شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
روائح الشام
في حفل تكريمي على شـرف الأستاذ عبد اللطيف اليونس
تَوَزَّعَ القلبُ بين الصَّحْبِ والآلِ
ما ضَرَّ لو صَفَتِ الدُّنيا لأمثالي؟
ما إنْ أُلاقي حَبيباً عادَ مِنْ سَفَرٍ
حتَّى يهيضَ نذيرُ البَيْن آمالي
عَيْني على الأُفْقِ لا تَنْفَكُّ ساهرةً
ما حِيلتي بأخٍ كالشَّمسِ جَوَّالِ؟
يأتي ويَذْهَبُ. لا نَرْوي بكَوْثَرِه
حتى يُودِّعُنا في يَوْمه التالي
غَمَزْتُ شيطانَ شِعْري فانْثَنىَ وَجِلاً
يقولُ قَطَّع هذا الدَّهْرُ أوصالي
أدْمَتْ حَوادِثًهُ روحي، وما بَرحتْ
تَنوشُني بَيْنَ إْدبارٍ وإقْبالِ
إنّا لَفي غٌُرْبةٍ طالَتْ مَراحِلُها
ألاَ يَهُزّك تَحْنانٌ لأطْلالِ؟
غَداً يَطيرُ عَنِ الأفْنان بُلْبُلُها
وتَنْطَفي بَسَماتُ السامِرِ الحالي
وتَسْتعيدُ ليالي الصَّفْوِ رُبْدَتها
كأنَّها سُلِخَتْ مِنْ قَلْب خَتّالِ
يا مارِدَ الحَرْفِ هَبْني مِنْكَ قافيةً
تَفُكُّ في حَلَبات الشَعْر أغْلالي
تَشَبَّثتْ قَدَمي بالطِّين يَغْمُرُها
فابْسِطُ إليَّ يداً مِنْ أُفْقِكَ العالي
وَيْحَ التجارةِ مَنْ يَرْكَبْ مَطِيَّتها
يَرْكَبْ مَطِيّة أكْدارٍ وأهْوالِ
شاكَتْ فِراشي، فلا والله ما انعقَدَتْ
عَيْنايَ إلاّ على هَمٍّ وبَلْبالِ
وحجَّرتْني، فما الأرقامُ في نَظَري
إلاّ أراقِمُ تَسْعَى خَلْف أصْلالِ
يا صَيْغَةَ الشِعْرِ والأحْلامِ في وَسَطٍ
يَخَوضُ مِنْ فَتِنَ الدنيا بأوحالِ
تَقْضي على القِيمَ المُثْلَى سَفاسِفُه
وتَنْقُلُ القَلْبَ مِنْ حالٍ إلى حالِ
لا شأنَ فيه لمن قلَّتْ مَواردُه
وإنْ يَكُنْ غَمَر الدنيا بأفضالِ
هَبْني فَدَيْتُك، هَبْني نَدْوَةً خَلُصَتْ
للشِعْر، واذْهَبْ بما حَصَّلْتُ مِنْ مالِ
يا ناعمَ البالِ لَمْ تَرْحَمْ جَوانِحنَا
ألاَ تَرُقَّ لنا يا ناعِمَ البالِ!
أكلَّما كَفْكَفَ المُشْتاقُ مَدْمَعَه
نَكأْتَ فيه جِراَحُ المُدْنَفِ السالي؟
غداً نقولُ، وفي أنْظارنا جَزَعٌ
هَلْ تَنْطفي حُرْقةُ الظمآنِ بالآلِ؟
لَمْ يَضْحَكِ الروضُ مُخْتالاً بطائِرِه
حتى فَشَا الغَمُّ في أعْطافِ مُخْتالِ
فلا الفراشاتُ حَوْلَ الزَهْرِ حائمةٌ
ولا الطَيرُ على أيْكٍ وَسْلسالِ
ولا المجالسُ في الأقْمارِ زاهيةٌ
ولا المنابرُ في حالٍ وفي غالِ
* * *
يا كاهِنَ الفَنِّ حامَتْ حَوْلَ روضته
سَرائر القَوْم، هَلْ تَعْنيك أوجْالي؟
ضَمَمْتَ مِنْ طَرَفَيْه المَجْدَ مُعْتَصِماً
بمَرْقَمٍ في مجالِ الحَقِّ صَوّالِ
فاجْمَعْ على حَرَم الفُصْحى بلابلَها
ورُدَّ للحَرْفِ نُعْمى عَهْدَه الخالي
يَكادُ يَقْتُلُنا التَحْنانُ فارْثِ لنا
لَيْسَتْ حِجاراً قلوبُ الصَّحْبِ والآلِ
لَمْ يَبْقَ في الكأسِ إلاّ رَشْفتانِ، فلا
نُضيِّعُ العُمْرَ في حَلٍ وتَرْحالِ
رَوائِحُ الشَّامِ في أثْوابك اجْتَمَعتْ
فانْفُضْ رِداءَك تَمْلأَ بَيْتَنا الخالي!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :425  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 141 من 665
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور محمد خير البقاعي

رفد المكتبة العربية بخمسة عشر مؤلفاً في النقد والفكر والترجمة.