لاحَ خَلْفَ الظلامِ فَجْرُ رَجائي |
وتَعَالَى على أنيني غِنائي |
وتَرَكْتُ الشَكْوَى لكلِّ ضَعيفٍ |
ووَهَبْتُ البكاءَ للخَنْساءِ |
ما انْتِفاعي بالدَّمْع يَحْجُبُ عنِّي |
طَلْعَةَ الشَمس أو جَبين الفَضاءِ |
أيُّ فَرْقٍ ما بَيْنَ عَيْنٍ تَرَى- |
النورَ قَتاماً، ومُقْلَةٍ عَمْياءِ؟ |
أيُّ فَرْقٍ ما بَيْنَ وَرْقاء تأبَى |
أنْ تُغَنِّي وبُومةٍ خَرْساءِ |
أيُّ فَرْقٍ ما بَيْنَ روْضٍ وقَفْرٍ |
إنْ خَلاَ الروضُ مِنْ شَذا وبهاء؟ |
تَشْرَحُ الصَّدْرَ بَسمةٌ ويُغذِّي |
أملُ المُدْلِجينَ خَيْطُ ضِياءِ |
ضَرَّسَتْني الأرْزاء مَداً وجَزْراً |
ثمَّ قَرَّتْ غَوائلُ الأرْزاءِ |
رُضْتُها بالجِلادِ حيناً وحيناً |
رُضْتُها بابِتْسامة اسْتِعْلاءِ |
لا يَحُلُّ القُنوطُ عُقْدَة هَمٍ |
هل تُضاء الظَلْماء بالظَّلْماءِ؟ |
قَوِيَتْ شَوْكتي، ولكنَّ قَلْبي |
- يَشْهَدُ الحبُّ – لَمْ يَخُنْ أصْدِقائي |
أسْتَقي مِنْ غَديرهم عندما - |
أصْدَى ومِنْ زادهِم أُعدُّ غِذائي |
مَجْدُهم إنْ تَفاخَرَ الناس مَجْدي |
وأساهمُ يَحُزُّ في أحشائي |
جَوْهَرِي واحدٌ وإنْ شابَ فَوْدِي |
لَمْ يَمَسَّ التَّغْييرُ إلاّ رِدائي |
أنا بَيْنَ الرجاءِ واليأسِ ضَيَّعْتُ - |
شبابي ولَمْ أُضيّع وفَائي |
أتّقي الموتَ، أتّقيه ولكن |
ألفُ أهْلاً ومَرْحباً بالقَضاءِ |
سَوْفَ ألقاهُ بابتسامةِ راضٍ |
أوَ لَيْسَتْ جُسومُنا للفَناءِ؟ |
مَنْ يَعِشْ خائفاً يَمُتْ كلَّ يَوْمٍ |
يَعرفُ الموتَ مَنْ يَعِشْ بالرَّجاءِ |
عِشْتُ بابني، وبابنه سوف يَحْيا |
حَلَقاتٍ بَدَأنَ مِنْ حَوَّاءِ؟ |
إنْ تَكُنْ غايةُ المَطافِ خلُوداً |
فلماذا خَوْفي، وفيمَ بُكائي؟ |
علَّمَتْني الحياةُ أنَّ عُبوسَ - |
الوَجْهِ داءٌ يَلُمُّ بالضُّعَفاءِ |
ضَلَّ مَنْ ظَنَّه علامةَ جَدٍّ |
ووقارٍ. لا جَدَّ دونَ رُواءِ |
تَرْتَوي الأرضُ في الشتاء ولكنْ |
مَنْ رآها بشّاشةً للشتاءِ؟ |
قَلْبُها للربيعِ تَلْقاه بالطِّيب - |
وتَمْشي إليه بالْلأْلإِ |
دَمْعةُ الطِفْلِ حين يُولد شُكْرٌ |
- في فَمِ الأمّ - خالِصٌ للسماءِ |
لَوْ وَعَيْنا رُموزَها لَعَلِمْنا |
أنَّها دَمْعةُ الرِّضَى والهَناءِ |
أحْمَدُ اللهَ ما بَطِرْتُ بنُعْمَى |
غَمَرتْني، ولَمْ أخَفْ مِنْ بلاءِ |
لَيْسَ فَرْقُ ما بَيْنَ عَبْدٍ ومَوْلَى |
فلماذا نعيشُ كالأعداءِ؟ |
يَسْتَوي السَّيِّدُ المتوّجُ في شَرْعي |
- وراعٍ يَهيمُ في الصَّحْراءِ |
كلُّ حيٍّ وإنْ تناءَتْ به الدار - |
شَقيقي، وكلُّ ماءٍ مائي |
لَيْسَ مَنْ يَمْلِكُ القُصورَ ثريّاً |
راحةُ البالِ فَوْقَ كلِّ ثَراءِ |
أنتَ يا ربُّ في الظلامِ سِراجي |
ومَلاذي في ساعَةِ البَلْواءِ |
أتحدَّى بك الخطوبَ ادْلَهَمّتْ |
مِنْ أمامي وعَرْبَدَت مِنْ ورَائي |
وأصوغُ النجومَ باسمكَ عِقْداً |
تَتَغَاوى بلُبْسِه غَلْوائي |
مَنْ لِرَهْطٍ إلى فُؤادي أحبّاءُ - |
وإنْ أنْكروا عليَّ وَلائي |
يَشْهَدُ اللَّهُ ما أسأتُ إليْهم |
فلماذا يَهْدمون بِنَائي؟ |
ذُدْتُ عَنْ عِرْضِهم بغَيْرِ جَزاءٍ |
واستَباحوا عِرْضِي بغَيْرِ حَياءِ |
يزْرعون اللَّهيبَ والشَوْكَ في - |
دَرْبي وأُلقي بدَرْبِهم أفْيائي |
يَتَمَنَّوْن أنْ يُباكرني الموتُ - |
وأدْعو لهم بطولِ البقاءِ |
صابُهم في فَمي ألذُّ مِنَ الشَّهْدِ - |
وصابٌ في كأسِهِمْ صَهْبائي |
أتَبَاهَى بمَدْحِهم وأُغالِي |
ويُباهون بَعْضهم بهِجائي |
يا إلهي غَسَلْتُ قَلْبي مِنَ البَغْضاء - |
فاغْسِلْ قُلوبَهم مِنْ وباءِ |
زَعَموا أنَّني أُدَجِّل في الحبِّ - |
فهَلاَّ سَقَيْتهم مِنْ إنائي؟ |
إنَّما الحِقْدُ تَوْأمُ اليَأسِ فاجْعَلْ |
رايةَ الحبِّ فَوْقَ كلِّ لِواءِ! |
* * * |
يا إلهي إلَيْك أُزْجي صَلاتي |
فَلْيَكُنْ عَفْوُك الجميلُ جَزائي |
لَسْتُ أخْشَى الزمانَ ما دُمْتَ تَرْعَى |
خُطُواتي وتَسْتَجيبُ دُعائي |
لا تََعْ للقُنوطِ دَرْباً إلى قَلْبي - |
وسيِّجْه بالسَّنا والسَّناءِ |
آفتي أنْ يَخيبَ في الناس ظَنِّي |
وعَزائي أنْ لا يَضيعَ عَزائي |
كِبريائي مَرَّغتُها غَيْرَ آسٍ |
بَيْن أيْدِيك فانْتَشَتْ كِبْريائي |
عَرْبِدِي يا رياحُ فاللهُ دِرْعي |
وأعِيدي ففي حِماهُ ثُوائي! |