بدَمْعةِ اليأس غَصَّتْ بِنْتُ عَدْنانِ. |
رُويح فِدَى قَطرَةٍ مِنْ دَمْعها القاني. |
يا آل وُدِّيَ – والآمالُ تَجْمعُنا - . |
هَلاَّ استجبْتُم لشكْواها وأشْجاني؟. |
لأنتمُ خَيْرُ مَنْ يُرجَى لنَجْدَتِها |
لا خابَ ظَني في الجُلَّى بإخْواني. |
تَغَرَّبَتْ معَكُم في كلِّ دَسْكَرةٍ |
ورَافَقَتْ سَعْيَكُم في كلِّ مَيْدانِ. |
كانَتْ وسيلَتُكم للمَجْدِ تَرْفُدُكُم. |
بعِدّةِ النَّصْرِ مِنْ جدٍّ وإيمانِ |
كانَتْ لكم وَطَناً في دار غُرْبتِكُمْ. |
تَحْدُو خُطاكُم وَترْعاكُمْ بتَحْنانِ. |
كانَتْ تَبُثُّ إلى الأوْطان شَوقَكُمُ. |
وتَحْمِلُ الشَّوْقَ مِنْ أهْلٍ وأوْطانِ. |
فلا تَخونُوا لها عَهداً فَليْسَ لها |
إلاّكُمُ سَنَداً في رَبْعِها الثاني |
تَكادُ تَحْرِقُ أضْلاعِي بِزَفْرَتِها |
وَتَزْرَعُ اللَّهْفَةَ الظَمْأى بأجْفاني. |
قالَتْ - وقَدْ عَصَفَتْ ريحُ السَّمومِ بها. |
وعَضَّها مِنْ صُروف الدَّهْرِ نابان - . |
لَمْ تُنْكروني لمَّا كُنْتُ كابيةً |
لا تُنْكِروني في عِزِّي وسُلْطاني |
جَدَّدتُ ما شاخ مِنْ عَزْمي وعافيتي. |
وانسابَ نُوَّارُ في جَذْعي فأحْياني. |
لَمْ يَسْتَطِعْ مَدْفَعُ الغازي ونِقْمَتُه. |
أنْ يَهْدِما – رَغْم طولِ العَهْدِ – بُنْياني. |
ولا استطاع الأُلَى في نَفْسِهم مَرضٌ. |
أنْ يَزْرَعوا الشَّكَّ في حُسْني وإحْساني. |
وَسِعْتُ فَلْسفَةَ اليونانِ وازْدَهَرَتْ. |
حَضارةُ الفُرْس في حَقْلي وبُستاني. |
أخَذْتُ مِنْهم ولكنِّي رَدَدْتُ لهم. |
فَضْلاً بِفَضْلٍ وعِرفاناً بِعرْفانِ |
وقُلْتُ قَلْبي وديواني لِمَنْ ظَمِئوا. |
فَلْيَشْرَبِ الناسُ مِنْ قَلْبي وديواني. |
وحينَ أظْلَمتِ الآفاقُ واضْطَرَبَتْ. |
فجَّرْتُ أنوارَ إنْجيلي وقُرآني |
فَكَيْفَ تُسْلِمُني للموتِ جاليةٌ |
تَرْقَى لعدنانَ أوْ تُعزَى لغسَّان؟. |
إن تُهملوني فلَنْ تُجْدي متاجِرُكم. |
لولايَ كنتم كتاباً دونَ عُنْوان. |
* * * |
يا بنتَ عَدْنَان إنَّ الليل يَعْقُبُه |
- مما أدلهمَّ ومهما طال – فَجْرانِ. |
فلا تَنامي على يأس ولا وَجَلٍ |
اليأسُ وَالْخوفُ للأخْرى طَريقانِ. |
إنِّي لأسمعُ عَبْر الأُفْقِ زَغْرَدَةً |
فاسْتَبْشرِي بِغَدٍ يا بِنْتَ عَدْنانِ!. |