هاضَتْ رياحُ النائباتِ جَناحي. |
وعلى مسَارحِها طَرَحْتْ سِلاحي. |
بيني وبين الدَّهْرِ ثأرٌ، كلَّما |
سالَمتُه أفتى بِنَكْءِ جراحي |
لَنْ أحْظَ مِنْ عُمْري بِنَشْوة لَيْلةٍ. |
إلاَّ تَجَهَّمَ بالغُيومِ صباحي |
يا دَمْعَة الفَرَحِ التي في مُقْلتي |
آلَيْتُ أسْتبقيك للأتْراحِ |
ما لي وللإِخوان أنْظِمُ عِقْدَهُمْ |
والمَوتُ يَنْثُرُهُمْ على الصَّحْصاحِ. |
قالوا وفاءُ الأصدقاء خُرافةٌ |
هِيَ لَحْظةٌ وتَعُود للأفراحِ |
ما كانَ أسْعَدني لَو أنّ صَداقتي. |
بَدَأتْ بِهَزْلٍ وانتهتْ بمُزاحِ |
أنا مَنْ يَرَى عَيْبَ الصَّدِيقِِ فَضيلةً. |
والصَّابَ مِنْ يَده حَلاوةَ راحِ |
يا لَيْتَ قَلْبِي جَلْمَدٌ أوْ لَيْتَ لي. |
في الفاجِعاتِ مَدَامِعَ التِّمْساحِ |
في كُلِّ يَوْمٍ لِي التفاتةُ طائرٍ |
قَلِقٍ على أتْرابِهِ مُلْتاحِ |
يَخْشَى عليهم رَمْيةَ الصَّيادِ أوْ |
يَخْشَى عليهم خِدْعَةَ الفَلاَّحِ |
ما إنْ أُشَيِّعُ باللَّواعجِ صاحباً |
حتى يقومَ على أخيه نواحي |
بالأمْس رَوَّعني البريدُ بِبُلْبُلٍ |
غَرِدٍ برَغْم قُيودِهِ مِمْراحِ
(1)
|
هَزّت أغانيه النُّجوم ورَقّصَتْ . |
زَهْرَ الرُّبَا وحَمائم الأدْواحِ |
آسَى ببسَمْتِه جِراح طُفولَتي |
ورَعَى برأفَتِه طَرِيَّ جَناحي |
لبنانُ جَنَّحَهُ فحلَّى باسْمِه |
جِيدَ الربيعِ ودُفَّةَ المَلاَّحِ |
هَدَرَ الحديدُ على مساربِ أيْكِه. |
فشآه بالتَّغْريدِ والتَّصْداحِ |
وتكاثَفَتْ سُحُب الدُّخان فشَقَّها. |
بمواكبٍ مِنْ نورهِ اللَّماحِ |
لَمْ يَجْتَمِعْ شَمْلِي بِهِ لكنَّما |
جَمَعَتْ هوانا قُرْبةُ الأرْواحِ |
واليومَ يَفْجَعُني النَّعِيّ بصاحبٍ. |
هُوَ مِنْ خِيار الأخْوةِ الأقْحاحِ |
أحْنَى عليَّ مِنَ الربيعِ على الرُّبَا. |
وأَحَنُّ مِنْ ظلِّ الضُّحَى الفَيّاحِ |
طابَتْ كأحْلام الهَوَى أخْلاقُه |
وزكَتْ كأنفاسِ الشَّذا الفَوَّاح. |
جَرّبْتُه فبَلَوْتُ مِنْ أعْماله |
ما شِئْنَ مِنْ وطنيةٍ وسَماحِ |
صُلْبُ العَقيدةِ لاَ تلين قَناتُهُ |
في الحَقِّ يَدْفَعُ دونَه ويُلاحي |
صافي السريرة راضياً أوْ غاضباً. |
عَفُّ اللِّسان حِيال كلٍّ وَقاحِ |
أفْنى على حَرَمِ الجهادِ شَبابه |
وَسَخا بحبَّة قَلْبِهِ النَّفَّاحِ |
لا تَسألوا عنه الَمِلاح بَلِ اسألُوا. |
ساحَ المَعالي أوْ أُسودَ السَّاحِ |
لَمْ يُغْرهِ جاهٌ وَلَمْ يَسْتَهْوهِ |
مَجْدٌ كأوهامِ الطُّفولَةِ ضاحِ |
ما دامَ مُرْتاحَ الضميرِ فإنَّه |
راضي الفؤادِ بقِسْمة المَنَّاحِ |
شَرٌّ مِنَ الحِرْمان ثَرْوة فاجرٍ |
شاهَتْ مصادرُها، وجَاهُ إباحي. |
وأجَلُّ مِنْ قَصْر الأمير ويَخْتِه |
كُوخُ الأديبِ وَخيْمة الفَلاّحِ |
* * * |
شيخُ النُّسورِ عليكَ ألْفُ تحيةٍ |
رَفّتْ عبيرَ بنَفْسَجٍ وأقاحي |
عَقّتْ جَميلَكَ بيئةٌ مَشْغُولةٌ |
بسَفاسفِ الأطْماع والأطْماحِ |
تُضْفي على النُّعَّاب وارفَ ظِلِّها. |
وَتَضِنُ بالمَرْحى على الصُّدَّاحِ . |
لو كان جَيْبُك لا فُؤادكَ عامِراً. |
لبَكَتْ علَيْك بدَمْعِها السَّحَّاحِ. |
وَلَنكَّسَتْ أعْلامَها مِنْ حَسْرةٍ |
وَطَوتْ عليكَ مَجالسَ الأقْداحِ. |
عَفْواً أخي، عَفْواً نَجّي الروح إنْ. |
طالَعْتَ فِي وَجْهِي سِماتِ اللاَّحي. |
عَلّمتَنِي صَبْر الكَريم على الأذى. |
وَرَبَطْتَ بالصَّفْحِ الجميلِ سَراحي. |
لكنَّ ثَوْرة كِبْريائي حَطَّمَتْ |
قَيْدي فأُفْلِتَ مِنْ يَديَّ جِماحي. |
لَيَحُزُّ في نَفْسي ضَياعُ مُجاهدٍ |
نَذَرَ الحياةَ لِثَوْرَةِ الإِصْلاح |
* * * |
لبنانُ عادَ إليكَ مِنْ تَجْواله |
وَجْهٌ أغرّ كَوَجْهِكَ الوضّاح |
أَعَرَفْته أمْ غَيَّرتْهُ غُرْبَةٌ |
ألْقَتْهُ بَيْنَ مَخالبٍ ورِماحِ؟ |
أَطْلَقْتَه فَرْخاً فدونك قَشْعَماً |
يَطْوي الذُّرى بجَناحه السبّاحِ |
إنْ لم يَكُنْ مَثَواه فيكَ فروحُه |
رَكِبَتْ إليك مَطِيَّة الأرْياحِ |
أقْبِلْ على الحَسُّون تَسْمَعْ صَوْتَه. |
وابْحَثْ تَجِدْه في الشَّذَا الفَوَّاحِ |