شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
شيخ النُّور
على ضريح الشاعر جورج عساف، سنة 1958
هاضَتْ رياحُ النائباتِ جَناحي.
وعلى مسَارحِها طَرَحْتْ سِلاحي.
بيني وبين الدَّهْرِ ثأرٌ، كلَّما
سالَمتُه أفتى بِنَكْءِ جراحي
لَنْ أحْظَ مِنْ عُمْري بِنَشْوة لَيْلةٍ.
إلاَّ تَجَهَّمَ بالغُيومِ صباحي
يا دَمْعَة الفَرَحِ التي في مُقْلتي
آلَيْتُ أسْتبقيك للأتْراحِ
ما لي وللإِخوان أنْظِمُ عِقْدَهُمْ
والمَوتُ يَنْثُرُهُمْ على الصَّحْصاحِ.
قالوا وفاءُ الأصدقاء خُرافةٌ
هِيَ لَحْظةٌ وتَعُود للأفراحِ
ما كانَ أسْعَدني لَو أنّ صَداقتي.
بَدَأتْ بِهَزْلٍ وانتهتْ بمُزاحِ
أنا مَنْ يَرَى عَيْبَ الصَّدِيقِِ فَضيلةً.
والصَّابَ مِنْ يَده حَلاوةَ راحِ
يا لَيْتَ قَلْبِي جَلْمَدٌ أوْ لَيْتَ لي.
في الفاجِعاتِ مَدَامِعَ التِّمْساحِ
في كُلِّ يَوْمٍ لِي التفاتةُ طائرٍ
قَلِقٍ على أتْرابِهِ مُلْتاحِ
يَخْشَى عليهم رَمْيةَ الصَّيادِ أوْ
يَخْشَى عليهم خِدْعَةَ الفَلاَّحِ
ما إنْ أُشَيِّعُ باللَّواعجِ صاحباً
حتى يقومَ على أخيه نواحي
بالأمْس رَوَّعني البريدُ بِبُلْبُلٍ
غَرِدٍ برَغْم قُيودِهِ مِمْراحِ (1)
هَزّت أغانيه النُّجوم ورَقّصَتْ .
زَهْرَ الرُّبَا وحَمائم الأدْواحِ
آسَى ببسَمْتِه جِراح طُفولَتي
ورَعَى برأفَتِه طَرِيَّ جَناحي
لبنانُ جَنَّحَهُ فحلَّى باسْمِه
جِيدَ الربيعِ ودُفَّةَ المَلاَّحِ
هَدَرَ الحديدُ على مساربِ أيْكِه.
فشآه بالتَّغْريدِ والتَّصْداحِ
وتكاثَفَتْ سُحُب الدُّخان فشَقَّها.
بمواكبٍ مِنْ نورهِ اللَّماحِ
لَمْ يَجْتَمِعْ شَمْلِي بِهِ لكنَّما
جَمَعَتْ هوانا قُرْبةُ الأرْواحِ
واليومَ يَفْجَعُني النَّعِيّ بصاحبٍ.
هُوَ مِنْ خِيار الأخْوةِ الأقْحاحِ
أحْنَى عليَّ مِنَ الربيعِ على الرُّبَا.
وأَحَنُّ مِنْ ظلِّ الضُّحَى الفَيّاحِ
طابَتْ كأحْلام الهَوَى أخْلاقُه
وزكَتْ كأنفاسِ الشَّذا الفَوَّاح.
جَرّبْتُه فبَلَوْتُ مِنْ أعْماله
ما شِئْنَ مِنْ وطنيةٍ وسَماحِ
صُلْبُ العَقيدةِ لاَ تلين قَناتُهُ
في الحَقِّ يَدْفَعُ دونَه ويُلاحي
صافي السريرة راضياً أوْ غاضباً.
عَفُّ اللِّسان حِيال كلٍّ وَقاحِ
أفْنى على حَرَمِ الجهادِ شَبابه
وَسَخا بحبَّة قَلْبِهِ النَّفَّاحِ
لا تَسألوا عنه الَمِلاح بَلِ اسألُوا.
ساحَ المَعالي أوْ أُسودَ السَّاحِ
لَمْ يُغْرهِ جاهٌ وَلَمْ يَسْتَهْوهِ
مَجْدٌ كأوهامِ الطُّفولَةِ ضاحِ
ما دامَ مُرْتاحَ الضميرِ فإنَّه
راضي الفؤادِ بقِسْمة المَنَّاحِ
شَرٌّ مِنَ الحِرْمان ثَرْوة فاجرٍ
شاهَتْ مصادرُها، وجَاهُ إباحي.
وأجَلُّ مِنْ قَصْر الأمير ويَخْتِه
كُوخُ الأديبِ وَخيْمة الفَلاّحِ
* * *
شيخُ النُّسورِ عليكَ ألْفُ تحيةٍ
رَفّتْ عبيرَ بنَفْسَجٍ وأقاحي
عَقّتْ جَميلَكَ بيئةٌ مَشْغُولةٌ
بسَفاسفِ الأطْماع والأطْماحِ
تُضْفي على النُّعَّاب وارفَ ظِلِّها.
وَتَضِنُ بالمَرْحى على الصُّدَّاحِ .
لو كان جَيْبُك لا فُؤادكَ عامِراً.
لبَكَتْ علَيْك بدَمْعِها السَّحَّاحِ.
وَلَنكَّسَتْ أعْلامَها مِنْ حَسْرةٍ
وَطَوتْ عليكَ مَجالسَ الأقْداحِ.
عَفْواً أخي، عَفْواً نَجّي الروح إنْ.
طالَعْتَ فِي وَجْهِي سِماتِ اللاَّحي.
عَلّمتَنِي صَبْر الكَريم على الأذى.
وَرَبَطْتَ بالصَّفْحِ الجميلِ سَراحي.
لكنَّ ثَوْرة كِبْريائي حَطَّمَتْ
قَيْدي فأُفْلِتَ مِنْ يَديَّ جِماحي.
لَيَحُزُّ في نَفْسي ضَياعُ مُجاهدٍ
نَذَرَ الحياةَ لِثَوْرَةِ الإِصْلاح
* * *
لبنانُ عادَ إليكَ مِنْ تَجْواله
وَجْهٌ أغرّ كَوَجْهِكَ الوضّاح
أَعَرَفْته أمْ غَيَّرتْهُ غُرْبَةٌ
ألْقَتْهُ بَيْنَ مَخالبٍ ورِماحِ؟
أَطْلَقْتَه فَرْخاً فدونك قَشْعَماً
يَطْوي الذُّرى بجَناحه السبّاحِ
إنْ لم يَكُنْ مَثَواه فيكَ فروحُه
رَكِبَتْ إليك مَطِيَّة الأرْياحِ
أقْبِلْ على الحَسُّون تَسْمَعْ صَوْتَه.
وابْحَثْ تَجِدْه في الشَّذَا الفَوَّاحِ
 
طباعة

تعليق

 القراءات :380  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 104 من 665
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

عبدالعزيز الرفاعي - صور ومواقف

[الجزء الثاني: أديباً شاعراً وناثراً: 1997]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج