شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
رُبَا الخلد!
نَشَأتُ – وما أزالُ – على هَواها.
فلَسْتُ أُحِبُّ في الدنيا سِواها
ولا أسْتَرْوِحُ النَسَماتِ إلاّ
إذا هبَّتْ تُدَنْدِنُ مِنْ رُباها
ولا أستَعْذِبُ الأمْواهَ إلاّ
إذا مَرّتْ على ذاكي ثَراها
ولا يَحْلو لديَّ الشِعْرُ إلاّ
إذا استَوْحَى المعاني مِنْ سَماها
بلادي – والحنينُ إلى بلادي
يَذودُ لَظاهُ عن عَيْني كَرَاها
أأطْمَعُ بالرُّجوعِ إليك يَوْماً
فَتنْقَعُ مُهْجَتي الحرَّى صَدَاها؟
هَجَرْتُ مَلاعبي تَحْدُو رِكابي
مَطامِعُ ضاعَ ظَنِّي في مَداها
وبَيْنَ جَوانحي أمَلٌ يُريني
تهاويلَ السرابِ غِنىً وجاها
فَلَمْ أسْمعْ حَفيف المَوْج حتَّى
تَهَاوَتْ مُهْجَتي ووَهَتْ قِواها
ولَمْ أشْهَدْ مَسيرَ الفُلْكِ حتَّى
تَزَلْزَلَ صَرْحُ آمالي وَشَاها
ولَمْ أذْكَرْ دُموعَ الأمِّ حتى
ودِدْتُ لَوَ إنَّما رُوحي فِداها
فيا شَوقي إلى تِلْكَ المغَاني
ويا ظمأ الفُؤادِ إلى نِداها!
ويا وَجْدي إلى عَهْدٍ كَسَتْه
حَماقاتُ الصِّبا أزْهى حُلاها
زمانُ أطيرُ مِنْ غاب لغابٍ
وأستَبقُ الفَراش إلى جَناها
وأهْزأ بالمعلِّم وَهَوَ لاهٍ
وأعْبَثُ بالمدير إذا تلاهَى
وأحْشُدُ مِنْ صغارِ الحيِّ جَيْشاً.
يُعَفّر تَحْتَ سُلطاني الجِباها
على خَيْلٍ مِنَ القُضْبانِ دُهْمٍ
زَكَتْ أصلاً وإنْ جَهِلَتْ أباها
أغيرُ بهم على الكرّام لَيْلاً
وَنَقتَحِمُ الفَلاة على ظِباها
ونَكْمُنُ للطُّيورِ على الروَابي
ونَقْتَنصُ الأفاعي في كُواها
ونَبْني مِنْ رُكام الثَّلْجِ بَيْتاً
إذا مَا الشمسُ مَسَّتْهُ تَوَاهَى
حياةٌ لا يُعَكِرُها اضْطرابٌ
ولا يُبْدو عُبوسٌ في فَضاها
مَضَتْ كالحُلْم لَمْ يَفَتَرّ حتَّى
طَوَتْه اليَقْظَة الشُّؤْمى وراها
* * *
يقولُ لي الصِحابُ كفَاك تَهْذي.
فقَدْ أشْبَعْتنا آهاً وواها
أتَشْكو الضَّيمْ – وَيْحَك – في بلادٍ.
تَمَاوج بالبَشاشَةِ جانباها
تَمُدُّ إلى الشريدِ يَدَيْ كَريم
وَتَحْتَضِنُ الطَّريدَ إذا رَجاها
وتَمْسَحُ دَمْعةَ العاني بكفٍّ
يَكادُ يَفيضُ في الدنيا نَداها
لأنْتَ أعقُّ مَنْ حَمَلَتْه أرضٌ
أكْفَرُ مَنْ تُظلِّل في لِواها
بَني أمِّي كفَاكم لا تَزيدوا
على نَفْسِي وَتنْتَهكوا أساها
أيُرْمَى بالعقُوق فتىً شَجَتْه
طُفولَتُهُ فحَنَّ إلى حِماها
أيَجْحَدُ نِعْمَةَ الآسي عَليلٌ
رَجَا في ساعة اليَأس الإِلها
أحِنُّ إلى حِمايَ وأشتهيه
ومَنْ يَهْجُرْ رُبَى الْخُلدِ اشتهاها.
إلهي لَيْسَ لي رَبٌّ يَقيني
سِوَاكَ إذا الخُطوبُ فَغَرْنَ فاهَا.
حُرِمْتُ مِنَ التَّمتعِ في بلادِي
فلا تَحْرِمْ رُفاتي مِنْ ثَراها
 
طباعة

تعليق

 القراءات :422  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 74 من 665
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج