بإيمانِها الدنيا فتَنْتَصِرُ
لَمْ تَحْمِلِ النِّيرَ للأعناقِ بَلْ حَمَلَتْ
رِسالةَ النورِ فاسْتَهْدَى بها البَشَرُ
حُرّيةُ الفِكْر قد أرْسَتْ قوَاعِدَها
أيام تَرْسُفُ في أغْلالها الفِكَرُ
بَيْروتُ عاصمةُ التاريخ ما بَرحَتْ
للشَّرْع مدرسةً تَزْهو با العُصُرُ
يَأْوي إلى ظِلّها البَاكي فتَحْضِنُه
ويَنْكُتُ العَهْدَ راجيها فتَغْتَفِرُ
تُراثُ فِيْنِيْقِيا صانَتْ ذَخائِرَه
ولَمْ تُفَرِّطْ بما قَدْ خَلَّفتْ مُضَرُ
ما عَزَّتِ الضّادُ إلاَّ في حِمايَتِها
هَلْ يَضْحَكُ الحَقْلُ إنْ لَمْ يَسْقِهِ المَطَرُ
شَمْسُ الحضارةِ مِنْ آفاقِها سَطَعتْ
إْن كان مِنْ غَيْرها قَدْ أشْرَق القَمَرُ
طارَتْ على صَهَواتِ الرِّيحِ شُهْرَتُها
ولا يَزالُ اسْمُها يَنْمو ويَنْتَشِرُ
* * *
لُبنانُ يا دُرَّةَ الشَرْقَينِ إنَّ يَداً
تَمْتَدُ صَوْبَك بالعُدْوان تَنْكَسِرُ
لَمْ تَعْرِفِ الشَمْسُ أعْلَى مِنْكَ ناصيةً
فداءُ مَجْدِك – مَهْما عزَّت – الدُّرَرُ
اللهُ حاميكَ مِنْ غازٍ ومِنْ جَشَعٍ
فَلْيَعْصِف الهَوْلُ، فالعُقْبى لَمَنْ صَبَروا
الناسُ عِنْدَك إخْوانٌ، أحَبَّهُم
لله أسْرَعُهم للعَفْوِ إن قَدَروا
ما للضَّغينةِ في جَنْبَيْكَ مُتّسعٌ
ولا مكانَ لمَنْ إنْ عاهَدوا غَدَروا
حَدِّثْ وحَدِّثْ بما اسْتَنْبَطْتَ مِنْ بِدَعٍ
إنَّ الكِرامَ إذا ذَكّرتَهم ذَكَروا
باسْمِ المحَبّةِ خُضْتَ البَحْرَ مِنْ قِدَمٍ
وباسْمِها سارَ في أعقابكَ الظَّفَرُ
الأدْعياءُ على ميراثِك اجْتمَعوا
فازْجُرْهُم بِسياط الحَقِّ يَنْزَجروا
إنْ فاخَروك بماضٍ مِنْ مآثرِهمْ
فأنْتَ مُبْتدأ الدنيا وهُمْ خَبَرُ
وإن تَبَاهَوا بما خَطُّوا وما نَحَتوا
فالحَرْفُ مِنْكَ، ومِنْكَ الفِكْرُ والحَجَرُ
بَعَثْتَ قَدْموسَ أستاذاً فعَلَّمهم
لولاه ما كانَ شيءٌ اسمه حَضَرُ
بَنَى العُقولَ بلا مَنٍّ وهذّبها
إنَّ الكريمَ لَيُعْطي ثم يَعْتَذِرُ
يا جيرةَ الأرْزِ إنْ الأرْزَ رايَتُكُم
فلا يَلُمَّ به ضَيْمٌ ولا وَضَرُ
أبْلَى الزمانَ وما زالَتْ ملابِسُهُ
خَضْراءُ يَسْكَرُ مِنْ أنفاسها السَّحَرُ
إنِّي لأسمعُ فَخْرَ الدين يأمُرُكم
بالذَّوْدِ عَنْ حُرُماتِ الدار فائتمروا
فيئوا إلى نَهْجِهِ يَسْلَمُ لكم وَطَنٌ
وامْشُو على دَرْبِه تُحْمَدْ لَكُمْ سِيَر
لأنْتُمُ أُسْرةٌ في الحق واحدةٌ
فكذِّبوا قَوْلَ هاذٍ إنَّكُم أُسَرُ
وأنْتُمُ الفئةُ الصُّغْرى، وكَمْ فِئةً
كُبْرى مُؤَزّرةٍ لَمْ يُجْدِها الكِبَرُ
ماضيكُم مُشْرِقٌ، فَلْيَزْهُ حاضِرُكُم
إنَّ الشُّبولَ مِنَ الآساد تَنْحَدِرُ
 
طباعة

تعليق

 القراءات :371  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 146 من 665
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج