ودَّعْتُ أهلاً إلى أهلٍ وأحبابِ |
هَيْهاتَ أشْرَقُ بعدَ اليومِ بالصّابِ |
يا قَلْبُ هذي جِنَانٌ في مفاتِنِها |
وذاكَ إنْسانُ يَلْقانا على البابِ |
هَبَّتْ علينا تُحيِّينا نوافِحُها |
أزْكَى الطيوبِ أريجُ الشَيْقِ الصابي |
أكادُ أسْتَوْطِئ الجَوْزاءَ مِنْ فَرحٍ |
وأحْبِسُ الشمسَ في طيَّات أهدابي |
غَفَرْتُ للدَهْرِ ما ألَقاهُ مِنْ عَنَتٍ |
كُرْممَى لأعيُنِكم يا خَيْر أصحابي |
وقُلْت للشامِخ الزاهي بقُوتِه |
فاخِرْ بفضِلكَ لا بالظُّفْر والنَّاب |
لا لَنْ أُزاحِمَ مَخْلوقاً على نَشَبٍ |
قَصْرُ الخَوَرْنقَ يَستَخْذي لسِرْدابي |
ولَنْ أطاولَ مَجْدوداً على حَسَبٍ |
ألقابُ كِسْرى عبيدٌ عِنْدَ ألقابي |
ما دامَ عِنْدي صَديقٌ أسْتَعِزُّ به |
فلستُ أخشَى عَوادي حَظِّي النابي |
يا فِتْيَةَ المَجْدِ أغْنَتْني محبَّتُكم |
فلم تَسَعْني لِفَرْطِ الزَّهْوِ أثْوابي |
أغرَقْتموني ببَحْرٍ مِنْ مَكارِمِكم |
يا قَوْمُ رِفْقاً بهاذا المِشْعَل الخابي |
لولاكمُ ما زَكا نَبْعي ولا ملأتْ |
مجالِسُ السّمَر الشِعْريِّ أطيابي |
أعْطَيْتُ لكنْ قليلاً مِنْ نوَافلكم |
شَتَّان ما بَيْنَ كسّاب ووهَّابِ |
لِتَربط الضادُ ما بيني وبَيْنكمُ |
ويَجْمعُ الشوقُ غُيّاباً لغُيّابِ |
إنَّ العروبةَ مِحْرابٌ نَلوذُ به |
سَجَدْتُ لاسمِكَ يا رَبِّي بمِحْرابي |
تَقْضي الكرامةُ أنْ نَحْمي كرامَتَها |
في الرَّوْعِ مِنْ شَرِّ عَيّاثٍ وعَيّابِ |
إنِّي لأعجَبُ مِنْ رَهْطِ يكيدُ لها |
سِرّاً ويَتْركُها نَهْباً لنهَّاب |
زَعانِفٌ كَفَروا بالأهْلِ وانْتَسَبوا |
لواغِلينَ على الأوْطانِ أغْرابِ |
قَدْ أرْخَصوها وأغْلتْهم فوا عَجَباً |
كَمْ يُغْمِضُ الحبُّ عَيْنَيْه عن العابِ! |
* * * |
يا آلَ وُدِّيَ، والآمالُ تَجْمَعُنا |
ونارُ أعصابِكُم تُسْري بأعصابي |
مَهْما نَأَيْنا فلَنْ نَنْسَى ملاعِبَنا |
دَمي ودَمْعي لأوطاني وأتْرابي |
إنْ كان شرَّدني عن أَيْكها قَدَرٌ |
ففي عُيونيَ رَيّاها وجِلْباني |
ماذا أقولُ وقد شَلَّ الأسى قَلَمي |
وضاعَفَتْ نكبةُ النَّكبَاتِ أوْصابي |
بلادُنا في قُيودِ الذُّلِ راسِفَةٌ |
وقادَةُ الفِكْر في لَهْوٍ وتَلْعاب |
يُقاتلون على الأوهام بَعْضَهم |
ويَنْحرون لأصنامٍ وأنْصابِ |
يَجْني اليمينُ عليهم واليَسارُ مَعاً |
شَأْنَ النِّعاجِ لِحَلاَّب وقَصَّابِ |
ثارَ الجمَادُ وما ثارَتْ حَمِيَّتُهم |
واخَجْلتا مِنْ عليٍّ وابنِ خَطّابِ |
يا قَوْمُ كيفَ كَبَتْ أقدامُكُم وَنبَتْ |
أسْيافُكُم، أتَسَلَّحْتُم بأخشابِ |
اللهُ يَشْهدُ لم تَعْثُر لكم قَدَمٌ |
لَوْ لَمْ يَكُنْ قَبْلها إيْمانكم كابي |
أكلَّ يَوْمٍ صِراع في صُفوفكمُ |
أو فِتْنَةٌ بين أحْزابٍ وأحْزابِ |
أقْسَمْتُ لولا أبو الأحْرارِ يُنْقِذُكم |
لكان تاريخكُم هُزْءاً لأذْنابِ |
لَنَحْنُ جُنْدُك فارْتَعْ في ضمائرنا |
ونَحْنُ زَنْدُك فاضْرِبْ غَيْرَ هَيَّاب |
خَلّدْتَ وَثْبَةَ تشرينٍ فقُلْ لهم |
غداً نعودُ غداً، لا بَعْدَ أحقابِ |
إنْ لَمْ نُطَهِّرْ من الشُّذاذ تُرْبتَنَا |
فَلْيَبْرأ المَجْدُ مِنْ سَوْطي وقِرْضابي |
* * * |
يا مَنْ فتَحْتُمْ لتكريمي قُلوبَكُمُ |
إني فَتَحْتُ لكم قَلْبي وأبْوابي |
ما زِلْتُ أحْسَبُ أنَّ الشِعْر سَفْسَطةٌ |
حتَّى عَقَدْتُم بهام النَّجْم أسْباني |
شُكْراً... ولو كافأتْ شكراً جَميلَكَمُ |
جَعَلْتُ بَسْملتي: شُكْراً لأحبابي |