رُدّوا إليَّ فَصاحتي وبَياني |
يا خانِقين بجُودِكُم ألْحاني |
ما خانَني قَلْبي، ولكنْ خانَني |
في وَصْفِ آلاءِ الرَّبيعِ لِساني |
أَوَلَيْسَ تُشْجيكم رَطانةُ شاعرٍ |
حَيْران بَيْنَ الحُور والوِلْدانِ؟ |
رَقَص الجمالُ على الرُّبَا فتضاحَكَتْ. |
رُوحي، ورَفّ على خُطاه جنَاني. |
لكنَّني لمَّا استَعَنْتُ بريشَتي |
أدْرَكْتُ أني فاضحٌ شَيْطاني |
عُذْري، وقَدْ قصَّرتُ في مِضْماركم. |
أني أغالبُ حَمْلَة الطوفانِ |
أنا مِنْ سَخاء نُفوسِكُم في جَنَّةٍ. |
ويَداي بَيْنَ الرَّاحِ والرَّيْحانِ |
هَلْ طابَ إلاَّ فيكُمُ شَدْوي، وهَلْ. |
كَفْكَفْتُ إلاَّ بَيْنكم أشْجاني؟ |
جارَ الزمانُ عليَّ ثم أمِنْتُه |
لمَّا نشرتُ بظلِّكم سُلْطاني |
إنِّي لأهْزأ بالقُيودِ تَعَضُّني |
وَتُغِلُّ عُنْقي بَسْمةُ استِحْسانِ |
ولَقَدْ أضيقُ بمادحٍ مُتكَلِّفٍ |
وتُثيرُ حَمْلةُ صادقٍ عِرْفاني |
أنَّي ذهبتُ سَعَى إليَّ جميلُكم |
كالشمسِ تَغْمُرني بكلِّ مَكانِ |
أأقولُ أزْهارُ الرياض حِسانُكم. |
أخْطأتُ في التَّشْبيه والتِّبْيانِ |
الزَّهْرُ يَذْهَبُ في الخَريفِ بَهاؤه. |
وزُهورُ حِمْصَ يَعِشْنَ في رَيْعانِ. |
إنْ يَخْتَلِفْنَ فكُلُّهنَّ "بُثَينةٌ" |
رَغْم اختلاف العِطْر والألْوانِ |
يُخْمِدْنَ باليُمْنى رُعونة ثائرٍ |
ويُثِرنَ باليُسْرى حميّة وانِ |
تَغْريدُهنَّ إذا غَضِبْنَ زَمازمٌ |
وهَزيمُهنَّ إذا رَضين أغاني |
حَوَّلنَ صَحْراء الحياةِ حَديقةً |
وَجَعَلْنَ بَسْماتِ السماءِ مَجاني. |
آمنْتُ – لما أسْكَرتَني نَفْحَةٌ |
مِنْ رَوْضِهنَّ – بجنَّةِ الرحمانِ |
يا مَنْ يُفاخِرُني بِعزَّة قَوْمِه |
مَنَع الرسولُ عبادةَ الأوثانِ |
الجاهليةُ أدْبرتْ، وتَقَلَّصَتْ |
أسطورةُ الأسْيادِ والعُبْدانِ |
لا أعرفُ الإِنسانَ في سَرّائِه |
وبَلائه إلاَّ أخا الإِنسانِ |
لكنْ إذا عتَزَّ البُغاثُ فإنَّ لي |
نَسَباً يَمتُّ إلى بني غَسَّانِ |
هذي الوجوهُ الضاحكاتُ وجوهُهُم. |
ويَموجُ في بَرَدَى شَذَا حَسَّانِ |
يَنْشقُّ عن شِعْري الصباحُ ويَزْدَهِي. |
جيدُ الضُّحَى بزُمرُّدي وجُماني. |
قَسماً بِخالِقِ ظبْيةٍ عربيةٍ |
تَخْتال في قَلْبي وفي أجْفاني |
سَمَّيتُها غَلْواءَ صَوْناً لاسمها |
مِنْ نابِ هاذرةٍ وظُفْر جَبانِ |
إني لأشْعُرُ أنَّ عِزِّي عِزُّكُم |
وهوانُكم في النائباتِ هَواني |
أبْكي فيجْري خَلْفَ دَمْعُكم |
وتُهَلِّلون فتَنْتهي أحْزاني |
أنا سَعْفةُ الزَّيتونِ في أعيادِكم |
وحُسامكم في حَوْمة البُرْهانِ |
كُرْمَى لِمَا أشْتَمُّ مِنْ رَيْحانِكم |
لأجُرَّ ذيلَ الصَّفْحِ عَنْ ظِرْبَانِ |
ما دُمْتُ أقْتَحِمُ المجاهلَ باسمِكم. |
مَنْ ذا يُجاريني مِنَ الأقْرانِ؟ |
اللهُ يشهدُ ليس لي في مَدْحِكم |
غَرَضٌ إذا أبْدَيْتُه أخْفاني |
المالُ في نَظَري هَواء أصْفَرٌ |
يُصْمي جناحَ الشاعرِ الروحاني. |
قارونُ مِنْ طينٍ فلا يَكْبرْ على |
راعي الشِّياه وسائقِ الأظْعانِ |
كَمْ في قُصورِ الأغْنياء فواجِعٌ |
سودٌ وفي الأكْواخ بيضُ أماني |
قَدْ تَشْتري بالمالِ ألْسِنَة الوَرَى. |
وَتَظلُّ عِنْدَهُم الأثيمَ الجاني |
مَنْ كانَ يَصْطَنِعُ المديحَ بأُجْرةٍ |
سَهْلٌ عليه الشَّتْمُ بالمجَّانِ |
* * * |
يا جيرةَ العاصي رَفَعْتُم للعُلا |
صَرْحين مِنْ أدبٍ ومِنْ إحْسانِ. |
يبني سِواكم للزَّوالِ، وأنتمُ |
تَبْنون للأجْيال والأزْمانِ |
ويَغيثُ غيرُكمُ القَريبَ وعِندَكم. |
لا حَدَّ يَفْصِلُ قاصياً عَنْ دانِ |
ليس الذي يُعطيكَ مَدْفوعاً كَمَنْ. |
يُعطيك عَفْوَ الطَبْع والوجْدان |
وإذا النفوسُ على الجميلِ تزاحَمَتْ. |
مَيَّزْتَ بَيْنَ الزُّورِ والإِيمانِ |
كَفِّي التي بَذَلَتْ تَعيشُ غَنيَّةً |
ويَدي التي جَمَعَتْ لَفِي حِرْمانِ. |
هذا البناءُ المشْمَخِرُّ على الذُّرَا. |
إنْ لَمْ تُخَلِّدْه الفَضيلةُ فانِ |
أيانَ سِرْتُم فالقلوبُ منازلٌ |
لكُم، وحبّاتُ القلوبِ دوَانِ |
لا يَجْمَعُ الإِنسانُ مِنْ بُسْتانه |
إلاَّ الذي يُلْقيه في البُسْتانِ |
لَوْ لَمْ تكونوا في المَكارِمِ قُدْوةً |
لَمْ تَنزلوا أهْلاً على إخْوان |
* * * |
باسمي وباسمِ عَشيرتي لا تَعْتَبوا. |
إنْ شاهَ تَصْداحي وساءَ بيَاني |
ضَيَّعْتُ في حَرْبِ التجارة عُدَّتي. |
فَتَهَجَّأُوا في دَمْعتي شُكْراني |