نَشَأتُ – وما أزالُ – على هَواها. |
فلَسْتُ أُحِبُّ في الدنيا سِواها |
ولا أسْتَرْوِحُ النَسَماتِ إلاّ |
إذا هبَّتْ تُدَنْدِنُ مِنْ رُباها |
ولا أستَعْذِبُ الأمْواهَ إلاّ |
إذا مَرّتْ على ذاكي ثَراها |
ولا يَحْلو لديَّ الشِعْرُ إلاّ |
إذا استَوْحَى المعاني مِنْ سَماها |
بلادي – والحنينُ إلى بلادي |
يَذودُ لَظاهُ عن عَيْني كَرَاها |
أأطْمَعُ بالرُّجوعِ إليك يَوْماً |
فَتنْقَعُ مُهْجَتي الحرَّى صَدَاها؟ |
هَجَرْتُ مَلاعبي تَحْدُو رِكابي |
مَطامِعُ ضاعَ ظَنِّي في مَداها |
وبَيْنَ جَوانحي أمَلٌ يُريني |
تهاويلَ السرابِ غِنىً وجاها |
فَلَمْ أسْمعْ حَفيف المَوْج حتَّى |
تَهَاوَتْ مُهْجَتي ووَهَتْ قِواها |
ولَمْ أشْهَدْ مَسيرَ الفُلْكِ حتَّى |
تَزَلْزَلَ صَرْحُ آمالي وَشَاها |
ولَمْ أذْكَرْ دُموعَ الأمِّ حتى |
ودِدْتُ لَوَ إنَّما رُوحي فِداها |
فيا شَوقي إلى تِلْكَ المغَاني |
ويا ظمأ الفُؤادِ إلى نِداها! |
ويا وَجْدي إلى عَهْدٍ كَسَتْه |
حَماقاتُ الصِّبا أزْهى حُلاها |
زمانُ أطيرُ مِنْ غاب لغابٍ |
وأستَبقُ الفَراش إلى جَناها |
وأهْزأ بالمعلِّم وَهَوَ لاهٍ |
وأعْبَثُ بالمدير إذا تلاهَى |
وأحْشُدُ مِنْ صغارِ الحيِّ جَيْشاً. |
يُعَفّر تَحْتَ سُلطاني الجِباها |
على خَيْلٍ مِنَ القُضْبانِ دُهْمٍ |
زَكَتْ أصلاً وإنْ جَهِلَتْ أباها |
أغيرُ بهم على الكرّام لَيْلاً |
وَنَقتَحِمُ الفَلاة على ظِباها |
ونَكْمُنُ للطُّيورِ على الروَابي |
ونَقْتَنصُ الأفاعي في كُواها |
ونَبْني مِنْ رُكام الثَّلْجِ بَيْتاً |
إذا مَا الشمسُ مَسَّتْهُ تَوَاهَى |
حياةٌ لا يُعَكِرُها اضْطرابٌ |
ولا يُبْدو عُبوسٌ في فَضاها |
مَضَتْ كالحُلْم لَمْ يَفَتَرّ حتَّى |
طَوَتْه اليَقْظَة الشُّؤْمى وراها |
* * * |
يقولُ لي الصِحابُ كفَاك تَهْذي. |
فقَدْ أشْبَعْتنا آهاً وواها |
أتَشْكو الضَّيمْ – وَيْحَك – في بلادٍ. |
تَمَاوج بالبَشاشَةِ جانباها |
تَمُدُّ إلى الشريدِ يَدَيْ كَريم |
وَتَحْتَضِنُ الطَّريدَ إذا رَجاها |
وتَمْسَحُ دَمْعةَ العاني بكفٍّ |
يَكادُ يَفيضُ في الدنيا نَداها |
لأنْتَ أعقُّ مَنْ حَمَلَتْه أرضٌ |
أكْفَرُ مَنْ تُظلِّل في لِواها |
بَني أمِّي كفَاكم لا تَزيدوا |
على نَفْسِي وَتنْتَهكوا أساها |
أيُرْمَى بالعقُوق فتىً شَجَتْه |
طُفولَتُهُ فحَنَّ إلى حِماها |
أيَجْحَدُ نِعْمَةَ الآسي عَليلٌ |
رَجَا في ساعة اليَأس الإِلها |
أحِنُّ إلى حِمايَ وأشتهيه |
ومَنْ يَهْجُرْ رُبَى الْخُلدِ اشتهاها. |
إلهي لَيْسَ لي رَبٌّ يَقيني |
سِوَاكَ إذا الخُطوبُ فَغَرْنَ فاهَا. |
حُرِمْتُ مِنَ التَّمتعِ في بلادِي |
فلا تَحْرِمْ رُفاتي مِنْ ثَراها |