سَلِمْتَ لصاحِبِكَ الشاكرِ |
وهادَنَك الدَّهْرُ يا شاعري |
وأَشْرقْتَ نوراً على المُستجيرِ |
وزَمْجَرْتَ ناراً على الجائرِ |
أتاني كتابُك طَلْقَ المُحَيّا |
فَهشّ لطَلْعتِه خاطري |
أثارَتْ لآلِئُه كِبْريائي |
فتِهْتُ على القَمَرِ الزاهرِ |
أقبِّلهُ بخُشوعٍ كأنِّي |
وَقعْتُ على الحَجَر الطاهِر |
ولو أستطيعُ لأنْزَلْتُه |
بقَلْبِي وبوّأتُه ناظري |
قَضَيْتُ بصُحبته سَهْرتي |
فكانَ سَلاماً على الساهرِ |
عَجِبْتُ لِطِرْسٍ يَضُمّ الربيعَ |
وَيحْوي الجمالَ بلا آخرِ |
أشمّ الفُراتَ بأنفاسِه |
وأهْفو لِطَيْفِ الحِمَى الزائرِ |
وأحسَبُني في ربوعِ الشآمِ |
أحُوم على رَوْضها الناضرِ |
وأذْهبُ في الوَهْم دونَ قُيودٍ |
فأسْمرُ فيها مَعَ السامرِ |
وأنْشُدُ شِعْرك سِحراً حَلالاً |
فَيْصْطَفِقُ الحيُّ للساحرِ |
تنزّهْتَ عَنْ تُرّهات الجديدِ |
وأعْرَضْتَ عن نَهْجه الفاجرِ |
فقُلْ للخافيش أنْ يَخْتَفوا |
لَقَدْ طَلَع الفَجْر للناظِرِ |
جَنَيْتُم على الشِّعْر فاسْتَغْفروه |
عَسَى أنْ يمدّ يَدَ الغافرِ |
إذا كانَ ما تلدونُ بيَاناً |
فصَلُّوا على رَحِم العاقِر! |
* * * |
هَزارَ الفُراتَيْن يَا مَرْحباً |
حَنانُك بالقَلَم العاثرِ |
تَرَطَّنَ هَذا اللَّسانُ الفَصيحُ |
وشَاعَ التَّرَطُّنُ في سائري |
فلا تَعذِلَنّ أخاك الغريبَ |
إذا لَمْ يُحَلِّقْ مَعَ الطائرِ |
لكُنْتُ لَزِمْتُ السكوتَ حَياءً |
بمَنْفاي لَوْ لَمْ تكُنْ عاذِري! |